مغامرة التقارب البريطاني مع الحوثيين لم تدم طويلا
مغامرة التقارب البريطاني مع الحوثيين لم تدم طويلا
عدن – لم يدم التقارب البريطاني مع الحوثيين في اليمن طويلا، إثر التراجع المستمر للتعهدات التي قطعها المتمردون اليمنيون للالتزام بالاتفاقات المبرمة بحضور المندوب الدولي مارتن غريفيث.
ورفع وزير الخارجية البريطانية جيرمي هانت من حدة إدانته للحوثيين أثناء زيارة قام بها إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، محذرا من موت اتفاقات السويد خلال أسابيع.
واستقبل نائبا رئيس الوزراء، سالم الخنبشي وأحمد الميسري، وبحضور وزير الخارجية خالد اليماني، وزير الخارجية البريطاني والوفد المرافق له في العاصمة اليمنية المؤقتة، في تطور اعتبره مراقبون سياسيون جزءا من التحول الذي طرأ على الموقف البريطاني من الملف اليمني.
وتزامن ذلك مع ارتفاع وتيرة المواجهات المسلحة في جنوب وشرق مدينة الحديدة بين قوات المقاومة المشتركة والميليشيات الحوثية، وهي الأعنف منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في الثامن عشر من ديسمبر الماضي.
وحذّر هانت في ختام زيارته لعدن من انهيار اتفاقات السويد، مشيرا إلى أن اتفاق السلام في اليمن “يمكن أن يموت في غضون أسابيع″ من دون بذل المزيد من الجهود الصادقة من الجانبين.
وقال هانت في بيان صحافي “نحن الآن في آخر فرصة لاتفاق ستوكهولم للسلام. قد تموت عملية السلام في غضون أسابيع إذا لم نر التزاما من الجانبين”.
واستبقت الميليشيات الحوثية التحوّل في الموقف البريطاني بمهاجمة لندن والتشكيك في دورها في الأزمة اليمنية، حيث شن القيادي في الجماعة الحوثية محمد علي الحوثي هجوما غير مسبوق على وزير الخارجية البريطاني، ووصف تصريحاته التي دعا فيها الحوثيين صراحة إلى الانسحاب من الحديدة بأنها “تصريحات مضللة”.
ووصف الحوثي في تغريدات له على تويتر التصريحات الأخيرة لهانت بأنها “تعكس سياسات بريطانيا وأميركا اللتين أعطتا الإشارة لبدء معركة الحديدة”.
وسبق أن انفردت “العرب” بالكشف عن التحولات المبكرة التي طرأت على الموقف البريطاني والتي بلغت ذروتها أثناء انعقاد مؤتمر وارسو منتصف فبراير الماضي، حيث عقد على هامش المؤتمر اجتماع محوري للجنة الرباعية الدولية تبنى رؤية موحدة للتعامل مع إيران وأذرعها في المنطقة واتباع سياسة أكثر حزما تجاه الميليشيات الحوثية.
وانعكس التحول اللافت في الموقف البريطاني من خلال التصريحات، التي تبناها وزير الخارجية البريطاني وسفير المملكة المتحدة في اليمن مايكل أرون، والتي عدها مراقبون نقطة تحول فارقة في مسار الأزمة اليمنية بعد تضييق الفجوة بين موقفي واشنطن ولندن، والتي ساهمت في تشجيع الحوثيين على اتخاذ مواقف أكثر تصلبا.
وأكد أرون أن سلامة السعودية الكاملة وخلو اليمن من أي تأثير إيراني، هما أهم أهداف بريطانيا في اليمن، ولا تسوية سياسية قادرة على إنهاء الحرب دون تحقيق ذلك.
وقال السفير البريطاني، في حوار نشرته صحيفة “الرياض” السعودية، إن قرار بريطانيا بتصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، لا يمكن تجزئته عن دعم وتسليح حزب الله للميليشيا الحوثية البدائية التي تحوّلت إلى شكلها الخطير الحالي بفعل تدريب حزب الله ودعم إيران.
وجاء التحرك البريطاني المتمثل في جولة وزير الخارجية البريطاني في عمان والإمارات والسعودية واليمن، في أعقاب فشل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أثناء زيارته لصنعاء في إقناع الحوثيين بضرورة تنفيذ اتفاقات ستوكهولم.
وقالت مصادر سياسية لـ”العرب” إن غريفيث نقل رسائل شديدة اللهجة إلى قادة الحوثيين وضعهم فيها أمام التحولات التي شهدها الموقف الدولي من الملف اليمني، وإن الموقف الدولي بات موحدا أكثر من أي وقت مضى إزاء التعنت الحوثي الرافض لتنفيذ مخرجات مشاورات السويد، وإن جولات المناورة الحوثية وصلت إلى نهايتها.
وكان هانت قد تحدث قبيل زيارة غريفيث الثالثة إلى صنعاء خلال شهر عن إمكانية انسحاب الحوثيين من الحديدة وموانئها الثلاثة، لكنه أكد في ذات الوقت وجود فرصة كبيرة لاستئناف العمليات العسكرية في حال فشلت جهود إقناع الحوثيين بتنفيذ اتفاقات ستوكهولم.
ووصلت المفاوضات الجارية لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار في الحديدة والتي تضمنت انسحاب الحوثيين من ميناء الصليف ورأس عيسى إلى طريق مسدود، نتيجة رفض الميليشيات الحوثية تسليم الموانئ إلى قوات أمنية وإدارة حكومية تعود لما قبل الانقلاب في سبتمبر 2014 وإصرارها على تسليم الموانئ لعناصر محلية تابعة لها.
وشهد جنوب وشرق مدينة الحديدة مواجهات مسلحة بين قوات المقاومة المشتركة والميليشيات الحوثية هي الأعنف منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في الثامن عشر من ديسمبر الماضي.