الأخبار

غياب الغطاء الجوي الأميركي يضاعف مكاسب طالبان في أفغانستان

كابول- شكلت قاعدة باغرام الجوية مركزا أساسيا للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، إذ انطلقت منها الحرب الطويلة على حركة طالبان وتنظيم القاعدة المتحالف معها في 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، إلا أن إخلاءها من قبل القوات الأميركية وتسليم إدارة مهامها للجيش الأفغاني المتعثر يفتح الطريق أمام طالبان للسيطرة بسرعة على أغلب المناطق في أفغانستان.

واستخدم الجيش الأميركي قاعدة باغرام التي تبعد نحو 60 كيلومترا شمالي كابول لتنسيق ضرباته الجوية ودعمه اللوجستي لبعثته في أفغانستان. وتشكل قدرة القوات الأفغانية على المحافظة على سيطرتها في قاعدة باغرام الجوية مسألة محورية في ضمان أمن كابول المجاورة ومواصلة الضغط على حركة طالبان.

تحقيق حركة طالبان لمكاسب ميدانية كبيرة وسريعة جاء بالتزامن مع عدم وجود القوات الجوية الأميركية

وفي الأشهر القليلة الماضية تعرضت باغرام لرشقات صاروخية تبناها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ما أجّج مخاوف من أن يكون المتشددون يفكرون في استهدافها هيا أيضا.

ويقول الجنرال الأفغاني المتقاعد أمين الله عامر خيل إن انسحاب القوات الأميركية من القاعدة يعني أن القوات الأفغانية لن تتلقى بعد الآن دعما جويا حاسما في الوقت الذي تواجه فيه هجمات مكثفة من مسلحي طالبان في أنحاء البلاد.

وتصاعد مستوى العنف في أفغانستان، منذ مطلع مايو الماضي، مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية بأمر من الرئيس جو بايدن في أبريل الماضي، المقرر اكتماله بحلول 11 سبتمبر المقبل.

وحتى مايو الماضي، كان ينتشر في أفغانستان قرابة 9500 جندي أجنبي، يمثل العسكريون الأميركيون أكبر كتيبة بينهم مع 2500 عنصر، فيما تقول تقارير إعلامية إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستبقي قرابة 600 عسكري في أفغانستان فقط لحراسة مجمع السفارة الكبير في كابول.

والثلاثاء، نشرت السلطات الأفغانية المئات من الأفراد من قوات خاصة وميليشيات موالية للحكومة بهدف مواجهة الهجوم العنيف الذي تشنه طالبان في الشمال. واندلعت الاشتباكات في ولايات عدة لكن المتمردّين شنّوا حملة مدمرة عبر الريف الشمالي خصوصا وسيطروا على العشرات من الأقاليم خلال الشهرين الماضيين.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع فؤاد أمان “نخطط لشن هجوم كبير من أجل استعادة الأراضي التي سيطر عليها العدو”، مضيفا “يجري تنظيم قواتنا على الأرض من أجل هذه العملية”.

غراف

وانتشر المئات من القوات والميليشيات الموالية للحكومة في ولايتي تخار وبدخشان الشماليتين حيث سيطرت طالبان على مساحات شاسعة من الأراضي، دون أي قتال في أحيان كثيرة.

وقال مسؤولون أفغان في مجال الدفاع إنهم يريدون تأمين المدن الرئيسية والطرق والبلدات الحدودية في مواجهة هجوم طالبان الذي تزامن مع مضي القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي قدما في سحب جنودهما. وقد أثارت انتصارات المسلحين مخاوف من أن القوات الأفغانية تعاني أزمة خصوصا في الوقت الحالي بعد تقليص الدعم الجوي الأميركي الحيوي بشكل كبير بتسليم قاعدة باغرام الجوية.

وقال محلل أمني إن هجمات طالبان في الريف الشمالي للبلاد كانت تهدف إلى “سحق بعض أعدائها القدامى” على غرار أمير الحرب عبدالرشيد دوستم. وأوضح “العام الماضي، هاجمت طالبان مناطق قريبة من مدن مثل عسكر جاه وقندهار في الجنوب لكنها تعرّضت لضربات جوية أميركية”. وتابع “هذه المرة، استهدفت (طالبان) الشمال وحققت انتصارات كبيرة. توقيت الهجوم في الشمال كان ملائما نظرا لعدم وجود القوات الجوية الأميركية الآن”.

والاثنين، فرّ أكثر من ألف جندي أفغاني إلى طاجيكستان المجاورة عقب اشتباكات مع طالبان، مع تكثيف المتمرّدين عملياتهم القتالية. وكان المئات عبروا إلى البلد المجاور في الأسابيع الأخيرة في مواجهة هجوم طالبان. وكذلك، سيطر المتمردون على منطقة رئيسية في ولاية قندهار، معقلهم الجنوبي السابق، الأسبوع الماضي، وقالوا الثلاثاء إنهم سيطروا على منطقة في ولاية نمروز القريبة.

وتعتبر السرعة والسهولة اللتان تسيطر بهما طالبان على مساحات شاسعة من تخار وبدخشان، ضربة معنوية كبيرة للحكومة الأفغانية. وكانت الولايتان في الماضي معقلين لتحالف الشمال خلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي ولم يتمكن المتمرّدون يوما من السيطرة عليهما.

السلطات الأفغانية نشرت المئات من الأفراد من قوات خاصة وميليشيات موالية للحكومة بهدف مواجهة الهجوم العنيف الذي تشنه طالبان في الشمال

وقال المحلل في كابول عطا نوري “انهارت معنويات القوات الأفغانية”. وحذّر من أن “الوضع طارئ بالنسبة إلى الحكومة الأفغانية. عليها تكثيف هجومها المضاد في أقرب وقت ممكن”.

وقال القائد الأفغاني الجنرال ميراساد الله كوهستاني، المسؤول الآن عن قاعدة باغرام الجوية، من حيث قصفت الطائرات الحربية الأميركية مخابئ طالبان لمدة 20 عاما، عندما سئل عن المكاسب السريعة التي يحققها المتمردون “نحاول أن نبذل قصارى جهدنا ونحقق أكبر قدر ممكن من الأمن ونكون في خدمة الشعب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى