الأخبار

المعارضة التركية تدعم انتفاضة الغاضبين داخل الحزب الحاكم

أنقرة – تراهن المعارضة التركية على التحوّلات الداخلية في حزب العدالة والتنمية لإضعاف سلطة الرئيس رجب أردوغان خاصة مع توسع الرهان على المنشقين عن الحزب الحاكم والدور الذي يمكن أن يلعبوه من خارجه لإعادة تركيا إلى مسار النأي بالنفس عن الأزمات التي ورطها فيها الرئيس الحالي.

وتثير حركة المنشقين، وبينهم قيادات بارزة مثل الرئيس السابق عبدالله غول، وكذلك وزير الخارجية ورئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، حالة من الإرباك داخل حزب العدالة والتنمية وفي محيط أردوغان لكون هذه القيادات قادرة على جذب جزء من جمهور الحزب خاصة أنها قيادات مؤسسة وتحسب لها الفترة الوردية للحزب اقتصاديا.

وقال رئيس بلدية إسطنبول الجديد، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، تعليقا على تحركات وزير الاقتصاد السابق علي باباجان لتأسيس حزب جديد “هناك تطورات قوية. والوقت سيظهر كيف سيتعامل الشارع مع هؤلاء”.

وفي الوقت الذي يشهد فيه حزب العدالة والتنمية انشقاقات داخلية كبرى، قال أوغلو “أتمنى أن نشارك جميعا في أعمال جميلة. ما أقصده أن تركيا تحتاج إلى خطاب سياسي جديد. نحن نرى أن نظام الرجل الواحد له أضرار أكثر من الفوائد”.

وبات واضحا لدى أنصار المعارضة كما لدى أنصار الحكومة أن المشكلة تكمن بالأساس في تحويل النظام إلى رئاسي وإعطاء صلاحيات غير محددة لأردوغان تعطيه الحصانة وتشجعه على خوض معارك على أكثر من جبهة دون أن تكون لتركيا أي فائدة منها، وعلى العكس فقد جلبت لها مشكلات بلا حصر من ذلك توتر علاقاتها بالولايات المتحدة وأوروبا ودول عديدة في العالم العربي والإسلامي.

وجاءت تصريحات رئيس بلدية إسطنبول في حوار صحافي له مع موقع “دي دبليو” الألماني في نسخته التركية، حيث لفت إلى أن كلا من داود أوغلو وباباجان له ماض قوي في الحياة السياسية.

إرغون باباهان: حزب غول-باباجان سيؤدي إلى تآكل قاعدة الحزب الحاكم
إرغون باباهان: حزب غول-باباجان سيؤدي إلى تآكل قاعدة الحزب الحاكم

وقال “إنهم (المنشقون عن العدالة والتنمية) أشخاص تحملوا مسؤولية رفيعة المستوى. سيظهر الوقت كيف سيكون تفاعل الشارع معهم. القرارات الحاسمة مهمة للغاية في السياسة. إذا كانوا يؤمنون بما يفعلون عليهم ألا يتراجعوا عن هذه الخطوة. تركيا تحتاج إلى مثل هذه الوقفات الحاسمة. ما أقصده أن تركيا تحتاج إلى خطاب سياسي جديد”.

ويعتقد محللون سياسيون أن من مصلحة المعارضة أن تنجح مشاريع هؤلاء الذين غادروا مربع أردوغان وتحرروا من ضغوطه، ما يمكنهم من أن يصارحوا جمهور العدالة والتنمية بحقيقة ما يجري وكيف أن الحزب مهدد بخسائر جديدة بعد انتخابات إسطنبول، وأن القيادات الموجودة تحتاج إلى أن تقف بقوة بوجه أردوغان قبل أن يخسر الحزب كل ما حققه في سنوات طويلة.

وبدأت الفترة الأخيرة تشهد ظهور أسماء جديدة داخل حزب العدالة والتنمية توجه إلى الرئيس أردوغان انتقادات حادة، وتتهمه بالخروج عن المسار الديمقراطي، معربة عن استعدادها للانشقاق عن الحزب والانضمام للحزب الجديد، سواء كان حزب علي باباجان أو حزب أحمد داود أوغلو.

وتتسبب الانشقاقات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية في حالة من الهلع بالنسبة لرئيس الحزب أردوغان، مما دفعه إلى اتهام داود أوغلو وباباجان وغول بالخيانة، مهددا بأنهم “سيدفعون ثمن ذلك باهظا”، في محاولة منه لترهيب وتهديد أعضاء الحزب الذين يفكرون في القفز من سفينة الحزب الغارقة.

وأدى النظام الرئاسي إلى تعرض تركيا لحالة من الإفلاس في جميع جوانب الحياة؛ الاقتصاد والقانون وحقوق الإنسان والبيئة ووضع المرأة.

ويؤكد المحلل التركي إرغون باباهان أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا المنوال. وأن نهاية هذا النظام ستكون كتلك التي حدثت لحزب “جمعية الاتحاد والترقي”، بشرط إذا توحّدت المعارضة وأعادت نظاما برلمانيا قويا ومتوازنا.

وأضاف باباهان في تصريح لـ”العرب”، “لست متأكدا من حزب داود أوغلو، لكنني متأكد من أن حزب غول-باباجان سيؤدي إلى تآكل قاعدة حزب العدالة والتنمية خاصة في مدن مثل قونية وقيصري ودنيزلي وغازي عنتاب حيث القاعدة الصناعية قوية ولكن على شفا الانهيار بسبب الفساد، ومشكلات الجيران والسياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية”.

وحث المحلل السياسي التركي المعارضة على الاتحاد بوجه السياسات الرسمية لأردوغان. وقال “نعلم جميعا أن أحزابا مثل حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب الديمقراطي، وحزب الخير، وحزب السعادة، تعتبر جزءا لا يتجزأ من النظام البرلماني. ومن المحتمل أن تقوّي حركات باباجان وداود أوغلو هذه المجموعة مما يساعد على إنهاء حكم أردوغان في أقرب وقت.

ويحاول أردوغان أن يفك الحصار السياسي من حوله بالرهان على تمتين العلاقة مع زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي. لكن مراقبين يقولون إن العلاقة بين الحزبين متوترة، وإن خسارة إسطنبول في الانتخابات الأخيرة هزت الثقة بين الحزبين وكذلك بين أردوغان وباهتشلي اللذين التقيا الأربعاء لفترة لم تتجاوز نصف الساعة دون أي إعلان عن فحوى اللقاء.

واكتفى مكتب الاتصال في الرئاسة التركية بالقول إن اللقاء المغلق تناول مستجدات السياسة الداخلية والخارجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى