الأخبار

بغداد لأكراد العراق: انزعوا أشواككم بأيديكم

أربيل (العراق) – يواجه إقليم كردستان تصعيدا إيرانيا وتركيا خطيرا، فيما لا تبدي السلطة المركزية في بغداد أدنى اهتمام بما يجري في هذا الجزء الواقع في شمال العراق، وكأنها تريد إيصال رسالة للأكراد: انزعوا أشواككم بأيديكم.

وبدأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الاثنين زيارة إلى الأردن في أولى جولاته الخارجية منذ توليه المنصب في أكتوبر الماضي، وذلك لإجراء مباحثات مع الملك عبدالله الثاني تتناول تعزيز علاقات بلديهما في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.

وتزامنت هذه الزيارة مع تعرض محافظات إقليم كردستان لهجمات إيرانية وتركية، ولم يكلف السوداني نفسه عناء توجيه أي انتقاد أو تنديد بتلك الهجمات، وكأن ما يحصل يجري خارج أراضي العراق.

فيما اقتصرت وزارة الخارجية التي يتولاها السياسي الكردي فؤاد حسين على إصدار بيان مكرر، بعد ساعات من الهجوم الإيراني، عبرت من خلاله عن رفضها لما يتعرض له إقليم كردستان، معتبرة أن الهجمات الإيرانية والتركية على الإقليم خرقا للسيادة العراقية.

 

ناصر كنعاني: نأمل أن لا نضطر إلى اتخاذ إجراءات رادعة

 

وترى أوساط سياسية عراقية أن هذا الموقف الرسمي “المتخاذل” حيال ما يجري في إقليم كردستان ليس مفاجئا، خصوصا وأن الحكومة الحالية هي بالأساس “صنيعة إيرانية” بتعاون تركي، وبالتالي من غير المنتظر رؤية أي موقف جدي يدين هذه التدخلات الإيرانية والتركية.

وتشير الأوساط إلى أن حكومة مصطفى الكاظمي السابقة رغم أنها لم تكن تملك أيا من أدوات التأثير لكنها كانت تحرص على الإعراب عن رفضها للانتهاكات الحاصلة للسيادة العراقية وتلوح باللجوء إلى الأمم المتحدة، لكن مع حكومة السوداني الوضع مختلف، ومن غير المستبعد رؤية تحرك من بغداد للضغط على الإقليم بشأن مطلب طهران.

وأكد الحرس الثوري الإيراني الاثنين أن قواته شنّت ضربات على مجموعات المعارضة الكردية الإيرانية المتمركزة في كردستان العراق المجاورة.

وقال في بيان إن “قواعد تدريب الجماعات الإرهابية الانفصالية المناهضة لإيران، وبقية مقرّات مرتزقة الاستكبار العالمي استُهدفت منذ الصباح بسلسلة جديدة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة من قبل القوات البرية للحرس الثوري”.

وأضاف البيان “خلال هذه الهجمات التي نفّذت في المناطق الشمالية من العراق، ولاسيما مخيمات جيزنيكان وزرغيز ومدينة وكويسنجق، استُهدف الإرهابيون وتكبّدوا خسائر فادحة”.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، إنّ بلاده تأمل في “عدم استخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران”.

وأضاف كنعاني “نتوقّع من الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان تحمّل مسؤولياتهما الدولية والالتزامات التي قطعتاها في المفاوضات الثنائية مع السلطات الإيرانية”.

وتابع “للأسف، لم يفيا بوعودهما المتكرّرة، فبادرنا إلى ضمان أمن مواطنينا وحدودنا وأراضينا بالاعتماد على حقوقنا القانونية”.

السوداني لم يكلف نفسه عناء توجيه أي انتقاد أو تنديد بتلك الهجمات، وكأن ما يحصل يجري خارج أراضي العراق

وبحسب المتحدث الإيراني، خلال اجتماعين تما في أكتوبر، “شدّدنا أمام السلطات العراقية و(سلطات) إقليم كردستان على أنّ هذه المنطقة لا ينبغي أن تكون مكاناً لعبور المواد والأسلحة لاستخدامها في الاضطرابات. وحتّى الآن، لم تتحقّق هذه التوقّعات”.

ورداً على سؤال بشأن إمكانية دخول القوات الإيرانية إلى أراضٍ عراقية لضرب فصائل مسلّحة، أعرب كنعاني عن أمله في أن لا تُضطر بلاده إلى “اتخاذ إجراءات رادعة”.

وتتعرض مقار لأحزاب إيرانية كردية معارضة في شمال العراق منذ سبتمبر الماضي لهجمات متكررة من قبل إيران، بزعم أن هذه الأحزاب مسؤولة عن تأجيج الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ أكثر من شهرين.

وبالتوازي مع الاعتداءات الإيرانية يتعرض الإقليم لضربات تركية تصاعدت وتيرتها منذ السبت بداعي استهداف حزب العمال الكردستاني الذي اتهمته أنقرة مؤخرا بالمسؤولية عن عملية تفجير سقط فيها ضحايا في تقسيم.

ولئن تتغاضى سلطة إقليم كردستان عن الهجمات التركية لأسباب عديدة من ضمنها الخلاف التاريخي بينها وحزب العمال، وأيضا علاقتها القوية مع أنقرة، لكنها تندد بشدة بالهجمات الإيرانية وتعتبرها مسا بسيادة العراق.

ويرى مراقبون أن الموقف الكردي يعود إلى وجود اتفاق ضمني بين أنقرة وأربيل حول استهداف العمال، على خلاف الوضع مع إيران.

أوساط سياسية ترى أن الحكومة العراقية “المتخاذل” حيال كردستان ليس مفاجئا، خصوصا وأن الحكومة الحالية هي بالأساس “صنيعة إيرانية” بتعاون تركي

وأدانت حكومة إقليم كردستان العراق الاثنين بـ”أشد العبارات” الهجوم الذي نفذته إيران بالصواريخ والطائرات المسيرة في الإقليم، داعية “الأصدقاء” و”الشركاء” إلى موقف من “الاعتداءات” الإيرانية.

وقالت الحكومة، في بيان صحفي، إن “الانتهاكات الإيرانية المتكررة التي تمس بسيادة العراق وإقليم كردستان العراق غير مبررة، وتشكل انتهاكا صارخا للأعراف الدولية وعلاقات حسن الجوار”.

وأضافت “وإذ ندعو إيران إلى وقف هذه الحملة ضد إقليم كردستان، فإننا نؤكد أن الاستقرار لن يتحقق من خلال العنف على الإطلاق”، داعية “الأصدقاء والشركاء في بغداد والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة إلى اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الاعتداءات الإيرانية المستمرة”.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قد أكدت على ضرورة توقف الهجمات المتكررة التي تنتهك السيادة العراقية. وقالت البعثة، في منشور عبر حسابها على موقع فيسبوك “مثل هذا العدوان لا يزيد التوترات على نحو طائشٍ فحسب، بل يتسبب أيضاً في وقوع مأساة”.

وأضافت “أيا كانت الحسابات الخارجية التي تسعى دولةٌ مجاورة إلى تسويتها، فإن استخدام الأدوات الدبلوماسية المعمول بها هو السبيل الوحيد للمضي قدما”.

وانتقدت القيادة المركزية للقوات الأميركية “سنتكوم” بدورها الهجوم الذي تعرضت له مقار حزبي الديمقراطي الكردستاني وكومله الإيرانيين في إقليم كردستان.

وذكر حساب القيادة المركزية على تويتر “ندين القصف الإيراني بالقرب من أربيل العراقية بالصواريخ العابرة للحدود والطائرات المسيرة”. ووصفت القيادة المركزية القصف بأنه “انتهاك لسيادة العراق ويعرض حياة المدنيين للخطر ويهدد الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى