الأخبار

الصين تدشن أيقونة معمارية من تصميم العراقية زهاء حديد

الملايين من المسافرين الذين سيحطون سنويا في مطار بكين-داكشينغ سيتمكنون من أن يروا عبر نوافذهم نجمة بحر ضخمة، تمثّل مبنى المطار وأطرافه الخمسة.

الراحلة زهاء حديد ستكون حاضرة في الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني وسيتم بهذه المناسبة افتتاح مطار بكين-داكشينغ الذي صممته المهندسة المعمارية العراقية على شكل نجمة بحر ضخمة، ليكون من بين إحدى الأيقونات التي تركتها في العديد من عواصم العالم.

بكين – استثمرت الصين مليارات الدولارات لإنشاء مطار عملاق ساهمت في تصميمه المهندسة العراقية البريطانية زها حديد، يُقدّم على أنّه سيكون الأكبر في العالم، وذلك استجابةً للارتفاع الشديد في حركة النقل الجوي الصيني، وللاحتفال بالذكرى السبعين للنظام الشيوعي.

وسيتمكن الملايين من المسافرين الذين سيحطون سنويا في مطار بكين-داكشينغ من أن يروا عبر نوافذهم نجمة بحر ضخمة، تمثّل مبنى المطار وأطرافه الخمسة التي تتيح الوصول إلى الطائرات انطلاقا من نقطة مركزية.

وانتهت الأعمال رسميا الأحد، في التاريخ المحدد، قبيل الافتتاح المرتقب في 30 سبتمبر… عشية ذكرى تأسيس ماو تسي تونغ للجمهورية الشعبية في الأول من أكتوبر 1949.

ومن المتوقع أن تتضمن احتفالات الذكرى الـ70 عرضا عسكريا ضخما في قلب بكين، يشارك فيه الرئيس شي جينبينغ.

ويأتي افتتاح مطار جديد مستقبلي في انسجام تام مع “الحلم الصيني” الذي يعرضه شي جينبينغ على مواطنيه.

وأقيم المطار الجديد ذو محطة واحدة على بعد 46 كيلومترا جنوب ساحة تيان انمين، وسيتيح عند بدء العمل به تخفيف الاكتظاظ عن المطار الدولي الحالي بكين-العاصمة الذي يقع بمحطاته الثلاث في شمال شرق المدينة الكبرى المتمددة ذات الـ21 مليون نسمة.

بصمة عراقية في بكين

مشروع عملاق
مشروع عملاق

يحتل المطار الجديد مساحة 700 ألف متر مربّع، ما يسمح بالقول إنّه الأكبر في العالم. ويغوي داخل المطار بأضوائه وخطوطه المموّجة، وهو من تصميم المهندسة العراقية-البريطانية زها حديد التي رحلت عام 2016 وقسم الهندسة التابع لشركة مطارات باريس.

وتتميز أعمال زها حديد باتجاه معماري واضح في جميع أعمالها وهو الاتجاه المعروف باسم التفكيكية أو التهديمية وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط تمكنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة.

وتمتعت حديد بشهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، حيث حصلت على جوائز وأوسمة عديدة خلال مسيرتها العملية.

كما شاركت في تصميم بعض أشهر البنايات في العالم مثل مركز الرياضات المائية الذي احتضن منافسات دورة الألعاب الأولمبية في عام 2012 في لندن، بالإضافة إلى بنايات أخرى في مدن عديدة منها دار الأوبرا في كارديف، وفي برلين وهونغ كونغ، وأبوظبي.

واستوحت زهاء تصميم مطار “بكين -داكشينغ ” من العمارة الصينية التقليدية، والتي عادةً ما تتضمن مساحات مترابطة حول ساحة مركزية.

وتتكون مباني المطار الطرفية والتي تبلغ مساحتها 313 ألف متر مربع، من حجر الأساس وخمسة أذرع تشبه طائر الفينيق الذي ينتشر بجناحيه.

وقالت مصادر من مجموعة بكين للإنشاءات الهندسية إن تصميم الأجنحة الخمسة يستخدم صورا من الثقافة الصينية مثل الحرير والشاي والبورسلين والأراضي الزراعية والحدائق الصينية.

وأضافت ذات المصادر، أن المسافة من نهاية كل جناح إلى مبنى المركز ستكون أقل من 600 متر وهو تصميم يميز المطار عن معظم المطارات الدولية الكبرى التي يحتاج فيها أي مسافر للسير لمسافات طويلة.

ويغطي المبنى سقف تبلغ مساحته ما يوازي مساحة 25 ملعب كرة قدم، وتسمح فتحات في السقف بدخول الضوء حتى أكثر مستويات المنشأة انخفاضاً.

واحتاج المطار إلى نحو 200 ألف طن من الفولاذ وهي كمية مماثلة لتلك التي استخدمت في بناء حاملة الطائرات لياوننغ.وخلافا للمطارات التقليدية، شيّد المطار الجديد بشكل مرتفع إذ يضم طابقين للواصلين ومثلهما للذهاب، كما يضم محطة مترو/قطارات أقيمت مباشرة تحت المحطة.

ويوجد في المطار فندقا ومركزا للنقل الداخلي، حيث سيربط بين خطوط السكك الحديدية المحلية العادية وعالية السرعة “قطار الطلقة”، لسهولة التنقل بين العاصمة والمقاطعات والمدن المتاخمة لها كمدينة تيانجين ومقاطعة خبي الواقعة ناحية الجنوب.

تصميم الأجنحة الخمسة استخدم صورا من الثقافة الصينية مثل الحرير والشاي والبورسلين والأراضي الزراعية والحدائق الصينية

وقال فنغ تشنغ لين، رئيس مصلحة الطيران المدني الصينية، إن المطار مستعد للتشغيل حيث جرى الانتهاء من فحوصات الطيران، مضيفا أنه سيجري ربط المطار بشكل “انسيابي” بمترو الأنفاق والسكة الحديدية للقطارات فائقة السرعة.

وتبلغ مساحة محطة الركاب الداخلية الخاصة للمطار 7.5 مليون متر مربع، وقد صممتها المهندسة المعمارية العالمية زها حديد قبل وفاتها، وقد تم الكشف عن خطط المبنى في أوائل 2015.

وسيمكّن خط سريع من الوصول إلى وسط بكين انطلاقاً من المطار الجديد في 20 عشرين دقيقة، غير أنّ ربطه بالمطار الحالي الذي يبعد عنه 67 كيلومتراً، يبدو أكثر تعقيداً.

وكلّف المشروع 120 مليار يوان (15 مليار يورو)، و400 مليار مع احتساب مد السكك الحديد والطرق.

شركات عالمية تحجز مكانها

مئة مليون مسافر في الانتظار
مئة مليون مسافر في الانتظار

وفق التلفزيون الصيني الرسمي، فإنّ تحالف “سكاي تيم” الذي يضم شركات “دلتا” و”إير فرانس” و”كا.أل.أم” سينتقل إلى المنشأة الجديدة برفقة شريكه الصيني “ايسترن إيرلاينز”، وكذلك “تشاينا ساوثرن إيرلاينز”. ومن المتوقع إبقاء “إير تشاينا”، ثالث شركة طيران صينية، على الجزء الأكبر من رحلاتها في مطار بكين-العاصمة.

ومن المتوقع أيضا، أن يعمل المطار الجديد بكامل طاقته الاستيعابية عام 2025، مع وجود 4 مهابط طائرات وقدرة على استقبال 72 مليون مسافر في العام الواحد.ويأتي المطار مجهزا بعدد من أنظمة الرادار الصينية المتقدمة، لتوفير توقعات أسرع وأكثر دقة للأحوال الجوية.

ومن بين تلك الأنظمة؛ يبرز نظام رادار سحابي بالأمواج الميليمترية، طوّره معهد أبحاث تابع للشركة الصينية لعلوم وصناعة الفضاء.

وبحسب المعهد المذكور؛ يتميز النظام الراداري بقدرته على مراقبة السُحُب والضباب والثلوج والرذاذ ضمن نطاق 60 كيلومترا من المطار، والحصول على بيانات الطقس. كما أنه ومن خلال العمل سوية مع أنظمة الرادار الأخرى، سيتمكن النظام المذكور من تحسين توقعات الطقس للمطار بدقة أعلى، إلى جانب توفير مراقبة لحظية وبالتوقيت الفعلي، وإنذار مُبكر لظروف الرؤية المنخفضة.

كما يوجد أيضا نظاما رادار لتحديد نوعية واتجاه الرياح، ونظام رادار لتحديد ومعرفة الرياح التروبوسفيرية (الرياح في الطبقة السُفلى للغلاف الجوي) المُطوّرة من قبل المعهد نفسه قريباً.

وبالإضافة إلى ذلك، طوّرت شركة المجموعة الصينية للتكنولوجيا الإلكترونية نظام رادار جديد للأحوال الجوية للمطار الجديد، وهو مُزود بأحدث تكنولوجيات الرادار، حيث يتمتع بسرعة مسح أقوى، وموثوقية أعلى، وقدرة تعقب أقوى من أنظمة الرادارات العادية.

ويستغرق الأمر دقيقة واحدة فقط للرادار المذكور لإكمال عملية المسح والتصوير، مقابل 6 دقائق تقريباً لأنظمة الرادار السابقة. كما أن النظام الجديد قادر على العمل لـ3 آلاف ساعة، أي خمسة أضعاف أنظمة الرادار العادية.

وبحسب الجهة المُطوِّرة؛ فإن بإمكان الرادار تعقب واكتشاف الأحوال الجوية الخطيرة، مثل العواصف الرعدية والرياح العاتية، بشكل أسرع وأكثر دقة.

وذكرت صحيفة العلوم والتكنولوجيا في شهر أبريل الماضي، أنه سيتم تجهيز المطار بنظام المضخة الحرارية الأرضية. ويمكن للنظام استخراج الطاقة الحرارية الأرضية الضحلة البالغة 563600 غيغا جول كل عام، مما يوفر 1736 مترًا مكعبًا من الغاز الطبيعي ويخفض أكثر من 15800 طن من انبعاثات الكربون في مساحة 2.5 مليون متر مربع من مكان العمل في المطار.

ويعد نظام المضخة الحرارية نوعا من أنظمة تكييف الهواء يتميز بارتفاع الكفاءة وتوفير الطاقة ويوفر التدفئة والتبريد الداخليين باستخدام موارد الطاقة الحرارية الأرضية الضحلة.

وقالت الصحيفة إن نظام المضخة الحرارية بالمطار سيكون له محطتان للطاقة مع ثماني وحدات ضخ تغطي مساحة بناء إجمالية تبلغ حوالي 17800 متر مربع ومنطقة إمداد طاقة تبلغ 2.48 مليون متر مربع.

100 مليون مسافر

ستضم المنشأة في أفق عام 2040 ثمانية مدارج، بينها واحد للاستخدام العسكري، وستكون مهيأة لاستيعاب 100 مليون مسافر، ما يجعلها الأكبر في العالم لناحية القدرة الاستيعابية، وفق المصممين.

وفي الوقت الحالي، يتخطى مطار أتلانتا في الولايات المتحدة عتبة الـ100 مليون مسافر، ولكن في ظل وجود محطتين بداخله فقط.

وعلى سبيل المقارنة، فإنّ كل محطات مطار باريس شارل ديغول، العاشر على الصعيد العالمي، استقبلت أقل من 70 مليون مسافر عام 2017، أما مطار بكين-العاصمة، الثاني عالميا، فقد بلغ قدرته القصوى مع استقباله ما يزيد بقليل عن 100 مليون مسافر سنوياً.

وتشهد حركة النقل الجوي في هذا البلد الآسيوي ازدهارا وسط ارتفاع مستوى الحياة وشهية الصينيين للسفر.

ويشير اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) إلى أنّ الصين ستتخطى في منتصف عام 2020 الولايات المتحدة لتمثّل السوق الجوي الأول في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى