الأخبار

تحركات تضع عبدالكريم الزبيدي رقما صعبا في السباق الرئاسي التونسي

تونس – عاد اسم وزير الدفاع التونسي، عبدالكريم الزبيدي، ليتردد من جديد كإحدى أبرز الشخصيات المؤهلة لرئاسة البلاد، ليخلط بذلك أوراق السباق نحو الرئاسة الذي تجاوز مرحلة التسخين، ليقترب كثيرا من المضمار الذي بدأ الكثيرون يستعدون لدخوله بشعارات مُتنوعة، وعناوين مُتعددة لم تخرج عن دائرة “العصفور النادر”، الذي ما زال رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي يبحث عنه.

وقبل نحو شهر من فتح باب قبول ملفات المُرشحين لهذا الاستحقاق الرئاسي، برز اسم عبدالكريم الزبيدي مرة أخرى، وسط العشرات من الأسماء التي أعلن أصحابها الترشح للرئاسة، رغم أنه لم يُعلن لغاية الآن رسميا عن نيته خوض هذا السباق.

وشكل الظهور السياسي اللافت للزبيدي، الذي كثف خلال الأيام القليلة الماضية، من تحركاته واتصالاته، مدخلا ساهم في تزايد الحديث داخل الصالونات السياسية، حول إمكانية أن يكون وزير الدفاع الحالي هو “الحصان الرابح”، وهو سياق غذته استطلاعات الرأي الأخيرة التي أكدت أنه يحظى بتأييد شريحة كبيرة من المجتمع التونسي.

خميس قسيلة: ظهور الزبيدي يحمل رسائل تتجاوز السباق نحو قصر قرطاج

غير أن اللافت سياسيا في هذه العودة، هو تعمد الرئيس الباجي قائد السبسي، بعد تماثله للشفاء من الوعكة الصحية التي ألمت به، اختيار الزبيدي ليكون أول من يلتقيه بشكل علني وأمام كاميرات التلفزيون داخل قصر قرطاج الرئاسي، في خطوة وصفها الكثيرون بأنها تحمل رسائل سياسية مُباشرة تهم الشأن العام في البلاد، وأخرى مُبطنة لها صلة بالترتيبات المُتعلقة بالانتخابات الرئاسية المُقرر تنظيمها في نوفمبر القادم.

والاثنين الماضي، اجتمع الرئيس السبسي مع الزبيدي في قصر قرطاج الرئاسي، واستعرض معه الوضع الأمني بالبلاد، والتنسيق المستمر بين المؤسستين العسكرية والأمنية، خاصة على مستوى حماية الحدود، وذلك بحسب بيان وزعته الرئاسة التونسية في وقت سابق.

وأثار هذا الاجتماع الكثير من القراءات السياسية لأبعاده، ترافقت مع سلسلة لا تنتهي من التوقعات والتكهنات التي لم تخرج من حيث المضمون عن مربع الانتخابات الرئاسية، وهي محطة باتت تحتل مساحة كبيرة من اهتمام مختلف القوى الحزبية والسياسية التي ما زالت تبحث عن مُرشح لها لخوض غمار هذا الاستحقاق.

وأخذت تلك القراءات والتكهنات سياقا يدفع باتجاه أن أمر ترشح الزبيدي للانتخابات الرئاسية قد حُسم، خاصة وأنه واصل بعد ذلك الاجتماع اتصالاته السياسية، حيث التقى في اليوم نفسه برئيس البرلمان، محمد الناصر، ليجتمع بعد ذلك بيوم واحد مع سفير الولايات المتحدة لدى تونس، دونالد بلوم.

ولم يتسرب أي شيء عن لقاء الزبيدي برئيس البرلمان، فيما تعلق الاجتماع مع السفير الأميركي ببحث “السبل الكفيلة بدعم القدرات العملياتية للمؤسسة العسكرية التونسية”، وذلك بحسب بيان لوزارة الدفاع التونسية.

وألقت هذه التحركات والاتصالات التي تزامنت مع استمرار الجدل حول قرار الرئيس السبسي برفض التوقيع على التعديلات التي شملت القانون الانتحابي، حجرا إضافيا يحرك بقوة المشهد العام في البلاد الذي تتقاذفه العديد من المقاربات في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية، وسط تساؤلات مشروعة، وأخرى أملتها حسابات حزبية تخشى من بعثرة أوراقها السياسية.

وفي هذا السياق، اعتبر عضو البرلمان التونسي، خميس قسيلة القيادي في حزب “البديل التونسي”، برئاسة مهدي جمعة، أن ظهور عبدالكريم الزبيدي في هذا التوقيت بالذات، “حمل بين ثناياه رسائل سياسية هامة تتجاوز في مضمونها السباق نحو قصر قرطاج الرئاسي، إلى ما هو أهم، أي استمرارية الدولة”.

رسائل طمأنة للتونسيين
رسائل طمأنة للتونسيين

وقال قسيلة في تصريح لـ”العرب”، إن هذا الظهور الذي يأتي فيما دخلت تونس منذ “الخميس الأسود” في مرحلة استدعت استحضار الملفات الكبرى التي تهم الدولة، يستدعي قراءة سياسية هادئة لأبعاده، خاصة وأن الرئيس السبسي والزبيدي أرسلا من خلال اجتماعهما رسائل طمأنة للجميع بأن الأمور تحت السيطرة، والدولة قائمة، ولا خوف من الذين يُدبرون في الخفاء”.

وشدد على أن الزبيدي “يحظى بثقة كبيرة لدى الرأي العام في البلاد، وهو رجل دولة استطاع خلال الفترة الماضية البقاء بعيدا عن التجاذبات السياسية التي أضرت بالبلاد، وخاصة منها تلك الشعبوية، تماما مثل مهدي جمعة الذي أثبت هو الآخر أنه رجل دولة استطاع أن يتحول إلى مركز اهتمام داخلي، لاسيما في هذه المرحلة التي وصفها بـ”السيادية” التي تمر بها البلاد”.

ورغم الحذر الشديد الذي تُبديه الكثير من الأوساط السياسية في تعاطيها مع ملف ترشح الزبيدي للانتخابات الرئاسية، باعتباره سبق له أن أعلن أنه ليس معنيا بتلك الانتخابات، فإن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى أن الحديث عن إمكانية الترشح لخوض الاستحقاق الرئاسي لم يكن وليد اللحظة، بل تراكمت عناصره خلال الأسابيع القليلة الماضية بشكل لافت.

ويُنظر إلى التحركات والاتصالات التي قام بها، على أنها رسالة مُكتملة تحمل ما يكفي من الإشارات الواضحة، وتنطوي على ما يكفي أيضا من المضامين التي تدل على أنه لن يكون خارج مساحة الاستحقاق الرئاسي والتفاصيل المُلحقة به، حتى لو لم يُعلن رسميا المشاركة فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى