الأخبار

الحزب الحاكم في الجزائر يعيد بلخادم لترتيب التوازنات قبل الانتخابات الرئاسية

الحزب الحاكم في الجزائر يعيد بلخادم لترتيب التوازنات قبل الانتخابات الرئاسية

معاذ بوشارب يقول إن قرار بوتفليقة بشأن الترشح للرئاسة سيعلن في الوقت المناسب.

الجزائر – اعتبرت عودة عبدالعزيز بلخادم إلى الواجهة السياسية في الجزائر، أكثر من مجرد مكلف بمهمة داخل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وهي رد اعتبار لرجل أبعد بطريقة غير مشرفة قبل خمس سنوات، وعودة تعيد ترتيب التوازنات داخل السلطة، قبل نحو أربعة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية.

وتفادى رئيس الحكومة والأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالجزائر عبدالعزيز بلخادم، في الندوة الصحافية التي نشطها في مبنى الحزب بمعية المنسق العام الجديد للحزب معاذ بوشارب، الخوض في تفاصيل وظروف إبعاده من الحزب ومن السلطة قبل خمس سنوات.

وشكلت العودة اللافتة لبلخادم  تحولا لافتا في مسار الحزب والمشهد السياسي بالبلاد، قياسا بالهالة التي أحيط بها نزوله في مبنى الحزب، والدعوة العامة التي وجهها ما يعرف بـ”لجنة الوفاء” ( فصيل من المناضلين) الموالية له، للصحافة المحلية والدولية من أجل تغطية الحدث.

وألمح مصدر مقرب من بلخادم لـ“العرب” إلى أن “عودته إلى الواجهة عبر بوابة الحزب، هي جزء من توزيع جديد للتوازنات والأوراق داخل السلطة، تحسبا لموعد الانتخابات الرئاسية المنتظرة في شهر أبريل المقبل”، في إشارة إلى دور جديد للرجل في المرحلة الحالية، وقد يكون أحد البدائل الناجعة للسلطة، قياسا بدرجة القبول التي يحظى بها داخل الحزب والشارع.

ورفض بلخادم، في رده على سؤال صحافي، الخوض في مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، كما لم يحسم كسابقيه من مسؤولي الحزب الأمر، بأن “بوتفليقة هو المرشح الآلي للحزب”، كما دأب عليه الأمين العام المخلوع جمال ولد عباس.

وهو ما يبقي الباب مفتوحا أمام مهمة أو طموح غير معلن للرجل، خاصة وأنه أكد أن موقفه كان واضحا في 1999، وفي 2004، وفي 2009، وفي 2014، في إشارة إلى دعم بوتفليقة، لكنه لم يفصح عن موقفه في 2019.

وبالموازاة مع ذلك أبقى منسق الحزب معاذ بوشارب، الباب مفتوحا أيضا، لما رد على سؤال مماثل بالقول “قرار الرئيس بوتفليقة بخصوص الترشح من عدمه سيعلن في المكان والوقت المناسبين، وأن مرشح جبهة التحرير الوطني معروف”.

عودة بلخادم ورموز الحرس القديم في مرحلة لاحقة، تستهدف تحقيق التوازن مع تنامي نفوذ رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى

وتبقي هذه التصريحات الغموض بخصوص موقف الحزب، وتفتح المجال أمام جميع الاحتمالات، عكس الحقبة السابقة، التي كان جمال ولد عباس يجزم فيها باستمرار بوتفليقة في السلطة، وأنه هو مرشح الحزب.

وصرح عبدالعزيز بلخادم في الندوة الصحافية بأنه “كلف بمهمة تصويب مسار الحزب، وإعادة شرعية المناضلين لمؤسسات وهياكل جبهة التحرير الوطني، وذلك عبر تطهيرها من الدخلاء ومن الفساد، الذي استشرى في مفاصلها خلال المراحل الماضية”.

ومع إشارته إلى تكليفه بالمهمة من طرف المنسق العام معاذ بوشارب، إلا أنه رفض المصدر الذي أوعز بقرار عودته إلى الواجهة، خاصة وأن المنسق المذكور أقل بكثير من مسألة الحسم في الملفات المتراكمة داخل الحزب، وهو لا يعدو إلا مجرد منفذ لتعليمات فوقية، تنسب للرئيس بوتفليقة، لكنه تجاهل خلفياتها ودلالاتها.

وأفاد برلماني من جبهة التحرير الوطني لـ“العرب” بأن “رئيس البرلمان الحالي ومنسق الحزب معاذ بوشارب، يتلقى تعليمات وتوجيهات تسيير وتصويب شؤون الحزب، من الرئاسة”. وأضاف أن عودة بلخادم، ورموز الحرس القديم في مرحلة لاحقة، تستهدف تحقيق التوازن مع تنامي نفوذ رئيس الوزراء الحالي ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، صاحب الطموح أيضا لخلافة بوتفليقة، ومرشح أحد الأجنحة المتصارعة على منصب رئيس الجمهورية.

وكان عبدالعزيز بلخادم، قد أبعد من قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، بعد انقلاب أبيض نفذه في 2012، خليفته في الحزب عمار سعداني، كما أبعد من أي منصب رسمي في الدولة، بقرار أعلن في أحد اجتماعات مجلس الوزراء في أوت 2014.

وبررت برقية لوكالة الأنباء الرسمية حينئذ القرار حسب ما أسندته إلى مصدر “مأذون”، بـ“تواطؤ بلخادم مع عواصم غربية وعربية لخلافة بوتفليقة”.

وشغل الرجل منذ ظهوره في حركة التمرد التي قادها داخل جبهة التحرير الوطني العام 2004، لدعم ترشح بوتفليقة، وسحب البساط من علي بن فليس، عدة مناصب سياسية إلى جانب قيادة الحزب الحاكم، كرئيس للحكومة، ووزير الخارجية، ووزير دولة ومستشار رئاسي.

ورفض الرجل التعليق في ندوته الصحافية على تصريحات سابقة لغريمه عمار سعداني، الذي كان يصفه أمام وسائل الإعلام بـ“ابن الخادم” و“عميل فرنسا”.

وشدد على أن مهمته ستتمحور حول “تصويب مسار الحزب، عبر تطهيره من الدخلاء ومن ممارسات الفساد”، في إشارة إلى من يوصفون بـ“المنتسبين الانتهازيين”، و“استشراء مظاهر الرشوة والاتجار بمناصب المسؤولية والنيابة”.

ويوحي تصريح بلخادم إلى اعتراف السلطة بـ“انحراف حزب جبهة التحرير عن مساره السياسي بسبب ممارسات المراحل السابقة خلال قيادته من طرف عمار سعداني وجمال ولد عباس، وإلى تخوفها من احتراق أوراقها الشعبية، بسبب انزلاقات خطاب القادة السابقين”، ولذلك تمت إعادة الاعتبار للرجل للاستفادة من قبوله الحزبي والشعبي.

وكان المنسق العام للحزب قد شدد في تصريحاته الأخيرة على “فتح أبواب الحزب أمام جميع أبنائه ومنتسبيه”، في إشارة إلى الأجنحة الغاضبة والمتمردة على خيارات القادة السابقين، على غرار عبدالرحمن بلعياط، صالح قوجيل، عبدالكريم عبادة.. وغيرهم، الذين شقوا عصا الطاعة على سعداني وولد عباس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى