الأخبار

المعارضة التركية تدفع باتجاه إعادة رسم العلاقات مع مصر

المعارضة التركية تدفع باتجاه إعادة رسم العلاقات مع مصر

القاهرة- دعا زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، الأربعاء، أردوغان، إلى التخلي عن الإخوان المسلمين وتبني سياسة المصالحة مع مصر. وأضاف قائلا خلال كلمة أمام أنصاره “إذا كنا نريد أن تكتسب تركيا اعتبارا في سياستها الخارجية فعلى أردوغان أن يتخلى أولا عن الإخوان.. إن مصالح الدولة التركية فوق كل شيء”.

وتابع مخاطبا أردوغان “ثانيا عليك أن تتصالح مع مصر التي نتشارك معها التاريخ والثقافة، على أي أساس نحن نخاصمها؟ هذه المخاصمة تنعكس سلبا على تركيا.. ونحن ندفع ثمن هذا الصراع”.

وتتوازى تصريحات أوغلو مع سياق الأزمات التي تفتعلها تركيا في كافة الملفات ذات البعد الاستراتجي لاسيما في سوريا وليبيا والسودان ومنطقة شرق البحر المتوسط.

ولا تتوانى الحكومة التركية عن القفز من ملف إلى آخر لتسكب فيه المزيد من الوقود على أزمات المنطقة بداية من تحركات السفن التركية في ليبيا ودعمها للميليشيات المسلحة ضد الجيش الليبي مرورا بموقفها المعادي لملف التسوية السودانية.

وقبل أيام، صنعت تركيا أزمة جديدة بإعلانها التنقيب عن الغاز في حوض البحر المتوسط بالقرب من قبرص لتخرج البلدان الأوروبية والولايات المتحدة بالإضافة إلى مصر رافضة التحرك التركي غير المبرر.

مع كل خفوت للتوتر بين القاهرة وأنقرة لصالح المصالح الاقتصادية الحتمية التي لا يمكن المساس بها، يعيد أردوغان إشعال الفتيل من جديد لصالح الحراك الإخواني

وتصطدم كافة الملفات مع مصر سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ليتحول العداء المتصاعد منذ عام 2013 مع الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر إلى شوكة في حلق الحكومة التركية المرتبطة بعلاقات اقتصادية وتاريخية يصعب الانفصال عنها.

وقال الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد إن مواقف المعارضة التركية من علاقة أردوغان بالقاهرة واضحة منذ العام 2013، غير أنها أصبحت الآن أكثر قوة ارتكانا على تنامي شعبيتها بالداخل من جانب، وإدراك الداخل التركي بأن الاستثمار في التشابك مع تنظيم الإخوان أصبح بلا جدوى بل إنه أدخلها في أزمات مع بلدان كبرى بالمنطقة العربية.

وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن انتقادات أوغلو لا تنفصل عن بيئة مواتية بالداخل التركي تطالب بعودة العلاقات مع القاهرة في ظل وجود تبادل تجاري بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار.

ويرى تيار سياسي كبير في تركيا على رأسه  حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير التركي والحركة القومية (شريك حزب العدالة والتنمية) وكذلك حزب السعادة الإسلامي، أن استعادة قوة تركيا في المحيط الإقليمي تفترض وجود علاقات قوية مع الدول العربية المحورية مثل القاهرة والرياض.

وتتضرر تركيا من مواقف أردوغان الخارجية، ويطرح منتقدو الرئيس التركي في الداخل تساؤلات، منها ما المفيد لتركيا من تدهور العلاقات الاقتصادية مع مصر؟ وما الذي يمكن أن يجنيه أردوغان عندما تتحرك بلدان البحر المتوسط ككتلة مناهضة للنشاط التركي لاسيما مع تكتل مصر واليونان وقبرص الذي أزداد قوة مؤخرا؟ وإذا استمرت الفوضى في السودان وليبيا، كيف يمكن أن يصب ذلك في صالح أمن المنطقة الذي يؤثر مباشرة على تركيا؟

ومع كل خفوت للتوتر بين القاهرة وأنقرة لصالح المصالح الاقتصادية الحتمية التي لا يمكن المساس بها، يعيد أردوغان إشعال الفتيل من جديد لصالح الحراك الإخواني في مصر. وكان آخر تلك الأزمات تصريحات الرئيس التركي المعادية للحكومة المصرية بعد وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته.

كمال كليجدار أوغلو: إذا كنا نريد أن تكتسب تركيا اعتبارا في سياستها الخارجية فعلى أردوغان أن يتخلى أولا عن الإخوان

ولصنع العداء مع مصر موجات أخرى سلبية على تركيا. وفي ظل ترسيخ العلاقة العسكرية بين روسيا وتركيا، باتت أنقرة أمام مواجهة مباشرة مع واشنطن الغاضبة، والتي سرعان ما بدت أكثر مساندة للموقف المصري ضدها. مثلما أبدت الولايات المتحدة قلقها للتحرك التركي في البحر المتوسط، وضمت دعمها للموقف المصري الرافض للتدخل التركي.

وأشار كرم سعيد لـ”العرب” إلى أن الضغوطات التي تمارسها المعارضة التركية بشأن علاقتها مع مصر ترتبط أساسا بالوضع التركي المأزوم دوليا في ظل توتر علاقتها مع الولايات المتحدة ليس فقط بسبب صفقة منظومة الدفاع الجوي أس-400، لكن بسبب جملة من المواقف التركية التي تقدم عليها في علاقة بسوريا ومياه شرق المتوسط، بجانب علاقتها المتوترة مع بلدان الخليج وبالتحديد السعودية والإمارات.

وأكد الخبير في الشأن التركي أن الموقف المصري السياسي والقانوني أقوى كثيرا من الموقف التركي في ظل الرفض الدولي المعلن للخطوات التركية الأخيرة المزعزعة للاستقرار.

ورسم مراقبون سيناريوهين لمستقبل العلاقات المصرية التركية، الأول يرتبط باستمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن بحيث يكون هناك هدوء حذر في العلاقة يصل إلى درجات التوتر حينما يرغب أردوغان في استثمار وضع الإخوان في مصر لصالح تعويض خسائره الداخلية، مثلما كان الوضع في الانتخابات البلدية الأخيرة.

والسيناريو الثاني يتعلق بإمكانية حدوث تطور إيجابي بسيط في العلاقة استنادا على الروابط الاقتصادية وتصاعد الضغط الداخلي مع صعود المعارضة التركية ودخولها بشكل أولي في بنية النظام التركي من خلال سيطرتها على إسطنبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى