الأخبار

فرمانات الصدر.. منعٌ من السفر واعتكاف وجوبي

فرمانات الصدر.. منعٌ من السفر واعتكاف وجوبي

سلطة الصدر مظهر عن التراجع الشديد في هيبة الدولة العراقية واختلاط سلطاتها بسلطات مراكز قرار غير دستورية.

النجف (العراق) – يواصل رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر تطبيق إجراءاته الخاصّة ضدّ عدد من أتباعه والمنتمين إلى تياره متّهمين من قبله بالفساد، مكرّسا بذلك صورته كمتزعّم للحرب على الظاهرة المستشرية بشكل خطير في العراق، وغير آبه في المقابل، بما تنطوي عليه “معاقبة الفاسدين” تلقائيا دون عرضهم على القضاء، من تعدّ على صلاحيات الدولة وسطو على اختصاصاتها.

وأصدر الصدر، الأحد، جملة جديدة من القرارات بشأن أربعة من المتهمين بالفساد، تراوحت بين المنع من السفر، وتسليط ضغوط وتضييقات عليهم، والإخضاع لفترة اعتكاف واختبار.

والأسبوع الماضي تسبّبت “حملة” زعيم التيار الصدري على الفاسدين من أبناء تياره في فوضى أمنية في مدينة النجف بجنوب العراق نجم عنها سقوط أكثر من عشرين ضحية بين قتيل وجريح، وذلك عندما هاجم العشرات من الأشخاص مركزا تجاريا في المدينة مملوكا لأحد أعضاء التيار متهم بالثراء غير المشروع ودخلوا في مواجهة مع حراسه الذين أطلقوا النار على المهاجمين وقتلوا وجرحوا عددا منهم، ليقتصر توجيه الاتهامات بعد ذلك على الحرّاس دون ذكر المحرّضين على العملية والمسؤول عن إيجاد ذلك المناخ الذي أفضى إلى إزهاق إرواح بشرية، وهو مقتدى الصدر نفسه.

ورغم تلك الأحداث عاد مقتدى الصدر الأحد ليصدر ما يشبه “الفرمان” الجديد، متضمّنا “قرارات” بشأن عدد من أتباعه اعتبرهم متورّطين في قضايا فساد.

وشملت القرارات أربعة قياديين في التيار الصدري، ونصّت على منع كاظم العيساوي من السفر خارج البلاد وإخضاعه لفترة اختبار جديدة بعد موافقته على بيع مركز تجاري يمتلكه و“توزيع أمواله على الفقراء”.

وورد في صفحة على فيسبوك منسوبة لشخص يسمّي نفسه صالح محمد العراقي بأنه “بعد انتهاء المهلة، قرر القائد (مقتدى) ما يلي: بعد أن يُعطى الأخ كاظم العيساوي عهدا بالاعتكاف لمدة عام والتبرع بأموال المُول لعوائل الشهداء وترك الأعمال التجارية، يدخل من منتصف رمضان وإلى إشعار آخر في اختبار إن نجح فيه وأوفى بعهده، فلن يعاقب وفي حال المخالفة ينظر بأمره مجددا، مضافا إلى أنّه تقرّر منعه من الذهاب إلى دول أجنبية إلاّ لضرورات قصوى يحددها سماحته”.

Thumbnail

كما أورد المنشور أيضا “يجمد عن العمل ولمدة 18 شهرا الأخ حيدر الجابري. وعليه فلا يمكن التعامل معه في شتى المجالات”، وأنّه “بعد أن كتب الأخ مؤيد الأسدي تعهدا كما أُمر، وبعد أن اختار الانعزال.

فعليه الالتزام بما كتب وبما قرر ولا يحق لأحد التعدي عليه فلا يزال مستشارا لسماحته بشرط قطع علاقاته مع المقربين القدامى”.

وشملت القرارات عضوا صدريا يدعى عون النبي، أمر مقتدى الصدر بالتضييق عليه “حتى يقطع علاقاته بالمفسدين، فإن تركهم وأعلن توبته، وأقرّ بأن كل ما سبق من أعمال لم يكن بأمر سماحته، تركناه فهو خارج عن التيار وإلاّ فستتم معاقبته فورا”.

وأثارت حملة زعيم التيار الصدري المفاجئة على الفاسدين من أبناء تياره أسئلة بشأن دوافعها، وذهب البعض إلى التشكيك في أنّها عملية تصفية حسابات داخلية استهدفت “متمرّدين” على التيار رافضين منحه حصّة من الثروات التي تمكّنوا من جمعها من خلال العمل باسم زعيمه وما أتاح لهم ذلك من سلطات تسهّل أعمالهم التجارية وتساعدهم على عقد الصفقات.

وكثيرا ما يُنظر إلى سلطات مقتدى الصدر وتدخّلاته في الشأن العام بما في ذلك شؤون الحكم وإدارة الدولة، باعتبارها مظهرا عن التراجع الشديد في هيبة الدولة العراقية واختلاط سلطاتها بسلطات مراكز قرار غير دستورية، دينية وعشائرية وحتى أسرية، مثل أسرة البارزاني في كردستان العراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى