الأخبار

وجوه المرحلة الانتقالية تدفع إلى تدويل الأزمة في الجزائر

وجوه المرحلة الانتقالية تدفع إلى تدويل الأزمة في الجزائر

تفاقم الغضب الشعبي من شيطنة الحراك السلمي في العواصم الغربية، ولافروف يدعم السلطة ويحذر من التدخل الخارجي.

أجمعت ردود الفعل الأولى على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، على هامش لقائه بنائب رئيس الوزراء الجزائري رمطان لعمامرة في موسكو، على أنها تدخل في الشأن الداخلي للبلاد، ومحاولة من السلطة القائمة لتدويل الحراك الجزائري لدى العواصم الدولية والإقليمية.

الجزائر – وصف رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب طلائع الحريات المعارض علي بن فليس الجولة الدبلوماسية التي شرع فيها نائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة إلى عدد من العواصم الغربية، بأنها “محاولة من السلطة لتدويل الأزمة الداخلية “، وأن التصريح الذي أدلى به سيرجي لافروف “تدخّل سافر في الشأن الداخلي”.

وحذر وزير الخارجية الروسي، في الندوة الصحافية التي عقدها أمس الثلاثاء، رفقة رمطان لعمامرة في موسكو، من “أي تدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية”، وعبر عن دعم بلاده لخارطة الطريق التي أطلقتها السلطة، من أجل تحقيق الانتقال السياسي في البلاد.

وقال “لقد قام الزميل الجزائري بإطلاعنا على الوضع في الجزائر، وشاركنا خطط قيادة البلاد في المستقبل القريب، ونحن ندعم هذه الخطط، ومن المهم بشكل خاص أن تحترم جميع الدول الأخرى مواثيق الأمم المتحدة بطريقة مقدسة، وأن تمتنع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية للجزائر”.

وأضاف “على الشعب الجزائري أن يقرر مستقبله ومصيره على أساس الدستور، ووفقا للمعايير القانونية الدولية، ونعول على قدرته على استقرار الوضع في هذا البلد الصديق، من خلال الحوار الوطني على أساس احترام الدستور الجزائري، وبالطبع، احترام جميع الأطراف المعنية لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

وأثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي، غضبا كبيرا لدى الشارع الجزائري، حيث عبر الأطباء والممرضون وموظفو قطاع الصحة الثلاثاء، في المسيرات الاحتجاجية التي انتظمت في العاصمة وعدد من المدن والمحافظات، عن رفضهم الشديد للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد، وعن استهجانهم لمخطط السلطة الرامي إلى تدويل الحراك الشعبي، وتقديم صورة مشوهة عنه في العواصم العالمية والإقليمية.

ورفع المحتجون وناشطون في شبكات التواصل الاجتماعي شعارات “الخيانة والعمالة” لرموز السلطة، واتهموها بـ“الاستقواء بالخارج على شعبها المسالم”، ودعت العديد من الصفحات في الفيسبوك، إلى الرد بقوة على مخطط التدويل خلال المسيرات الشعبية المنتظرة الجمعة القادم.

الحراك الذي تشهده البلاد سلمي، ومطالبه واضحة ولا تستدعي الاستقواء بالدول الغربية بأي شكل من الأشكال

وأردف رئيس حزب طلائع الحريات المعارض بأن “استعانة السلطة برجلين دبلوماسيين، كان منذ البداية يستهدف الرمي بمقاربة السلطة لحل الأزمة الداخلية، لكسب دعم وتعاطف بعض القوى والعواصم، على حساب صوت الملايين، خاصة بعد أن عبرت عدة جهات في الرأي العام الدولي والغربي تحديدا، على ضرورة احترام إرادة ومطالب الجزائريين في تحقيق انتقال سياسي سلمي في البلاد”.

وذكرت مصادر دبلوماسية، أن الجولة التي شرع فيها رمطان لعمامرة، إلى عدد من العواصم الغربية، تستهدف إقناع الشركاء التقليديين بضمان السلطة القائمة لمصالحهم، مقابل الحصول على دعمهم في مخطط الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي، وأن زيارته لروما وموسكو، ترمي لطمأنة قيادة البلدين خاصة روسيا التي امتعضت من خارطة الطريق التي رسمت برعاية فرنسية أميركية في باريس ودون إعلام الروس.

وقال سيرجي لافروف في هذا الشأن إن “التعاون الروسي الجزائري من أجل دعم الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا، يقع بالدرجة الأولى على حكومات المنطقة، ونحن من جانبنا على أتم الاستعداد لدعم هذه الجهود، وكما قلت سابقا نقدر تقديرا عاليا الجهود الجزائرية الساعية لحل الأزمات في الدول المجاورة ومن ضمنها ليبيا”.

ووصف الوزير والدبلوماسي السابق عبدالعزيز رحابي، في منشور له على صفحته الرسمية، تصريحات سيرجي لافروف، بـ”غير المقبولة، ويصب في سعي السلطة لتدويل أزمتنا السياسية والالتفاف على مطالب الشعب”.

وأضاف “حقا روسيا بلد صديق وحليف، ولكن لا يجب أن تتدخل في شؤوننا الوطنية بتأييد خطة بوتفليقة التي تمثل الخطر الأساسي لضرب استقرار الجزائر بمصادرة إرادة الشعب”.

وفي نفس السياق ذهبت منظمة المجاهدين ( قدماء المحاربين )، التي استهجنت ما وصفته بـ“مخطط السلطة لتدويل الأزمة الداخلية، وأن ما يحدث في البلاد هو شأن جزائري محض، لا يستدعي تدخل أيّ قوة أجنبية مهما كانت علاقتها بالجزائر”.

وشددت على أن “الجيش والأمن والشعب خاوة خاوة ( إخوة، إخوة )، ولا يمكن لأي طرف أجنبي أن يتدخل في شؤوننا الداخلية”.

Thumbnail

ومن جهته وصف الوزير والدبلوماسي السابق حليم بن عطاءالله، حملة رمطان لعمامرة في العواصم الغربية، بـ“الخطوة الدبلوماسية الخاطئة وغير المبررة وغير المفهومة، والأجدر كان تقوية الجبهة الداخلية والبحث عن حلول بدل الاستنجاد بالخارج، والحراك الذي تشهده البلاد سلمي والمطالب محددة وواضحة، لا تستدعي الاستقواء بالدول الغربية أو تدويل القضية بأي شكل من الأشكال”.

وقال “تصريحات لافروف، تحمل رسالتين: الأولى، أن موسكو تنظر إلى الجزائر اعتبارا من وضعها الداخلي. والثانية، أنه ليس من مصلحة روسيا تدهور الوضع في بلادنا، وأن روسيا تُواجه صراعات كبيرة مع الولايات المتحدة الأميركية وحتى فرنسا، وبالتالي هي لا ترغب في أن تدخل الجزائر في أزمة طويلة المدى، كما أنها لا تريد أي تدخل خارجي، لأن حصول هذا السيناريو يعني أنها ستكون أمام جبهة جديدة، بعد ما حدث في سوريا”.

ولفت في تصريحه لموقع “تي.أس.أي” إلى أن “أول خطوة لحلحلة الأزمة، تكمن في رحيل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعدم بقائه في الحكم لفترة أخرى، وبوتفليقة هو من قام بالانقلاب على الإرادة الشعبية بعدم انسحابه وتأجيله الانتخابات”.

وجدد رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض محسن بلعباس، رفض حزبه لمحاولات تدويل الشأن الداخلي في العواصم الأجنبية، وأن التهم التي كانت توجهها السلطة للناشطين والمعارضين ووصفهم بـ“الأيادي الخارجية”، ها هي تثبت الآن أمام الرأي العام، أن السلطة هي الأيادي الخارجية، وهي التي تستقوي بالأجانب على شعبها، وأن التصريحات المتداولة في باريس وموسكو، هي تدخّل سافر في الشأن الداخلي.

وفي سياق ردود الفعل الأجنبية، أعلنت، وزارة الخارجية الصينية، عن “أمل بكين في رؤية الجزائر تتقدم بسلاسة في برنامجها السياسي، وأن استقرارها يحقق المصلحة الأساسية لشعبها والسلام في المناطق المجاورة، وأن الصين تتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى