الأخبار

حماس تواجه أزمة مركبة بقطاع غزة في غياب الحلفاء

حماس تواجه أزمة مركبة بقطاع غزة في غياب الحلفاء

الحركة الإسلامية تغير من خطابها بعد تصاعد موجة الانتقادات وضغط الشارع في غزة

تواجه حركة حماس أزمة مركبة في ظل استمرار تعثر المفاوضات مع إسرائيل للتوصل إلى تهدئة تخفف القيود على قطاع غزة، وتصاعد الاحتقان الشعبي الذي ترجم في التحركات الاحتجاجية التي شهدها القطاع خلال الأيام الماضية وحملت شعار “بدنا نعيش”.

ويعاني سكان غزة من تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث بلغت معدلات الفقر والبطالة أرقاما قياسية. ويحمّل جزء كبير من مواطني القطاع حركة حماس المسؤولية عن هذا التدهور باعتبارها الممسكة بزمام القطاع منذ العام 2007.

وتبدو حماس في حالة ارتباك وتخبط في التعاطي مع الوضع الراهن، والتي ظهرت في استخدامها القوة لقمع التحركات الاحتجاجية، ما أثار استنكار الأمم المتحدة، وإبداء فصائل -كانت لوقت قريب قد دعمت الحركة في معركتها السياسية مع السلطة الفلسطينية- إمكانية القفز من مركبها، والوقوف إلى جانب الطرف المقابل.

وكان 11 فصيلا فلسطينيا من بينها الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين قد انتقدت مؤخرا ممارسات أجهزة الأمن التابعة لحماس من اعتقال واعتداء بالعنف الشديد على المتظاهرين في غزة.

وما يزيد من التعقيدات بالنسبة لحماس هو تراجع الدعم الإقليمي بشكل واضح عنها لعدة اعتبارات، فقطر على سبيل المثال لطالما ارتبط تمويلها للحركة بموافقة وإشراف من الجانب الإسرائيلي حتى أن حماس قبل فترة اتهمت علنا حكومة بنيامين نتنياهو بابتزازها عبر أموال الدوحة وأنها لن تتسلم مجددا تلك الأموال، قبل أن تتراجع عن ذلك مع استئناف المفاوضات غير المباشرة مع تل أبيب، والتي لا أفق ظاهرا للتوصل إلى تسوية بخصوصها.

وفي ما يتعلق بإيران التي يصفها قادة حماس بأنها الداعم الرئيسي لهم، فهي ليست في وضع يسمح لها بمدّ يد المساعدة المطلوبة لإنعاش الوضع الاقتصادي لغزة، في ظل الأزمة التي تعيشها طهران جراء تصاعد الضغوط الأميركية عليها، والتي باتت آثارها تبرز بشكل واضح على اقتصادها.

فتح تتهم حماس بمحاولة اغتيال عاطف أبوسيف الناطق باسم فتح في قطاع غزة بعد تعرضه لاعتداء على يد مسلحين في القطاع

ومعلوم أن الدعم الإيراني لحماس ينحصر في الجناح العسكري للحركة أي كتائب عزالدين القسام، التي تعتبرها إحدى الأذرع التي يمكن الرهان عليها في المواجهة غير المباشرة بينها وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة.

والطرف الإقليمي الثالث الذي لطالما عدّ حليفا لحماس أي تركيا، فقد خفت اهتمامها بقطاع غزة لعدة أسباب لعل أهمها انشغالها بما يحدث في جوارها وخاصة في سوريا التي تبدو الإنجازات التي راكمتها على مدى الثماني سنوات من عمر الأزمة معرضة للانهيار في ظل عدم قدرتها على مجاراة نسق القوتين الكبريين (موسكو وواشنطن) اللتين لن تقبلا بأن يكون لأنقرة موطئ قدم في هذا البلد خاصة مع قناعتهما بأن طموحات النظام التركي تشكل تهديدا على المدى المتوسط وحتى القصير لمصالحهما في المنطقة.

ومن جهة ثانية فإن الوضع الاقتصادي التركي نفسه يجعل من الصعب على أنقرة تقديم دعم لحماس. وقال المحلل السياسي التركي محمد عبيدالله إن “نظام الرئيس رجب طيب أردوغان مخنوق حاليا بأزمة سياسية واقتصادية حادة وبالتالي لا يمكنه دعم حماس اقتصاديا لامتصاص غضب سكان غزة، وأن كل تركيز أردوغان حاليا منصب على الفوز بالانتخابات البلدية”.

وتوقع عبيدالله أن “تركيا سوف تضطر للانسحاب من المنطقة، خاصة من سوريا، والانطواء على ذاتها بعد أن تحولت من الانفتاح الناعم على المنطقة إلى التوسع بالقوة الغاشمة”، مستنفدة في ذلك كل أوراقها.

ويرى البعض أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن العلاقات التركية الحمساوية قد شهدت خلال الأشهر الماضية نوعا من التراجع، ويعزون الأمر أيضا إلى سياسات حماس المتقلبة، ما يجعل أي قوة إقليمية مترددة في دعم الحركة في أزمتها. كل هذه العوامل تجعل حماس حاليا في موقف ضعيف سواء لجهة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، أو في قدرتها على احتواء الاحتجاجات التي تنذر الأحداث بإمكانية تصاعدها الأمر الذي من شأنه أن يهدد بتقويض سلطتها على القطاع.

وتُعتبر إسرائيل كما السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس المستفيدين الأبرز من وضع حماس، فحكومة نتنياهو بالتأكيد ستعمل على استثمار هذا الوضع للحصول على تنازلات من الحركة سواء لجهة مصير جنودها الأسرى لدى الأخيرة أو في ما يتعلق بالتهدئة نفسها حيث إنها ستتمسك أكثر من أي وقت مضى بشروطها القائمة على تخفيف جزئي لحصار القطاع وليس رفعه كليا كما تطالب حماس. وبالنسبة للسلطة الفلسطينية التي تتهمها حماس بالوقوف خلف تأجيج الاحتجاجات وتحريض الناس على الخروج، بالتأكيد ما يحدث يصب في صالح هدفها إلى استعادة قبضتها على غزة.

Thumbnail

واتهمت حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس الثلاثاء حماس بمحاولة اغتيال عاطف أبوسيف الناطق باسم فتح في قطاع غزة بعد تعرضه لاعتداء على يد مسلحين في القطاع. وندد حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في تغريدة على تويتر بمحاولة “اغتيال” أبوسيف “من قبل عصابات حماس”.

ونُقل أبوسيف إلى المستشفى ليل الاثنين بعد تعرضه للضرب. وقالت مصادر في حركة فتح إنه أصيب بكسور في يديه وساقه إضافة إلى إصابة بالرأس بعد تعرضه للضرب بأدوات مختلفة.

واستنكرت حماس الاعتداء الذي تعرض له أبوسيف. وقال نائب الحركة خليل الحية في قطاع غزة “تستنكر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاعتداء الذي تعرض له الأخ الدكتور عاطف أبوسيف القيادي في حركة فتح والناطق باسمها الاثنين… وندعو وزارة الداخلية إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للكشف عن الفاعلين ومعاقبتهم”. وأضاف في بيان “في الوقت ذاته ترفض حركة حماس وتستهجن كل أشكال التصريحات والتلميحات المتسرعة التي صدرت عن حركة فتح أو غيرها، والتي تحمل حماس أو الأجهزة الأمنية المسؤولية عن هذا الحادث المرفوض”.

ويرى مراقبون أن الموقف الصعب لحماس لا يعني أنه ليست لديها خيارات لتجاوز الأزمة غير المسبوقة التي تعيش على وقعها، وقد تفكر الحركة في حرف الأنظار عن الاحتجاجات بتصعيد مع إسرائيل التي لا يرغب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في هكذا سيناريو خلال هذا التوقيت حيث يواجه استحقاقا انتخابيا صعبا.

والخيار الثاني والذي بدأت حركة حماس في تفعيله، هو احتواء الحراك وتوجيهه بدلا من الصدام معه، وهذا ما ظهر في تغيّر خطابها مؤخرا.

وأكد مسؤول في حماس في الضفة الغربية الثلاثاء على رفض استخدام العنف ضد أي فلسطيني على خلفية ممارسة حقه في التعبير المشروع عن رأيه. ودعا القيادي حسن يوسف، في بيان له، إلى “صيانة حق الشعب الفلسطيني في التعبير عن رأيه بكل السبل المشروعة في الضفة وغزة، وتوفير المناخ الإيجابي الداعم لذلك”. وكانت حماس اتهمت في الأيام الماضية جهات موالية للسلطة بالوقوف خلف الاحتجاجات، متجاهلة الدوافع الكامنة خلف خروج الغزيين، والتي لخصت في شعار “بدنا نعيش”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى