الأخبار

عباس مستعد للتمسّك بالسلطة حتى الرمق الأخير

عباس مستعد للتمسّك بالسلطة حتى الرمق الأخير

العاهل الأردني في رام الله لاستكشاف الأرض وسط تناقض مصالح السلطة مع مصر ودحلان.

العرب  

وسيط بين السلطة الفلسطينية ومصر

رام الله – يعمل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على استكشاف الأرض في أجواء ضبابية تعصف بملف المصالحة الفلسطينية، وسط خلافات حادة بين حركتي فتح وحماس وبين القاهرة ورام الله، وتمسك كل الأطراف بمبادرات للمصالحة لا تتفق مع مصالح الأطراف الأخرى.

ويلتقي العاهل الأردني رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله اليوم خلال زيارة تحاول عمان من خلالها ممارسة ضغوط على إسرائيل، بعد أيام من هبة المقدسيين حول المسجد الأقصى، وإطلاق النار في مجمع السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية، أدى إلى مقتل أردنيين اثنين.

وقال الملك عبد الله الثاني الأحد إن مستقبل القضية الفلسطينية “على المحك”، وإن الوصول إلى حل سلمي للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين “يزداد صعوبة”.

وقال عضو اللجنة المركزية لفتح، المسؤول عن ملف الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ للإذاعة الفلسطينية الرسمية، إن زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى رام الله في “غاية الأهمية في ظل التطورات الفلسطينية والإقليمية الأخيرة”.

وأشار الشيخ إلى أن لقاء العاهل الأردني وعباس “سيتناول ملفات عديدة أبرزها الملف السياسي والعلاقة مع إسرائيل والقضايا الإقليمية، وكذلك التنسيق الفلسطيني الأردني والجهد المشترك لمواجهة كل التحديات في المسار السياسي”.

وهذه هي الزيارة الخامسة للعاهل الأردني إلى الأراضي الفلسطينية، وتعود آخر زيارة له إلى العام 2012، حيث التقى عباس في رام الله.

وقالت مصادر إن الملك عبدالله سيطرح نفسه كوسيط بين السلطة الفلسطينية ومصر، إذ يشعر مسؤولون مصريون بمحاولات أبومازن الالتفاف على مبادرة طرحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أوائل الشهر الماضي، وقبلها عباس وحركة حماس على حد سواء، لكن عباس اختار تجاهلها لاحقا.

وقالت تقارير صحافية إن مبادرة السيسي تنص على حل اللجنة الإدارية الحكومية في قطاع غزة، وإلغاء عباس كل إجراءاته وقراراته العقابية ضد حماس، وتمكين حكومة التوافق من العمل بحرية في القطاع، وحل مشكلة موظفي حماس واستيعابهم ضمن الجهاز الحكومي، وتنظيم انتخابات عامة فلسطينية، إلى جانب دعوة القاهرة كل الأطراف الفلسطينية إلى “حوار شامل للبحث في سبل إنهاء الانقسام نهائيا”.

لكن سرعان ما كلف عباس رئيس الاستخبارات الفلسطينية اللواء ماجد فرج بطرح مبادرة مقابلة على حماس تشمل حل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة التوافق من العمل في غزة، وتنظيم انتخابات عامة “رئاسية وتشريعية وداخل المجلس الوطني الفلسطيني”.

ويحاول عباس المناورة من أجل تعطيل التوافق والعلاقات الناشئة بين مصر وحماس، وزعيم تيار الإصلاح في حركة فتح محمد دحلان، الذي تمكن من عرض حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية على حماس، من شأنها أن تقلب الأوضاع في قطاع غزة رأسا على عقب. وقبلت حركة حماس، مقابل ذلك، مشاركة حكم القطاع مع دحلان، في اتفاق همش كثيرا عباس والقيادات الموالية له في الضفة الغربية.

ويجد الأردن نفسه محاصرا في المنتصف بين الجانبين اللذين باتا مستعدين على ما يبدو لتبني إجراءات استثناية وغير مسبوقة من أجل ضمان مصالحهما.

حسين الشيخ: زيارة العاهل الأردني في غاية الأهمية للفلسطينيين

وتقول مصادر في القاهرة إن مصر مستعدة هذه المرة لقلب الأمر الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون منذ انقلاب حركة حماس في غزة عام 2007، إذا لم يتجاوب أبومازن مع المبادرة المصرية، المدعومة أيضا من قبل السعودية والإمارات.

لكن سرعان ما أنهى عباس المؤشرات على أي تجاوب من رام الله مع وجهة النظر المصرية.

وتعهد الرئيس الفلسطيني السبت بمواصلة وقف التحويلات المالية إلى غزة، ما دفع حركة حماس إلى اتهامه بأنه يحاول “عزل” القطاع.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (وفا) عن عباس قوله “سنستمر في وقف تحويل المخصصات المالية لقطاع غزة تدريجيا ما لم تلتزم حركة حماس باستحقاقات المصالحة”.

وأضاف عباس، في كلمة أمام المئات من المقدسيين الذين حضروا إلى مقر الرئاسة في رام الله، “منذ ما قبل الانقلاب ندفع مليارا ونصف المليار من الدولارات سنويا (50 بالمئة من الميزانية) لقطاع غزة”، في إشارة إلى سيطرة حماس عام 2007 وطرد السلطة الفلسطينية منه.

وأكد عباس “لن نسمح بأن يستمر هذا. إما أن تسير الأمور كما يراد لها وكما هي الحقيقة، وإما أن نستمر بخصم هذه الأموال التي أصبحت حراما على حركة حماس″.

واعتبرت حماس في بيان أن تصريحات عباس “الهجومية” تعد “نسفا لجهود المصالحة، وتكشف عن دوره التكاملي والمتقاطع مع العدو الصهيوني في عزل غزة وحصارها”.

وتنفي تصريحات عباس نضج أي تسويات في ملف المصالحة، كما تنفي ما تردد أخيرا عن توافق بين حماس وعباس للتوصل إلى اتفاق يأتي بديلا عن التفاهمات الأخيرة بين حماس ودحلان.

ومن شأن تقارب حماس مع مصر والإمارت، عبر القبول بدحلان كطرف في حكم القطاع، أن يزعزع قبضة أبومازن على السلطة، ويدخل المكتب السياسي لفتح في فوضى عارمة، ويحدث فراغا سياسيا مستقبليا في قمة هرم حركة فتح، إذ يحرص عباس على عدم ظهور خليفة محتمل له بين صفوف الحركة، رغم تقدمه في العمر وتراجع وضعه الصحي.

وتريد مصر والإمارات، من خلال بناء محطة كهرباء ومرفأ وفتح معبر رفح مع قطاع غزة، تحقيق مكسب مزدوج يتمثل في منح فرصة لحركة حماس بالتحول إلى حركة مقاومة فلسطينية خالصة، لا تتأثر بالمصالح السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين.

كما يشمل سحب البساط من تحت أقدام قطر وإيران وتركيا سياسيا، وتحويل القطاع إلى منطقة نفوذ لقوى عربية معتدلة، تمهيدا لإعادة الملف إلى هويته الفلسطينية، وإنهاء الفوضى التي خلقتها هيمنة قطر وإيران خصوصا على قرار حركة حماس.

وهذه الإجراءات هي مقدمة لخطوات راديكالية على مستوى علاقة الفلسطينيين بإسرائيل. وتقول مصادر إن قرارا ببدء عملية تفاوض جديدة ينتظر الوصول إلى مرحلة مقبولة من التوافق داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وبين الفصائل غير الأعضاء في المنظمة، أولا.

وقال مصدر دبلوماسي في عمان إن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الأردن أواخر الشهر الماضي كانت من أجل التنسيق بين الجانبين حول إنهاء الخلافات بين الفصائل الفلسطينية.

وأضاف المصدر “الأردن يحمل نفس وجهة النظر المصرية، لكن الفرق الوحيد هو أنه يريد تمرير هذه الإجراءات من دون المزيد من الضغط على عباس، حتى لا يتسبب ذلك في انفراط قبضته على زمام السلطة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى