الأخبار

تعليق وثيقة قرطاج والتمسك بحكومة الشاهد يربكان اتحاد الشغل

تعليق وثيقة قرطاج والتمسك بحكومة الشاهد يربكان اتحاد الشغل

مراقبون يرون أن تعليق الوثيقة يربك دور اتحاد الشغل، حيث لم تنجح الضغوط التي مارستها في ضخ دماء جديدة في الحكومة.

تونس – أثار تعليق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لوثيقة قرطاج المحددة لعمل حكومة، وإبقاء رئيس الوزراء يوسف الشاهد على رأس الفريق الحكومي، ردود أفعال غاضبة من اتحاد الشغل الطرف الاجتماعي المشارك في الحكم، بعد أن فشلت مساعيه في إجراء تعديل وزاري يطيح بالشاهد.

ويأتي قرار السبسي بعد تعطل المفاوضات بين الموقعين على الوثيقة من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية، حول مصير الحكومة بين مطالب بإقالتها ومؤيد لبقائها، وفي أول رد فعل لرئيس الحكومة بعد قرار رئيس البلاد تعليق العمل بوثيقة قرطاج التي مهدت لتكوين حكومة الوحدة الوطنية الحالية قبل عامين بهدف القيام بإصلاحات اقتصادية، قال الشاهد إن “الوضع صعب” وأنه سيبادر إلى القيام بتعديل في الحكومة”.

وتابع “تغيير الحكومة ليس قضية جوهرية. لكن لن أهرب من المسؤولية. الحكومة ستواصل عملها ويقودها في ذلك الحس الوطني”.

ويطرح مراقبون تساؤلات حول دور اتحاد الشغل في المشهد السياسي بعد تراجع الرئاسة عن وثيقة قرطاج التي تكفل له فرص المشاركة في الحوار مع الأطراف الفاعلة في الحكومة، وبعد أن تعمقت أكثر الأزمة بالبلاد لتتحول إلى أزمة سياسية مردها خصومات رئيس الحكومة ونجل السبسي حافظ السبسي رئيس حزب نداء تونس، التي ظهرت إلى العلن بعد كلمة الشاهد على التلفزيون الرسمي التونسي الثلاثاء الماضي.

وعلّق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، على كلمة الشاهد التي رفض فيها الاستقالة قائلا إن “ما جاء على لسان رئيس الحكومة يؤكّد أن الأزمة سياسية بامتياز، ولا علاقة لها بالاستحقاقات الوطنية والاجتماعية التي تنتظرها فئات واسعة من الشعب التونسي، وإنها مرتبطة بتقسيم المواقع والنفوذ والمحطات السياسية القادمة”. ويعارض اتحاد الشغل بقاء الشاهد ويتهم الحكومة بالفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بتونس منذ اندلاع ثورة يناير 2011.

وأضاف الطبوبي، في تدوينة نشرها اتحاد الشغل على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “إننا ننأى بأنفسنا عن سياسة المخاتلة والكرّ والفرّ، ونعتبر في المقابل أن وضع البلاد يتطلب الصراحة المسؤولة، بعيدا عن المحاباة والمجاملة”.

قيس سعيد: موقف الاتحاد ثابت من خيارات الحكومة بقطع النظر عن رئيسها

ويفسر متابعون ردة فعل الطبوبي بعد كلمة الشاهد بأنها محاولة لترك مسافة بين الصراعات السياسية ونأي بالمنظمة عن خلافات الداخلية لحزب النداء رغم أنه دعم موقف الحزب في ضرورة تغيير رئيس الحكومة. وتوجت كلمة الشاهد بتقييمه للمشهد

 

السياسي خاصة وأن الأخير اعترف بوجود أزمة سياسية في البلاد.

ويدعم اتحاد الشغل مطلب النداء، الحزب الحاكم في تونس بينما يرفض حزب النهضة الذي يقاسم النداء السلطة، المساس برئيس الحكومة ويقول إن التغيير الشامل سيضرب الاستقرار السياسي.. ويلفت المتابعون أن المحافظة على الشاهد كرئيس للحكومة طلب انتصرت فيه النهضة فيما فشل فيه الاتحاد وحزب النداء.

 وقال فريد العليبي المحلل السياسي لـ”العرب” إن “الاتحاد العام وجد في خطاب الشاهد ما يؤكد ‏قراءته للوضع السياسي العام في تونس فالأزمة السياسة واقعة يعترف ‏بها رئيس الحكومة نفسه”. واعتبر العليبي أنه “من ناحية المحاجة السياسية فالاتحاد مازال في وضع قوي”. وفسر ذلك بقوله “الأزمة تتطلب حلا ولا يمكن لمن تسبب فيها أن يكون بيده ذلك”.‏

في المقابل يعتقد بعض المراقبين أن كلمة الشاهد أربكت الاتحاد بعد أن حمّل الشاهد مسؤولية تدهور الأوضاع إلى الأزمة الداخلية التي يعيشها حزب النداء وتداعياتها على عمل الحكومة وبقية مؤسسات الدولة.

 ووجد الاتحاد نفسه بذلك مطالبا بالنأي بنفسه عن التجاذبات السياسية، ومضطرا للعب دور المراقب لمآلات المشهد السياسي، أمام مخاوف من تداعيات الأجواء المشحونة والتوتر بين الأحزاب على مصير المفاوضات الاجتماعية المعني بالدفاع عنها.

وأشار العليبي إلى أنه “أثناء المفاوضات الاجتماعية وعند اندلاع احتجاجات ‏في الجهات المحرومة وقعت الحكومة مع الاتحاد على اتفاقيات ولكنها لم تنفذها ومن ثمة ‏نفض منها يده”.

وأضاف “إذا كان الشاهد أثناء خطابه قد حاول استمالة الاتحاد فإنه من ‏الصعب على المنظمة النقابية الرجوع إلى الوراء وعقد اتفاق جديد مع الشاهد”.

وتسود خلافات حادة بين الحكومة والاتحاد بشأن خطط إصلاحية في القطاع العام ومطالب اجتماعية قطاعية. ويجمع متابعون أن يبقي الاتحاد على موقفه من حكومة الشاهد، كما أنه من المتوقع أن يواصل الضغط على الفريق الحاكم بخصوص إصراره على عدم التفويت في المؤسسات العمومية. ومن المتوقع أن يستمر الصراع بين الحكومة والاتحاد مع اقتراب مفاوضات الزيادة في الأجور.

واعتبر الاتحاد أن الحكومة غير جادة في المفاوضات الاجتماعية كما يتهمها بالرضوخ للصندوق الدولي الذي يطالب تونس بسن إصلاحات قاسية لإنعاش الاقتصاد المتردي.

وأشار خالد عبيد المحلل السياسي لـ”العرب” أن “الهاجس الرئيسي للاتحاد هو تطبيق الحكومة لإملاءات صندوق النقد الدولي بحذافيرها التي برأيه ستضعف المقدرة الشرائية للأجراء والفقراء”. ويعتقد عبيد أن الاتحاد مضطر للدفاع عن منظوريه من خلال الغطاء الذي انبثقت منه حكومة يوسف الشاهد وهي وثيقة قرطاج وإن وقع تعليق العمل بها. وتابع “الاتحاد لن يتراجع عنه موقفه من حكومة الشاهد إلا إذا كانت هناك تطورات كتعهد الحكومة بعدم تنفيذ إملاءات الصندوق.

ويجمع متابعون أن خطاب الشاهد عمّق الأزمة بالبلاد وستدفع بمزيد من التصادم بين الحكومة والنقابات أمام تمسك الاتحاد بمطالبه. وقال المحلل السياسي قيس سعيد لـ”العرب” إن “موقف الاتحاد ثابت وواضح ويتعارض مع الخيارات الحكومية بقطع النظر عن رئيسها”. وأردف “جوهر القضية وجوهر الخلاف هو الحكم وليست الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة”.

ويضم الاتحاد، وهو أكبر نقابة في تونس أكثر من 800 ألف منخرط من العمال، ويعد أحد القوى الوطنية الرئيسية في البلاد. وكان على رأس رباعي الحوار الوطني الفائز بنوبل للسلام عام 2015.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى