الأخبار

وحدة الخليج ومحاربة الإرهاب خطان أحمران

ترامب للشيخ تميم وحدة الخليج ومحاربة الإرهاب خطان أحمران

التجاهل وليس التدخل العسكري استراتيجية دول المقاطعة في التعامل مع قطر وسط ترجيح سيناريو التغيير من داخل أسرة آل ثاني.

العرب  

 

لندن – صدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بوضع وحدة الخليج ومكافحة الإرهاب شرطين لأي وساطة في الأزمة مع السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وهو ما يعني أن رهان قطر على تمييع أسباب الخلاف ومحاولة تحويل النظر عنها قد فشلت، وأن واشنطن متمسكة بأن تفكك الدوحة علاقتها بالجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها، وأن تكف عن إدخال دول مثل إيران وتركيا في قضايا خلافية خليجية يفترض أن تحل داخل مجلس التعاون.

وقالت أوساط خليجية إن كشف البيت الأبيض فحوى الاتصال بين ترامب والشيخ تميم أفشل حملة إعلامية بدأتها الدوحة للإيهام بأن الرئيس الأميركي أطلع أمير قطر على فحوى لقائه بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأنه عرض وساطة أميركية لحل الأزمة مع الرباعي، ما يعني إنجاح خطة الدوحة في ربح الوقت.

ولفتت الأوساط إلى أن البيان هدف إلى تأكيد أن واشنطن تتابع الأزمة عن كثب، وأنها تعطي الوقت اللازم للوساطة الكويتية، لكنها لن تنتظر كثيرا، فضلا عن أنها لم تغير موقفها من أسباب الخلاف، وهو موقف يحمّل الدوحة مسؤولية تمويل الإرهاب، ويطالبها بالتوقف فورا عن ذلك استجابة لاتفاق محاربة الإرهاب الذي وقعته خلال زيارة وزير الخارجية ريكس تيلرسون إليها خلال الأسابيع الأولى من الأزمة.

وقال البيت الأبيض، الجمعة، إن الرئيس الأميركي أكد لأمير قطر أهمية الوحدة لمحاربة الإرهاب وذلك بعد أن عرض الوساطة لحل الخلاف بين الدوحة ودول المقاطعة الأربع.

أنور قرقاش: الدوحة تقوّض جهود الكويت الخيّرة بتعدد مصادر القرار والتردّد والتراجع

وأضاف البيت الأبيض أنه خلال اتصال هاتفي الخميس مع أمير قطر “ركز الرئيس على أهمية تنفيذ جميع الدول التزامات قمة الرياض للحفاظ على الوحدة وهزيمة الإرهاب في الوقت نفسه ووقف التمويل للجماعات الإرهابية ومحاربة الفكر المتطرف”.

وأوضح أنهما بحثا أيضا استمرار التهديد الذي تمثله إيران على استقرار المنطقة.

ويرى متابعون للشأن الخليجي أن البيان حمل إشارات واضحة إلى غضب واشنطن من سياسة الدوحة التي أعادت علاقتها الدبلوماسية مع إيران في تناقض مع التزام الشيخ تميم بمقررات قمم الرياض التي حضرها ترامب في مايو الماضي، وأسست لتحالف إسلامي أميركي أوسع ضد إيران، مشيرين إلى أن قطر ليس بمقدورها أن تخرق تلك المقررات كما فعلت مع التزامات سابقة لها مع السعودية.

ويعتبر المتابعون أن بيان البيت الأبيض نجح في الرد على تصريحات لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي استفاد من غموض في تصريحات أمير الكويت ليعلن رفض بلاده المطالب الثلاثة عشر كأرضية للحوار.

وأشاروا إلى أن الموقف الأميركي الواضح ساهم بشكل كبير في تضييق الخناق على قطر وجعل هامش المناورة أمامها محدودا جدا، خاصة بعد البيان الذي صدر عن الرباعي العربي، والذي جدد التأكيد على استحالة قبول أي شروط قطرية في ما يخص التزام الدوحة بقائمة مطالب دول المقاطعة.

وأكد البيان أن “الحوار حول تنفيذ المطالب يجب ألا تسبقه أي شروط”، وأن “تصريحات وزير الخارجية القطري تؤكد رفض قطر للحوار إلا برفع إجراءات المقاطعة التي اتخذتها الدول الأربع لحماية مصالحها بشكل قانوني وسيادي، ووضعه لشروط مسبقة للحوار يؤكد عدم جدية قطر في الحوار ومكافحة وتمويل الإرهاب والتدخل في الشأن الداخلي للدول”.

وكشف الرد الذي أعلنت عنه دول المقاطعة الأربع عن استراتيجيتها في إدارة الأزمة مع قطر، وهي تقوم على التجاهل وترك الدوحة تتحمل نتائج سياستها في رعاية الإرهاب وتمويله، مع التأكيد على أن الخيار العسكري لم يكن مطروحا أبدا منذ انطلقت الأزمة.

واعتبر مراقبون أن قطر حاولت توظيف ما ورد على لسان أمير الكويت بشأن وقف التلويح بالخيار العسكري كدليل على نجاح نهجها في المماطلة والهروب إلى الأمام في تحقيق نتائج، لافتين إلى أن الدول الأربع شددت من البداية على أن الخيار العسكري غير وارد، وأنها اختارت الضغط الاقتصادي والدبلوماسي لإجبار الدوحة على تنفيذ تعهداتها في فك الارتباط بالمجموعات الإرهابية، ومراجعة علاقتها بإيران التي تتناقض مع مصالح مجلس التعاون باعتبارها عضوا فيه.

مراجع خليجية مطلعة تؤكد أن موقف وزير الخارجية القطري يعكس خيارا رسميا في الدوحة يعمل على إفشال كل الوساطات، وإغلاق باب الحل السياسي

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن “المطالب الـ13 هي الركن الأساس لحل الأزمة، وهي حصيلة تراكم سياسات مضرة وانعدام الثقة في الدوحة، وتصريحات أمير الكويت، أيا كانت القراءة، أكدت مركزيتها”.

وأضاف “التحالف (الدول الداعية لمكافحة الإرهاب) أكد منذ اليوم الأول أن حل الأزمة دبلوماسي وحركته ضمن حقوقه السيادية، فزع الدوحة وهشاشة موقفها وراء الترويج لأوهام الخيار العسكري”.

وختم قرقاش تغريدة نشرها على حسابه الرسمي على تويتر بالقول “قلقي أن الدوحة تقوض جهود الكويت الخيّرة بتعدد مصادر القرار والتردّد والتراجع، الحكمة مطلوبة لخروج قطر من مأزقها وإضاعة الفرص في غير صالحها”.

وترى مراجع خليجية مطلعة أن موقف وزير الخارجية القطري الذي سعى من خلالها لتقويض وساطة أمير الكويت، ورغبة واشنطن في تطويق الخلاف، يعكس خيارا رسميا في الدوحة يعمل على إفشال كل الوساطات، وإغلاق باب الحل السياسي.

وذهبت هذه المراجع إلى أن سيناريو التغيير في قطر من داخل الأسرة الحاكمة يبدو أكثر ترجيحا بعد أن أظهر الرد الرباعي السريع أن وساطة أمير الكويت قد وصلت إلى نهايتها، وهو موقف صارت تتبناه السعودية بشكل واضح خاصة بعد اللقاءات التي جمعت العاهل السعودي الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالشيخ عبدالله بن علي آل ثاني.

واعتبر بيان للمعارضة القطرية المؤمل عقد مؤتمر لها في لندن في الرابع عشر من الشهر الجاري أنه “لم يكن مفاجئا مسارعة النظام القطري إلى محاولة نسف جهود أمير الكويت”، وأنها “تعلن عن دعمها الكامل لجهود الوساطات المحمودة، التي تهدف إلى إثناء النظام القطري عن سياساته الرعناء”.

ولفتت المراجع إلى أن الدوحة ذاتها تشعر بأن الفرص أمامها قد ضاقت، وأن دبلوماسيتها لم تقدر على اختراق، ولو محدود، للمقاطعة المفروضة عليها، وهذا ما يفسر اعتزام أمير قطر القيام بنفسه بزيارة إلى ألمانيا منتصف الشهر، بحثا عن تدارك ما فشلت فيه حملة العلاقات العامة رغم ما رصد لها من أموال وإغراءات.

وربما يعول الشيخ تميم على ألمانيا، مع وعود باستثمارات كبرى، لمساعدته في الخروج من الورطة، وفعل ما عجز عنه مسؤولون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا من الذين سعت الدوحة لطلب وساطتهم دون أن يحققوا شيئا في ضوء تماسك الرباعي العربي، فضلا عن خطورة الملفات التي بحوزته بخصوص تورطها في تمويل الجماعات المتشددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى