الأخبار

الاستجابة لنداء الاستغاثة تكشف حقيقة الجيش الأفغاني المنهك

قندهار (أفغانستان)- لم تكد دقائق تمر بعد العودة من مهمة قبل بزوغ فجر الثلاثاء، حتى عاودت قافلة من القوات الأفغانية الخاصة المرهقة الانطلاق من قاعدتها في محاولة لإنقاذ شرطي جريح يحاصره مقاتلو حركة طالبان على مشارف مدينة قندهار.

كان التوتر الشديد سمة المهمة السابقة، لكنها مرت بهدوء. أما هذه العملية في المدينة الجنوبية، معقل طالبان قبل الإطاحة بالحركة من الحكم في العام 2001، فكانت مختلفة تمام الاختلاف.

وأوضح صحافي من رويترز كان يرافق المجموعة المؤلفة من حوالي 30 أو 40 جنديا من القوات الخاصة، أن المجموعة تعرضت لنيران الأسلحة الآلية وهي تقترب في طابور من سيارات الهامفي المصفحة من الحاجز الأمني الذي كان الشرطي أحمد شاه محاصرا فيه وحده منذ 18 ساعة.

ونشبت معركة عندما شقت القافلة طريقها بالقوة إلى موقع الجندي الجريح وتم نقله على عجل إلى إحدى السيارات. ثم توالت سلسلة من الانفجارات القوية. وأصيبت عربات الهامفي الثلاث الأولى من بين السيارات الثماني بصواريخ وأصبحت اثنتان في حالة لا تسمح لهما بمواصلة السير.

وفي الفوضى التي أعقبت الانفجارات سارع جنود القوات الخاصة في السيارات المعطلة لركوب عربات أخرى. وبدا أن النيران تنهال من كل اتجاه. من المدافن على جهة اليسار ومن أشجار الكافور الكثيفة على الجانب الأيمن.

وارتد وابل من الرصاص عن بدن العربات المصفحة. وكان الجنود الذين يتولون إدارة المدافع أعلى سيارات الهامفي يدورون بعنف في كل اتجاه ويصوّبون نيرانهم على المواقع التي يعتقدون أن مقاتلي طالبان يختبئون فيها.

أساليب الكر والفر التي يتّبعها المسلحون تجعل منهم عدوا يستحيل حصاره في موقع ما
أساليب الكر والفر التي يتّبعها المسلحون تجعل منهم عدوا يستحيل حصاره في موقع ما

وتلقت سيارات الهامفي الباقية عدة إصابات بقذائف صاروخية وتردّدت أصداء انفجارات عنيفة داخل الهياكل المعدنية المكتظة بمن فيها وارتجت العربات بعنف.

وانطلقت القافلة مبتعدة بسرعة. وبجانب الطريق كان صبي صغير ينحني لتفادي الإصابة. وأبرزت تلك المهمة الأعباء القاسية التي يواجهها الجيش الأفغاني في وقت يسيطر فيه مقاتلو طالبان على المزيد من الأراضي وتستكمل فيه القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان بعد حرب غير حاسمة استمرت 20 عاما.

فأساليب الكر والفر التي يتّبعها المسلحون تجعل منهم عدوا يستحيل حصاره في موقع ما، في حين أن الدعم الجوي الذي توفره الطائرات الحربية الأفغانية لا يوفر الحماية إلا في الأماكن التي يعيش فيها عدد قليل من المدنيين. ومثل هذه العمليات في المناطق العمرانية محفوفة بالخطر.

فما إن خرجت قافلة القوات الخاصة من قاعدتها يوم الثلاثاء حتى وجدت نفسها عاجزة عن الحركة وسط حركة السيارات الكثيفة القادمة إلى قندهار. وبينما كان الرصاص يتطاير خلال الهجوم قبل بضع دقائق اضطرت سيارات الهامفي إلى الاندماج وسط السيارات المدنية التي وجد ركابها أنفسهم وسط النيران.

ولم ترد أنباء عن وقوع قتلى بين وحدة القوات الخاصة ونجحت الوحدة في إنقاذ الشرطي أحمد شاه بساق جريحة جراء انفجار قنبلة يدوية. وبعد مغادرة المنطقة صعد بعض أفراد الفريق إلى قاعدة للشرطة على تل لتنظيم أنفسهم ومعهم الشرطي الجريح.

وقال شاه في حديثه لوكالة رويترز وقد بدت عليه علامات الإرهاق واضحة، “كنا 15 فردا (من الشرطة) واستسلم كل رفاقي (لطالبان) باستثنائي وحدي”. وأشار إلى أنه يحارب منذ يومين. وأضاف، “قلت لنفسي إنني لن أفعل ذلك (استسلم) وما دام لدي سلاح، فلماذا استسلم؟”.

وتقرر نقل شاه إلى القاعدة الرئيسية للقوات الخاصة، بينما خطط أفراد آخرون من الوحدة للعودة لمحاولة استعادة سيارات الهامفي المعطوبة والتصدي لمقاتلي طالبان المختبئين في المدينة.

وبث الموقع أعلى التل شعورا بالسكينة في النفوس، بينما امتد أسفله منظر المدينة مترامية الأطراف بمبانيها ذات الارتفاعات المنخفضة: لقد عادت قندهار لتصبح محل نزاع من جديد مع جانب كبير من بقية أفغانستان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى