الأخبار

دعوات لتنحية الخلافات السياسية جانبا والتفرغ لكبح الوباء في تونس

ارتفعت في تونس الأصوات المنادية بضرورة وضع الخلافات السياسية جانبا وتوحيد الصف لمواجهة فايروس كورونا المستجد حيث يحذر خبراء الصحة من “تسونامي كورونا” على وقع تصاعد حالات الإصابة تزامنا مع أزمة سياسية حادة تعرفها البلاد أفضت إلى ما يشبه القطيعة بين مؤسسات الدولة (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة والبرلمان).

تونس – تصاعدت وتيرة الدعوات للتخلي عن الخلافات السياسية والتفرغ لمعركة وباء كورونا في تونس خصوصا مع الانتشار الواسع للفايروس في مختلف الجهات.

ولم يتوان مراقبون في توجيه انتقادات لعدم أخذ الحكومة بجدية لاقتراحات اللجنة العلمية مع ارتفاع الخطر الصحي.

وقال وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي إنه “لا صوت يعلو فوق صوت معركة مقاومة الكوفيد وإنقاذ الأرواح”.

وأوضح المكي في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك “إن أغلب الولايات (محافظات) تعرف اليوم نسبة تحاليل إيجابية تفوق الثلث من مجمل التحاليل بما يعني أن العدوى على أشدها وهو ما سيرفع من عدد الإصابات والوفيات بطريقة جنونية لا قدر الله و لم يعد مناسبا اتخاذ إجراءات الحجر كل ولاية على حدة”.

وأشار إلى أن هذا “الوضع يقتضي ضرورة السيطرة على العدوى وربح معركة الوقاية من جديد وإلا فإن الجائحة ستعصف بنا ولا تزال تحتفظ بالكثير من المفاجآت السلبية لا قدر الله”.

ودعا المكي “مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى أن يؤجل الجلسة الخاصة بمناقشة عدم إمضاء رئيس الجمهورية لقانون المحكمة الدستورية وتركيز الجهد على المسألة الصحية التي تقتضي إعلان التعبئة العامة ضد الكورونا واتخاذ العديد من الإجراءات على غرار إعلان الحجر العام لمدة أسبوعين، وإعادة الاعتبار للجنة العلمية وإعادة تشكيلها على أسس منطقية، فضلا عن إعلان الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام على كل هذه الأرواح التي فقدناها بسبب الكوفيد ولا نزال”.

نبيل الرابحي: الحكومة همّها البقاء وقراراتها العبثية تسير بالتونسيين نحو الإبادة

وترددت مؤخرا أخبار حول مطالبة اللجنة العلميّة لمجابهة فايروس كورونا بالاستقالة بسبب ما وصفه مراقبون بالصبغة السياسية لقراراتها، ما يعيد إلى الواجهة مسألة التدخل السياسي في إدارة الأزمة الصحية، وإعلان قرارات استثنائية لا تخدم المصلحة الصحية بالأساس.

وانتقدت شخصيات سياسية تواصل التراخي الحكومي في التعامل مع الأزمة الصحية، مقابل انشغالها في التجاذبات والصراعات، في وقت يخوض فيه الأطباء معركة شرسة ضد الوباء.

وأكد الناشط السياسي نبيل الرابحي أن “قرارات اللجنة العلمية هي توصيات يجب أن تلتزم الحكومة بتنفيذها”، قائلا “نعم اللجنة هدّدت بالاستقالة، وهناك تدخّل من قبل الحكومة في قراراتها في علاقة بالحجر الصحي والتلاقيح”.

وأضاف الرابحي في تصريح لـ”العرب”، أن “الحكومة لا تملك مدّخرات مالية لمواجهة الوباء، والمواطنون الآن أمام فرضيّتين، الموت بالوباء أو الموت بالفقر والجوع”.

وتابع “هناك تجاذبات سياسية عمّقت الأزمة ورأينا الحكومة تقر الحجر الشامل لمدة أربعة أيام بينما أوصت اللجنة بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع” لافتا إلى أن “هذه حكومة هواة، فبينما تصرّح المتحدثة باسم الحكومة حسناء بن سليمان باتباع نفس القرارات (التباعد الجسدي وارتداء الكمامات)، تقول نصاف بن علية المتحدثة باسم وزارة الصحة، إن الوضع خطير جدا”.

وأردف الرابحي “وزير الصحة قال سنصل إلى تلقيح 3 ملايين شخص ما يعني توفير 6 ملايين جرعة في يونيو الجاري، وأعتقد أن اللوبيات النافذة هي من تتحكم في القرارات باعتبار استثناء الفضاءات التجارية الكبرى من الغلق في فترات الحجر الصحي الشامل، وهذا نوع من الغباء السياسي، وحكومة المشيشي تخشى من تحركات اجتماعية تعصف بمكانتها عند إقرار الحجر” موضحا أن “الحكومة همها الوحيد البقاء وقراراتها العبثية ستسير بنا نحو الإبادة”.

وحمّل مراقبون الحكومة برئاسة هشام المشيشي مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة الصحيّة، حيث تأخرت في تعهّداتها بجلب التلاقيح لإنقاذ المصابين، مطالبين المشيشي بالاستقالة العاجلة.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “هناك حالة من الفشل في إدارة الشأن السياسي والعام في تونس”، متسائلا “متى ستأتي اللقاحات لإنقاذ الشعب”.

وأضاف “الشعب كره هذا الأداء السياسي القذر والرخيص الذي لا يكترث لمعاناة الناس”.

وبخصوص استقالة اللجنة العلمية من عدمها، لفت الترجمان إلى أن “المطلوب ليس الاستقالة أو عدم الاستقالة، بل القضيّة اليوم هي من سيؤمّن 5 ملايين جرعة في شهر يوليو المقبل”.

وتابع “فشل الأداء الحكومي والصحي يقتضي استقالة عاجلة للحكومة، وهذه الحكومة انتهى عمرها الافتراضي والحقيقي”.

وعلى الرغم من الانتشار السريع للوباء في مختلف المحافظات التونسية وسط حيرة شعبية فإن الخبراء والمتابعين يجمعون على أن الحكومة لم تكترث إلى توصيات اللجنة العلمية، ولازالت لم تتخذ قرارات ناجعة لكبح انتشار الفايروس.

وأكدت حنان الطويري بن عيسى عضو اللجنة العلمية، على أنه لم يتم الأخذ بعين الاعتبار لمقترحات اللجنة خلال القرارات الأخيرة التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية.

وقالت في تصريح لإذاعة محلية، الإثنين “الوضع الوبائي في تونس خطير جدا والمعطيات تحتم إقرار حجر صحي شامل باعتبار أنه لا يجب التعويل على مدى احترام المواطن للبروتوكولات الصحية لأن الأرقام أثبتت عدم الاحترام للإجراءات الوقائية”.

عبداللطيف المكي وزير الصحة السابق دعا مجلس نواب الشعب إلى تركيز الجهد على المسألة الصحية التي تقتضي إعلان التعبئة العامة ضد الكورونا

وأضافت، أن الحل العلمي للخروج من الوضع الوبائي الصعب هو الحجر الصحي الشامل معبرة بأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي قد لا يسمح بذلك.

وبدوره أكد الدكتور أمان الله المسعدي في تصريح لإذاعة محلية “أن الحل العلمي الذي تراه اللجنة العلمية هو الحجر الصحي الشامل”. وقال إنّ عدم التفاعل الإيجابي من قبل الحكومة مع اقتراحات اللجنة العلمية يثير استياء أعضائها”.

ولاحظ أنّهم فكّروا في الاستقالة ولكنّهم لم يمروا إلى التنفيذ نظرا إلى أنّ “وزير الصحة الذي يترأس اللجنة قام بواجبه وما تمليه المتطلبات العلمية من إجراءات لكن عدم استجابة السلطات للمقترحات تبقى نقطة استفهام  كبرى”.

وسبق أن أقرّت اللجنة العلمية حجرا صحيا شاملا لمدة أسبوعين أو ثلاثة في الموجات السابقة للوباء، لكن القرار الأخير الذي يعود إلى الحكومة كان إعلان الحجر لمدّة أربعة أيام في محاولة لشراء السلم الاجتماعي وهو حجر لم يتم احترامه لعدة أسباب.

وسمحت الحكومة للفضاءات الكبرى بالاشتغال ومزاولة نشاطها الاعتيادي على حساب صغار التجار والحرفيين وأصحاب المقاهي والمطاعم الذين تضرّروا من انعكاسات قرار الغلق في كل مرة.

وتسود البلاد مخاوف من اجتياح ما وصفه البعض بـ”تسونامي كورونا” وسط استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بالفايروس وانتشار العدوى بنسق سريع.

وأعلنت تونس الاثنين رصد 18 إصابة بالسلالة المتحورة “دلتا الهندية” وذلك في وقت تستمر فيه أعداد الإصابات في التصاعد بالموازاة مع تباطؤ حملة التطعيم.

ولم يتخط عدد من تلقوا اللقاح المضاد لفايروس كورونا حتى أمس الأحد مليون و765 ألفا من بينهم 513 ألفا و328 تلقوا الجرعة الثانية.

وسجلت تونس الأحد 75 حالة وفاة و3534 إصابة جديدة بالفايروس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى