الأخبار

قطر تلجأ إلى الحل الإسرائيلي للخروج من مأزقها

قطر تلجأ إلى الحل الإسرائيلي للخروج من مأزقها

لندن – أكدت مصادر قريبة من صناع القرار في الدوحة أن السلطات القطرية تراهن على استمالة الموقف الإسرائيلي لما لتل أبيب من نفوذ داخل مجموعات الضغط اليهودية في العالم من أجل التدخل لإنهاء المقاطعة التي تفرضها السعودية ومصر والإمارات والبحرين على قطر.

وأضافت المصادر أن اندفاع الدوحة باتجاه إيران وتركيا لم يأت بالنتائج التي كانت قطر تنتظرها، وبقيت مناورات أنقرة وطهران هامشية داخل ما تعتبره شأنا عربيا بامتياز.

وكشفت المصادر أن الدوحة، التي سبق أن تواصلت مع اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة واستقبلت شخصيات قيادية يهودية أميركية، باتت تعوّل على مقاربة إسرائيلية لجهة إمكانية أن تنجح تل أبيب في دفع موقف واشنطن والعواصم الأوروبية لدعم الموقف القطري.

وأعلن السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، أن بلاده تساعد إسرائيل على تجنب حرب أخرى في غزة بتحويل أموال إغاثة للفلسطينيين الفقراء بمباركة من واشنطن، واصفا التعاون بأنه دليل على نأي الدوحة بنفسها عن حركة حماس.

ولفت مراقبون إلى أن الكشف عن تواصل قطري إسرائيلي في الشؤون التي تتعلق بغزة هدفه إظهار استعداد الدوحة لتحويل علاقاتها التقليدية القديمة الملتبسة مع إسرائيل إلى علاقات علنية تحت عنوان “مساعدة” إسرائيل على تجنب الحرب، بما يؤشر على انقلاب في موقف قطر لجهة اعتبارها أن إسرائيل تُجبر على الحرب بسبب الخطر الوارد من قطاع غزة.

ورأى مراقبون أن قطر جعلت من المساعدات لقطاع غزة، والتنسيق الضروري مع إسرائيل لتوزيع الأموال، محور اتصالاتها الدبلوماسية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفيما تشن وسائل إعلام قطرية حملة على دول المقاطعة وتتهمها بالسعي إلى التطبيع مع إسرائيل، يلتقي مسؤولو قطر علنا مع مسؤولين إسرائيلين، خصوصا في مدينة القدس مع ما يحمله ذلك من معنى هذه الأيام بعد قرار ترامب الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل.

محمد العمادي: 20 مرة زرت إسرائيل سرا واليوم باتت علنا
محمد العمادي: 20 مرة زرت إسرائيل سرا واليوم باتت علنا

وقال العمادي لرويترز، في مقابلة بالقدس بعد أن اجتمع مع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي ومسؤولين في الأمن، إن “غزة على شفا الانهيار”.

وتحاول قطر تقديم الأمر على أنه حرص منها على إنقاذ الوضع الإنساني في القطاع، وفي نفس الوقت كمساعدة لإسرائيل لكي لا يتحول الفقر الغزي إلى إرهاب تعاني منه إسرائيل.

وفي إشارة إلى نحو 800 مليون دولار مساعدات تقدمها قطر لغزة منذ آخر صراع بين إسرائيل وحماس في عام 2014، قال العمادي “هذا ما نحول دون وقوعه. الحرب… الحرب المقبلة. لا نريد الحرب المقبلة”.

وتابع العمادي، وهو أيضا مدير الإغاثة لقطاع غزة وهي لجنة تابعة لوزارة الخارجية القطرية، قائلا “العمل الذي نقوم به هو الحفاظ على السلام للبلدين”.

وتأتي المقاربة القطرية لتلتقي مع وجهة النظر الإسرائيلية في هذا الصدد. فقد عبرت إسرائيل مؤخرا عن قلقها من تأثير زيادة الفقر في قطاع غزة على مستقبل الأمن في إسرائيل نفسها.

وتلفت مصادر أميركية مطلعة إلى أن تواصل الدوحة مع اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة قاد إلى خضوعها لشروط الشخصيات اليهودية الأميركية التي زارت قطر في الأشهر الأخيرة، ونصحت الدوحة بالذهاب بعيداً في مسألة التطبيع مع إسرائيل كمدخل أساسي لأي دور ممكن أن تلعبه اللوبيات اليهودية في واشنطن والعالم.

وذكر العمادي أنه زار إسرائيل 20 مرة منذ 2014. وكانت الزيارات سرية في السابق لكنها لم تعد على هذا النحو الآن.

بالمقابل لفتت رويترز إلى رفض مسؤولين إسرائيليين التعقيب على زيارات العمادي، وهو تحفظ نسبه مصدر دبلوماسي لعدم رغبتهم في إثارة استياء قوى عربية أخرى.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد كشفت عن قائمة من القادة اليهود الذين زاروا الدوحة بدعوة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يتقدمهم زعيم المنظمة الصهيونية الأميركية مورتون كلاين إضافة إلى مالكوم هونلاين، نائب الرئيس التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات الأميركية اليهودية الكبرى، وجاك روسن رئيس الكونغرس اليهودي الأميركى، والحاخام مناحيم جيناك رئيس اتحاد اليهود الأورثوذكس، ومارتن أولنير رئيس منظمة “الصهيونيين المتدينين في أميركا”، وكان آخرهم دير شاوتز الناشط في العديد من الجبهات كداعم رئيسي لإسرائيل.

وتقول الصحيفة إن كل هؤلاء يمثلون منظمات تدعم المستوطنات الإسرائيلية وعبروا عن دعم قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وكان العمادي قد تعرض للطرد بعد زيارته مستشفى الشفاء في غزة، قبيل عقد مؤتمر صحافي، الاثنين، لإعلان تفاصيل منحة إغاثة قطرية للقطاع بقيمة 9 ملايين دولار.

وذكرت مصادر في القطاع أن العمادي رد على طلب عمال النظافة له بأنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ 3 أشهر بالقول “لديكم عقود مع الوزارة وهذا ليس من اختصاصي”، ما أدى إلى استفزازهم، فطردوه وألقوا عليه الأحذية عند مغادرته.

وكان العمادي وصل بصحبة قافلة من الأدوية والمستلزمات الطبية، واستعرض تفاصيل منحة الإغاثة القطرية لقطاع غزة والتي تبلغ قيمتها 9 ملايين دولار، لكنها لم تشمل حل أزمة موظفي النظافة في مستشفيات غزة.

وتؤكد مصادر فلسطينية في غزة أن قطر باتت تستخدم القطاع جسر عبور لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. ويلفت مراقبون إلى سعي قطر للنأي بنفسها عن حركة حماس ومحاولة تبديد الاتهامات التي تكال لها من قبل العواصم الغربية وإسرائيل بدعم الفصيل الذي تعتبره تل أبيب إرهابيا.

وأكد العمادي أن قطر لا تساعد حماس، متسائلا “إذا كنا نساعد حماس فهل تعتقد أن الإسرائيليين سيسمحون لنا بالدخول والخروج؟ هذا مستحيل. هم يعلمون أننا لا نساعد حماس″.

وذكر الدبلوماسي القطري أن الدوحة استجابت لطلبات إسرائيلية وأميركية وتوقفت عن استضافة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس. وأضاف أن “كل قرش” من الأموال القطرية تحصل عليه غزة تجري مراقبته لضمان إنفاقه على الاحتياجات الإنسانية.

واعترف العمادي بأن الدوحة تستجيب لمعايير واشنطن في مسألة مكافحة الإرهاب، بما يؤكد الاتهامات التي وجهتها دول المقاطعة لقطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى