الأخبار

إيران تنشئ فرق موت لوأد ثورة مضادّة لها في العراق

إيران تنشئ فرق موت لوأد ثورة مضادّة لها في العراق

إسكات الخصوم والمنتقدين وترهيب حكومة عادل عبدالمهدي مهمة إيرانية مستمرة في العراق.

لندن – كشف تقرير بريطاني، بشأن اعتماد إيران على فرق اغتيالات لتصفية خصومها ومنتقديها في العراق، عن الحاجة المتزايدة لطهران، للاعتماد على أساليب أكثر خشونة للحفاظ على نفوذها في البلد، والذي بدأ في الانكماش مع توسّع النقمة الشعبية على رموز وقادة العملية السياسية وغالبيتهم العظمى من الموالين لإيران، وذلك بعد أن أيقن الجميع من فشل تلك العملية، وبعد أن لمس العراقيون نتائجها الكارثية على مختلف مظاهر حياتهم.

ونقلت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية، الجمعة في تقرير لمحرر الشؤون الدفاعية كون كوغلن، عن مسؤولين أمنيين بريطانيين قولهم إن طهران تستخدم فرق اغتيالات لإسكات منتقديها، وسط ما وصفته بمحاولات إيرانية للتدخل في شؤون الحكومة العراقية الجديدة.

ومنذ سنة 2003 اعتمدت طهران على قادة أحزاب وميليشيات نافذين لضمان حضور قوي لها في العراق وللمشاركة عن طريقهم في صناعة القرار العراقي وتوجيه السياسات الكبرى للبلد وجهة ملائمة لمصالحها، لكنّ تسويق هؤلاء للجمهور العريض لم يعد متاحا نظرا لما تلبّس بهم من شبهات فساد، وأيضا لفشلهم في إدارة الدولة التي سجّلت تراجعات هائلة في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

وأصبحت إيران تلمس تزايد النقمة عليها وعلى كلّ ما يمتّ لها بصلة في العراق، في الشارع خلال التظاهرات حيث تُرفع شعارات مضادّة للسياسات الإيرانية في البلد.

وفي البصرة، أحد أهم مَواطن شيعة العراق الذين تعتبرهم الأحزاب الموالية لإيران خزانها البشري، وجّه المحتجوّن الغاضبون على سوء الأوضاع في المحافظة إنذارا قويا لطهران وأتباعها بهجومهم على القنصلية الإيرانية هناك وإحراقها.

لكنّ إيران تتابع بقلق أكبر بروز بعض السياسيين العراقيين الداعين لإنهاء سطوة إيران على القرار في بلدهم، ونجاحهم في كسب تأييد الرأي العام.

وكرّست الانتخابات العامة التي جرت في العراق في مايو الماضي تراجع معسكر الموالاة لطهران. ورغم تقدّم هؤلاء إلى الانتخابات تحت عنوان مُغر وهو عنوان “الحشد الشعبي” الذي لعب دورا بارزا في مواجهة تنظيم داعش، إلا أنهم فشلوا في الحصول على الأغلبية التي تتيح لهم لعب دور رئيسي في تشكيل الحكومة الجديدة، بينما سجّل المعسكر الرافع للواء سيادة القرار العراقي بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تقدّما ملحوظا أتاح له دورا ملموسا في تشكيل حكومة عادل عبدالمهدي.

عجز إيران المتزايد عن التأثير في المشهد العراقي بالوسائل السياسية يدفعها إلى اعتماد وسائل أكثر خشونة

وتجلّى أوضح تأثير للصدر في هذا الباب، بمنعه وصول مرشّحي تحالف البناء المشكّل أساسا من أحزاب موالية لإيران بقيادة هادي العامري زعيم منظمة بدر، إلى أهم المناصب الحكومية وعلى رأسها منصب وزير الدفاع الذي لا يزال الصراع عليه متواصلا، حيث يريد العامري، ومن ورائه إيران، إسناده إلى فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي.

وتبّين تلك التطورات تراجع قدرة إيران على التحكّم بالمشهد العراقي من خلال الوسائل السياسية المعهودة ما يفسّر لجوءها إلى الوسائل الخشنة ومن ضمنها تصفية خصومها ومنتقديها في العراق قبل أن ينجحوا في التحوّل إلى تيار كبير يجرف نفوذها الذي أرسته على مدى ما يقارب الـ15 سنة.

وورد في تقرير الصحيفة البريطانية أنّ فرق الاغتيالات نُشرت في العراق بأوامر من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في محاولة لإرهاب خصوم إيران في العراق.

ويضيف كاتب التقرير أن نشر هذه الفرق تمّ في أعقاب الانتخابات العامة التي أجريت بالعراق في مايو الماضي، بعد أن تعرقلت محاولات طهران لفرض نفوذها في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة جراء فشل المرشحين الذين دعمتهم في الفوز بالأصوات الكافية لتشكيل الحكومة.

وينقل عن مسؤولين أمنيين بريطانيين يقدمون الدعم والتدريب العسكري للقوات المسلحة العراقية قولهم إن إيران ردت بإرسال عدد من فرق الاغتيالات من قوة فيلق القدس لإسكات الأصوات العراقية المنتقدة لإيران.

ويقول كوغلين إن إحدى أبرز الضحايا لهذه الفرق حتى الآن كان عادل شاكر التميمي، الحليف المقرب لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، والذي اغتالته قوة القدس في سبتمبر الماضي، بحسب التقرير.

والتميمي البالغ من العمر 46 عاما، سياسي شيعي يحمل جنسية مزدوجة عراقية كندية، ويصفه التقرير بأنه كان يشارك في محاولات بغداد لرأب الصدع بين السنّة والشيعة في العراق، كما عمل مبعوثا غير رسمي في مجال استعادة وتحسين العلاقات مع دول الجوار كالأردن والمملكة العربية السعودية.

ويشير التقرير إلى أنّ فرق الاغتيالات الإيرانية استهدفت خصوما من مختلف تشكيلات الطيف السياسي في العراق، بحسب المصادر الأمنية ذاتها. ويضرب مثلا بضحية أخرى لهذه الفرق، وهو شوقي الحداد، ويصفه بأنه مقرب من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي كان يتلقى دعم طهران لكنه في الفترة الأخيرة اتخذ نهجا أكثر وطنية، بحسب تقرير الصحيفة. وقُتل في يوليو في أعقاب اتهامه لإيران بالتدخل لتزوير الانتخابات العراقية.

ويتحدث التقرير أيضا عن محاولة اغتيال فاشلة في أغسطس الماضي استهدفت راضي الطائي، الذي يصفه بأنه مستشار للمرجع الشيعي في العراق علي السيستاني، إثر دعوة الطائي للحد من النفوذ الإيراني في الحكومة الجديدة.

Thumbnail

وينقل تقرير الديلي تلغراف عن مسؤول أمني بريطاني رفيع قوله إن “إيران كثفت حملتها لإرهاب الحكومة العراقية باستخدام فرق الاغتيال لإسكات منتقدي طهران، وتلك محاولة وقحة لإحباط الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية الجديدة لإنهاء التدخل الإيراني في العراق”.

وكانت موجة الاغتيالات التي  تلاحق نشطاء الحراك الاحتجاجي في محافظة البصرة، قد طالت رجل الدين الشيعي الشابّ الشيخ وسام الغراوي المعروف بنشاطه ضمن الاحتجاجات على الفساد وسوء الأوضاع الاجتماعية وتردّي الخدمات.

وسقط الغراوي برصاص مسلحين مجهولين هجموا عليه أمام منزله في منطقة الموفقية وسط مدينة البصرة، في عملية ربطتها أغلب المصادر بنشاط رجل الدين الثلاثيني ضمن الحراك الاحتجاجي ومواقفه المؤيدة لمطالب المحتجّين.

كما ربطت المصادر اغتيال الغراوي بحادثتي اغتيال مماثلتين طالتا في وقت سابق ناشطة وناشطا في الاحتجاجات، محذّرة من أنّ نشطاء آخرين موجودون على لوائح التصفية الجسدية، وذلك بالاستناد إلى شهادات عدد من النشطاء، قالوا إنّهم يشعرون بتحرّكات مريبة حولهم وعمليات مراقبة وتتبع دائمة لتحرّكاتهم، بما في ذلك التجسّس على هواتفهم المحمولة.

وكان مسلّح بمسدّس مزود بكاتم للصوت قد أردى في سبتمبر الماضي الناشطة والحقوقية البارزة في محافظة البصرة سعاد العلي.

وفي أواخر شهر سبتمبر الماضي قتل مسلّحون مجهولون المعاون الطبي الشاب حيدر شاكر في مدينة البصرة. وأظهرت لقطات صوّرتها كاميرا مراقبة، المسلّحين الذين كانوا يمتطون سيارة رباعية الدفع، وهم يتوقّفون خلف الشاب أثناء عبوره الطريق بعد خروجه من المستشفى التعليمي في البصرة ويطلقون عليه الرصاص بدم بارد ويغادرون على مهل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى