الأخبار

نذر مواجهة بين الرئيس التونسي ورئيسيْ البرلمان والحكومة

تونس- تلوح في أفق المشهد السياسي التونسي بوادر معركة ساخنة بين الرئيس قيس سعيد، والبرلمان برئاسة راشد الغنوشي، والحكومة الجديدة برئاسة هشام المشيشي، وسط مناخ مشحون بالتحذيرات والاتهامات التي غيّرت قواعد الاشتباك السياسي في البلاد.

وبدأت مؤشرات هذه المعركة تزدحم بعناوين كثيرة، عكسها الحراك السياسي الاستثنائي الذي ارتفعت وتيرته بالخطاب “الناري” للرئيس قيس سعيد، خلال موكب أداء أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، والذي انضم إليه رئيس الحكومة المُتخلي إلياس الفخفاخ خلال موكب الاستلام والتسليم.

هشام المشيشي: سأكون مُنفتحا على النصح والإرشاد بما فيه مصلحة البلاد

وتتحدث مصادر سياسية عن تبادل لـ”رسائل غير صدامية” بين أطراف الصراع، يُرجح أن تتكثف في قادم الأيام، دون أن يعني ذلك نزع فتيل المعركة وتداعياتها المُرتقبة على التوازنات السياسية الحالية.

ولم يحد الفخفاخ في كلمة ألقاها الخميس بمناسبة تسليمه مهام رئاسة الحكومة لهشام المشيشي، عن مُجمل سياق الخطاب “الناري” للرئيس قيس سعيد، حيث لجأ هو الآخر إلى مفردات “المؤامرة”، و”الخداع”، و”العبث بمصالح البلاد”، التي جاءت وسط كم هائل من التحذيرات من دخول البلاد في نادي “الدول الفاشلة”.

وجاءت تلك المفردات بلغة فيها الكثير من القلق وخيبة الأمل، حيث قال الفخفاخ في كلمته “نعيش اليوم لحظة حضارية، لحظة التداول على السلطة، نعيشها بمشاعر متداخلة فيها الرضا وفيها القلق وفيها الأمل وفيها الألم… الألم لِما آلت إليه الأمور في وطننا”.

واعتبر أن “تونس أصبحت اليوم في قلب العاصفة، وفي معركة مصيرية وحيوية، وتتعثر في تثبيت استقرارها، وتتهددها الفئوية والنزعة نحو ترجيح المصالح الضيقة، وينخر جسمها الفساد والمال الفاسد، وأن السلم الأهلي مُستهدف وتعيش في عجز فظيع من فقدان الثقة وتعاظم الإحباط”.

وعبر عن أسفه لسقوط تونس مجددا في دوامة عدم الاستقرار في وقت تعيش فيه لحظة مثقلة بهموم عديدة، مُحذرا من أن “الوطن بصدد الضياع بأيادي الانتهازيين… وقد حان الوقت لتتحرك القوى الوطنية لاستعادته من العابثين”.

واعتبر أنه ”في صورة تم التغاضي عن هذا الوضع، ستضعف الدولة، وستتشكل بيئة مُفجرة للعنف والتمرد”، داعيا في المقابل إلى ضرورة التحرك من أجل “إيقاف هذا الانهيار لأن صمت القوى الحية غير مقبول، ولأن تونس في أشد الحاجة إلى استنهاض همم الجميع”.

واستدرك قائلا “لا يمكن حل مُجمل المشاكل التي تُواجه البلاد طالما لم يتم ترشيد الحياة السياسية والعمل على حمايتها”، وذلك في الوقت الذي اختار فيه هشام المشيشي الابتعاد عن استعمال المفردات الجدلية في كلمته التي جاءت مُقتضبة.

وأقرّ المشيشي في هذه الكلمة بأن المناخ العام الذي تعيشه تونس حاليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي”صعب ومُعقد”، لكنه أكد في المقابل أن ذلك “لن يثني حكومته عن بذل كل الجهود الكفيلة بإيقاف النزيف الاقتصادي ورفع التحديات التي من شأنها ضمان استقرار البلاد”.

إلياس الفخفاخ: تونس في قلب العاصفة، وهي بصدد الضياع بأيادي الانتهازيين

وتعهد بأن يكون “مُنفتحا على النصح والإرشاد بما فيه مصلحة البلاد”، لافتا إلى أن حكومته ستعمل بالشراكة مع البرلمان ورئاسة الجمهورية وجميع القوى الحية من أحزاب ومنظمات وطنية ومجتمع مدني، كما ستعمل على تكثيف الجهود لتأمين الاستقرار السياسي، ومكافحة الإرهاب ومجابهة الجريمة.

ويرى مراقبون أنه بقدر جرعة التهدئة التي سعى المشيشي إلى ضخها في كلمته، فإنه بالقدر نفسه بدأت تتشكل مع ذلك جملة من الاعتبارات التي تدفع إلى الجزم بأن البلاد دخلت فعلا في مرحلة جديدة من المواجهة بين أطراف الصراع السياسي قد تنفلت من الضوابط التي كانت أملتها التفاهمات التي أنهت المأزق الحكومي.

ويبدو أن تلك التفاهمات، وما رافقها من صفقات أغضبت الرئيس قيس سعيد، هي التي ستكون في قادم الأيام وقود هذه المواجهة المُرتقبة التي تعكسها المناخات المشحونة على أكثر من مسار؛ الأمر الذي جعل يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب تحيا تونس، يُحذر من ارتداداتها.

وقال الشاهد في تصريحات إذاعية في أعقاب موكب الاستلام والتسليم “طلبنا من المشيشي تهدئة الأجواء السياسية”، ذلك أن “أي رئيس حكومة يعمل في أجواء مُتوترة مهما كانت المدة وطالما لا يوجد توافق سياسي عام فإن النتائج لن تكون في المستوى”.

وفيما تُحاول العديد من الأطراف السياسية الرئيسية تبديد هذه الأجواء الصِدامية التي تتراكم عواملها بوتيرة مُتسارعة، لا يتوقف مسؤولو حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس عن إثارة الغبار بما يُسرّع المعركة المُرتقبة التي يرى البعض أنها ترمي إلى اغتيال سياسي ومعنوي مُمنهج للرئيس قيس سعيد.

ووصف أسامة الخليفي، رئيس الكتلة النيابية لحزب قلب تونس في تصريحات تلفزيونية، خطاب الرئيس سعيد خلال موكب أداء اليمين الدستورية لأعضاء الحكومة الجديدة، بـ”العدائي والغامض”، لافتا في هذا الصدد إلى أنه “لا يحق للرئيس أن يتوجه للناس بخطاب تخويف وتخوين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى