الأخبار

الهندوس أولا.. نزعة متطرفة تدق ساعة رحيل المسلمين

الهندوس أولا.. نزعة متطرفة تدق ساعة رحيل المسلمين

فوز الشعبويين بالانتخابات يفتح فصلا جديدا من الصراع الطائفي.

رغم أنهم يعتبرون أقلية، مقارنة ببقية طوائف الهند الذي يزيد إجمالي عدد سكانه عن مليار نسمة، فإن المسلمين يقدّرون بقرابة 200 مليون نسمة، لكن هذه القوة الديموغرافية الهائلة للمسلمين، لم تحصّنهم خاصة بعد عام 2014 وفوز حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي من التعرّض إلى الإقصاء والتهميش، بفعل الوقع الكبير للشعار القومي المتطرف “الهندوس أولا”، والذي قد يجبر الأقلية المسلمة في بعض القرى مثل نايابانز على الرحيل إلى مناطق أخرى أكثر أمنا، إذا ما فاز الحزب الحاكم بولاية ثانية في الانتخابات العامة الحالية.

نايابانز (الهند) – تتجه أنظار الأقلية المسلمة في الهند، إلى ما ستفرزه نتائج الانتخابات التشريعية في البلاد بعد ستة أسابيع من الاقتراع، لما سيكون لها من وقع وتأثير على مستقبلهم في بلد قسّمته النزعة القومية المتطرفة منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، بزعامة ناريندرا مودي إلى سدّة الحكم في عام 2014.
ويعيش الهند منذ أن تصاعد نفوذ القوميين، على وقع صراعات طائفية في بعض القرى ذات الأغلبية المسلمة تقوم على فصل الهندوس عن المسلمين، رغم عراقة العلاقة بين الطائفتين.
وتترقب الأقلية المسلمة بخشية، نتائج الانتخابات التشريعية الخميس، خاصة وأن استطلاعات الرأي والترجيحات تصب في خانة فوز الحزب الحاكم  الشعبوي بهاراتيا جاناتا بولاية ثانية، وهو الحزب الذي غذّى منذ 2014 وبصفة غير مسبوقة نعرات الانقسام في الهند متعددة الأقليات والأديان والطوائف.
من أكثر القرى التي تتوجّس مما ينتظرها مستقبلا بعد صدور نتائج الانتخابات، هي قرية نايابانز والتي لا يميزها شيء عن غيرها من قرى شمال الهند، لكن سكانها يتذكرون زمنا كان أطفالهم يلعبون فيه مع أطفال الهندوس، ويتبادل فيه الناس من الديانتين أطراف الحديث، ويتردد أفراد كل طائفة منهم على متاجر الطائفة الأخرى، ويخرجون في الأعياد معا.
ويقول كثيرون إن هذه التصرفات لم تعُد تحدث، والسبب هو الاستقطاب الذي شهدته الطائفتان في العامين الأخيرين لدرجة أن البعض يعيش في رعب ويفكر في الرحيل، هذا إذا استطاع أن يتحمل نفقات الرحيل.
يقول مسلمون من هذه القرية إنهم يعتقدون أن التوترات ستزداد سوءا إذا ما نجح حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، بزعامة ناريندرا مودي رئيس الوزراء، في الفوز بفترة ثانية في الانتخابات العامة الحالية، مثلما ترجّح استطلاعات آراء الناخبين التي نشرت الأحد الماضي.

التفرقة بين الهندوس والمسلمين ستزداد إذا ما نجح حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، بزعامة ناريندرا مودي، في الفوز بفترة ثانية

ويقول جولفام علي الذي يدير متجرا صغيرا لبيع الخبز والسجائر “كانت الحياة هانئة من قبل. وكان المسلمون والهندوس معا في السرّاء والضرّاء والزيجات والوفيات. أما الآن فنحن نعيش منفصلين رغم أننا نعيش في قرية واحدة”.
وتولّى مودي السلطة في 2014 وسيطر حزب بهاراتيا جاناتا في 2017 على ولاية أوتار براديش التي تقع فيها قرية نابايانز لأسباب منها رسالته التي ترتكز على فكرة الهندوس أولا. ويرأس حكومة الولاية يوجي أديتياناث وهو كاهن هندوسي متشدد ومن الشخصيات الكبيرة في حزب بهاراتيا جاناتا.
وقال علي “أفسد مودي ويوجي الأمر. فالتفرقة بين الهندوس والمسلمين هي برنامجهما الرئيسي، برنامجهما الوحيد. لم يكن الأمر على هذا الحال من قبل. نريد الرحيل عن هذا المكان لكننا لا نستطيع في الواقع″.
ويقول علي إن حوالي 12 أسرة مسلمة رحلت في العامين الأخيرين ومنها أسرة عمه، فيما ينفي حزب بهاراتيا جاناتا أن سياساته تغذّي الانقسامات الطائفية.

جراح لم تندمل

في نهاية العام الماضي أصبحت قرية نايابانز، التي تنتشر حولها حقول القمح ولها شوارع إسمنتية ضيقة تسير فيها عربات تجرها الثيران وتجوس فيها الأبقار، رمزا للهوة العميقة التي تفصل بين الطائفتين في الهند عندما شكا بعض الرجال الهندوس من المنطقة أنهم شاهدوا مجموعة من المسلمين يذبحون أبقارا. ويقدس الهندوس الأبقار.
واتهم الهندوس الذين انتابهم الغضب الشرطة بالتقاعس عن منع هذا التصرف غير القانوني وأغلقت مجموعة منهم طريقا رئيسيا، وراحت تلقي بالحجارة على السيارات وتشعل النار فيها. وسقط قتيلان بالرصاص أحدهما ضابط شرطة.
وبعد مرور خمسة أشهر على هذه الأحداث يقول كثيرون من المسلمين، الذين يبلغ عددهم 400 بين أكثر من 4000 شخص يعيشون في القرية، إن الجراح لم تبرأ بعد.
وفي بلد يمثّل المسلمون 14 بالمئة من سكانه والهندوس 80 بالمئة، تعكس قرية نايابانز التوترات الأوسع نطاقا في الأماكن التي يفوق فيها الهندوس المسلمين عددا بكثير.
وينفي حزب بهاراتيا جاناتا أنه يسعى إلى معاملة المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية أو أنه معاد للمسلمين. وقال جوبال كريشنا أجاروال المتحدث باسم الحزب “لم تقع أحداث شغب في البلاد في ظل هذه الحكومة. ومن الخطأ وصف حوادث جنائية ندينها بأنها مشاكل بين الهندوس والمسلمين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى