الأخبار

جولة أستانة الأخيرة فرصة مهدورة لتشكيل لجنة دستورية سورية

جولة أستانة الأخيرة فرصة مهدورة لتشكيل لجنة دستورية سورية

روسيا ترفض مقترحات دي ميستورا بخصوص اللجنة، وموسكو تعرض على المعارضة مساعدتها في القضاء على النصرة بإدلب.

دمشق – لم تحقق الجولة الحادية عشرة من مفاوضات أستانة أي خرق مهم في الملفات التي تم بحثها، وفي مقدمتها تشكيل اللجنة الدستورية رغم تصريحات روسيا وتركيا التي بدت إيجابية.

وكانت كل من روسيا وتركيا وإيران قد عقدت بمشاركة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ووفدين من الحكومة السورية والمعارضة محادثات جديدة في العاصمة الكازاخية، الأربعاء والخميس لبحث ملفات إدلب واللجنة الدستورية، وإطلاق سراح المعتقلين وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار.

وعلى خلاف المرّات السابقة لم تشارك الولايات المتحدة في هذه الجولة التي انتهت كما هو متوقع لها بالفشل، رغم محاولات موسكو وأنقرة التقليل من حجم الإخفاق الذي عبّر عنه بوضوح المبعوث الأممي دي ميستورا.

قال دي ميستورا في بيان الخميس إن موسكو وأنقرة وطهران أخفقت في تحقيق أي تقدّم ملموس في تشكيل لجنة دستورية سورية خلال اجتماع أستانة.

وأضاف “كانت هذه المرة الأخيرة التي يعقد فيها اجتماع في أستانة عام 2018، ومن المؤسف بالنسبة للشعب السوري، أنها كانت فرصة مهدورة للإسراع في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة يشكّلها سوريون ويقودها سوريون وترعاها الأمم المتحدة”. وشدّد على أنه سيقيّم جميع الفرص لغاية 31 ديسمبر 2018 من أجل إزالة العوائق أمام تشكيل اللجنة الدستورية.

أحمد طعمة: ليس من الواضح بعد متى سيتم إنشاء اللجنة الدستورية أحمد طعمة: ليس من الواضح بعد متى سيتم إنشاء اللجنة الدستورية

وكان دي ميستورا قد أعلن في 17 أكتوبر الماضي، اعتزامه الاستقالة من منصبه نهاية الشهر الجاري، بيد أنه على ما يبدو قرر البقاء أكثر، في محاولة لإحداث اختراق في هذا الملف الذي تراهن عليه القوى الغربية كمنطلق لمسار تسوية جدّي ينهي أزمة مستمرة منذ العام 2011.

وفي سبتمبر الماضي، قرّرت وفود الدول الضامنة لمسار أستانة، المتمثلة بتركيا وروسيا وإيران، خلال اجتماعها بمكتب الأمم المتحدة بجنيف، تشكيل مجموعة عمل مشتركة، حول اللجنة الدستورية السورية.

وتتكوّن هذه اللجنة التي ستشرف على صياغة دستور جديد للبلاد من 150 عضوا. وقدّم كلّ من النظام السوري والمعارضة لائحة بأسماء 100 ممثّل عنهما، بالمقابل فشلت الجهود في تشكيل اللائحة الثالثة، حيث تصر الأمم المتحدة على حصرية اختيار ممثليها، فيما يصر النظام مدعوما من روسيا على أن يكون مشاركا في عملية الاختيار.

وكشفت مصادر من المعارضة على أن موسكو رفضت في الجولة الأخيرة الأسماء التي اقترحها دي ميستورا بالنسبة للائحة الثالثة التي يفترض أن تضم المجتمع المدني وشخصيات عشائرية، في مقابل ذلك عارض المبعوث الأممي اقتراحات موسكو.

ولا يقف الإشكال بالنسبة للجنة الدستورية في مسألة تشكيل اللائحة الثالثة، بل وأيضا في طبيعة المهمة المنوطة باللجنة ككل، حيث يصرّ النظام على أن تقتصر على إضافة تعديلات على الدستور الحالي في المقابل ترفض المعارضة الأمر، وتعتبر أن الهدف منها يجب أن يكون وضع دستور جديد للبلاد.

وصرّح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، في مؤتمر صحافي في أعقاب الجولة الـ11 لمحادثات أستانة “أن تشكيل اللجنة الدستورية مسألة ذات أهمية كبيرة. ولا يزال العمل عليه مستمرا، ونقترب من الهدف المرغوب فيه، وهو تشكيل ثلثها من المجتمع المدني، وبعد ذلك سيكون من الممكن الحديث حول تشكيل اللجنة الدستورية التي تضم 150 شخصا”.

من جهته قال رئيس وفد المعارضة السورية إلى أستانة أحمد طعمة، إنه ليس من الواضح بعد متى سيتم إنشاء اللجنة الدستورية ومتى ستبدأ أعمالها. ويرى مراقبون أن التجاذب الحاصل بشأن اللجنة يكمن في أنها ستحدد شكل النظام السياسي في البلاد مستقبلا، ويحرص النظام وداعمته روسيا على أن يكون لهما الكلمة الفصل داخل هذه اللجنة.

ولا ينحصر فشل اجتماع أستانة الأخير في مسألة اللجنة الدستورية، بل في باقي جوانبه الأخرى ومنها حل معضلة المعتقلين والمفقودين حيث لا يزال النظام يناور ويرفض الالتزام الجدّي بتحقيق خرق على هذا الصعيد.

واضطرت المعارضة إلى القبول بعرض أقلّ من المطلوب وهو مبادلة 50 معتقلا مع النظام، فيما بدا خطوة منها للإبقاء على باب الأمل مفتوحا أمام الآلاف من المعتقلين في سجون الأسد.

وبخصوص ملف إدلب الذي حظي باهتمام كبير خلال هذه الجولة، خاصة بعد اتهامات موسكو ودمشق للمعارضة في إدلب باستهداف مدينة حلب بغاز الكلور، تم التشديد على وجوب الإسراع في تنفيذ الاتفاق الذي توصّلت إليه روسيا وتركيا في سبتمبر الماضي بخصوص إنشاء منطقة عازلة في محافظة إدلب وأجزاء من ريفي حلب وحماة.

وشدّدت موسكو على استعدادها لمساعدة المعارضة السورية المسلحة في القضاء على مسلحي جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) التي تبسط سيطرتها على أكثر من نصف مساحة إدلب، وترفض حتى الآن الانسحاب من المنطقة العازلة إلى الحدود التركية.

وقال مبعوث الرئيس الروسي “إن مسألة محاربة الإرهاب في سوريا ما تزال قائمة، لقد لفتنا الاهتمام، بما في ذلك بالنسبة للمعارضة السورية، إلى عدم السماح باستمرار بقاء مسلحي جبهة النصرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب”.

وأكد لافرينتيف أن “روسيا مستعدة لتقديم الدعم للمعارضة في القضاء على هذا التنظيم (جبهة النصرة) عند الضرورة”. وأشار المبعوث الروسي إلى أن عدد مسلحي هذا التنظيم يبلغ نحو 15 ألف شخص. وهذا ما تعترف به المعارضة المسلحة.

وأعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي، في وقت سابق أن إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب تحتاج إلى وقت إضافي. وكشفت مصادر من المعارضة حضرت المحادثات أن روسيا أبدت التزامها باتفاق إدلب، وأنها ليست في وارد القيام بشن أي هجوم على المحافظة التي تضم نحو 3 ملايين نسمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى