الأخبار

ضغوط الأحزاب الموالية لإيران تدفع إلى تأجيل زيارة العبادي للسعودية

ضغوط الأحزاب الموالية لإيران تدفع إلى تأجيل زيارة العبادي للسعودية

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي واقع تحت ضغوط إيرانية كبيرة حيال تمسكه برغبة الانفتاح التي تبديها الرياض.

العرب 

 

بغداد – اضطر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى تأجيل زيارة إلى السعودية، كان مقررا لها أن تتم الأربعاء، بعدما تسربت أنباؤها عبر وسائل إعلام قبل يومين من موعدها، ما فتح باب الجدل في بغداد بشأن موقف العراق الرسمي من “أزمة قطر” مع عدد من الدول العربية.

ويعاني حيدر العبادي تحت وطأة الضغوط الكبيرة التي تمارسها الأحزاب والفصائل القريبة من إيران، محاولا منعها من التأثير في السياسة الخارجية للعراق.

وبمجرد أن تناقلت وسائل إعلام محلية في بغداد، أنباء غير رسمية عن زيارة يعتزم العبادي القيام بها إلى السعودية، بدأت تكهنات الساسة القريبين من الأجواء الإيرانية، بشأن نوايا العراق الرسمية، والمحور الذي اختار أن يصطف معه خلال الأزمة الخانقة في المنطقة.

وبقي مكتب العبادي طيلة يومين، متحفظا على الإدلاء بأي بيان أو تصريح حول الزيارة، نفيا أو تأكيدا، ما يعكس مستوى الحرج الذي يتعرض له رئيس الحكومة.

وكشف مصدر وثيق الصلة بمكتب رئيس الوزراء العراقي، أن “زيارة العبادي إلى السعودية، التي كانت مقررة أمس الأربعاء، أجلت حتى منتصف الأسبوع القادم”، مؤكدا أن “تحديد يوم السفر ربما يحتاج إلى نقاش بين بغداد الرياض”.

وقال المصدر، إن “زيارة العبادي إلى السعودية، محددة سلفا”، نافيا صلتها بالتطورات الأخيرة التي يشهدها الخليج العربي.

ومن المفترض أن يبحث رئيس الوزراء العراقي في السعودية ملفات الطاقة والاقتصاد، فضلا عن ملف الحرب على الإرهاب.

وتؤكد المصادر، أن فريق العبادي السياسي يتلمس انفتاحا سعوديا رسميا على العراق، وربما يتفق الطرفان على حزمة من المشاريع الاقتصادية، تنفذ في مناطق الجنوب العراقي.

ويعبر قيادي بارز في ائتلاف دولة القانون بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وهو أكبر فصيل سياسي عراقي قريب من إيران، عن قناعته بأن “العبادي حسم أمره بالرهان على الدعم الخليجي – الأميركي للاستمرار في منصبه رئيسا للوزراء، ولم يعد يفكر كثيرا في حليف عراقي”، مشيرا إلى أن “العبادي لن يتردد في الاستجابة لرغبة الانفتاح التي تبديها السعودية إزاء العراق”.

وتابع، أن “سوء حظ العبادي، هو ما تسبب في تزامن موعد زيارته إلى السعودية مع اندلاع أزمة قطر”، مشيرا إلى أن “رئيس الوزراء العراقي كان يأمل في ألا يتسرب خبر هذه الزيارة إلى الإعلام، على أمل أن يقوم بتأجيلها بهدوء”.

ويعرف العبادي، أن فرص استثمار ملف تقارب بغداد مع الرياض، يمكن أن يتحول إلى مادة للإطاحة بأكبر الزعماء السياسيين في العراق، لا سيما والمنطقة تمر بلحظة استقطاب شديدة الحساسية بين السعودية وإيران، وفقا لمراقبين.

وقالت مصادر سعودية مطّلعة إن زيارة رئيس الوزراء العراقي للسعودية مهما تأجلت ستكون مهمة لكونها ستحدد درجة انفصال العبادي عن الأجندة الإيرانية ومدى قربه من تحالف أميركي إسلامي يعمل على تطويق دور طهران في ملفات المنطقة بدءا من العراق وسوريا وصولا إلى اليمن ولبنان.

وأضافت أن السعودية قد تبحث من بوابة هذه الزيارة عن إيصال رسالة غير مباشرة إلى إيران، وهي الرسالة التي صارت طهران تتعامل مع مؤشراتها بحذر شديد، ذلك لأنها تتوقع ألا يحتاج إنهاء وجودها في العراق إلى المزيد من التأجيل وقد يقع قبل انفراج الأزمة القطرية.

ولن يحمل العبادي من قبل الإدارة السعودية أعباء أكثر مما يطيق. فلا أحد يرغب في الكشف عن مواقع ضعف رئيس الوزراء العراقي في مواجهة خصومه في التحالف الوطني وهم خصوم أقوياء.

وقال مراقب سياسي عراقي إن العبادي لن يذهب إلى الرياض ممثلا للجناح الموالي لإيران في النظام السياسي العراقي غير أنه لن يحمل في جعبته أي قدر من الوعود التي تتعلق بالحد من هيمنة الميليشيات التي ترى في السعودية عدوا طائفيا في سياق تبعية تلك الميليشيات لإيران.

واعتبر المراقب في تصريح لـ”العرب” أن حسن النوايا لا يكفي لأن ما تعرفه الرياض لن يجعلها تندفع في مطالبة العبادي بما لا يقوى على القيام به.

وأضاف “من الثابت حسب الرواية السعودية أن المملكة ستضع العبادي في صورة ما آلت إليه الأمور بعد القمم الثلاث. ليس بالضرورة أن تكون الأزمة القطرية هي محور المحادثات، وهي لن تكون كذلك غير أن ما طرأ على التفكير السياسي في المنطقة بعد تلك القمم من حزم في مواجهة منابع الإرهاب والجهات التي تموله وتمده بأسباب الحياة سيكون حتما في جوهر تلك المحادثات”.

وستكون الفرصة مواتية للسعودية لاختبار مدى قدرة العبادي واستعداده للفكاك من الهيمنة الإيرانية، والمجازفة بالعمل ضمن تحالف سعودي أميركي إسلامي تشكلت معالمه خلال قمم الرياض الأخيرة.

لكن محللين سياسيين يقولون إن العبادي ليس في وضع يسمح له بأن يكون حاسما في نقل الموقف العراقي من القبضة الإيرانية إلى التحالف الجديد، خاصة أنه محاصر من مواقع النفوذ الحزبية الموالية لطهران، فضلا عن القبضة القوية التي صارت لميليشيا الحشد الشعبي التي تتحرك ميدانيا بتنسيق كامل مع إيران وتحت قيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى