الأخبار

السيسي يلتقي حفتر وصالح قبل يوم من لقاء الدبيبة.

القاهرة – تحاول القاهرة إعادة الزخم لعلاقاتها مع شرق ليبيا، وهو ما يعكس تبدد الآمال التي عقدتها على حكومة عبدالحميد الدبيبة للسيطرة على شرق وغرب البلاد والتي دفعتها خلال الفترة الماضية إلى الابتعاد عن معسكر الشرق مقابل تمتين العلاقات مع طرابلس.

وقبيل انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المصرية – الليبية المشتركة في القاهرة الخميس، بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الثلاثاء رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر في القاهرة، في ما بدا كأنه رسالة إلى الدبيبة مفادها أن مصر لم تغير رهانها على حلفائها التقليديين في ليبيا.

وقال بيان للرئاسة المصرية إن المباحثات “تناولت آخر التطورات على الساحة الليبية في ضوء خصوصية العلاقات التي تربط البلدين، والسياسة المصرية الراسخة باعتبار استقرار ليبيا على المستويين السياسي والأمني جزءا من استقرار مصر”.

محمد السلاك: القاهرة تستهدف تجاوز العقبات التي يضعها الإسلام السياسي

وأرادت القيادة المصرية تأكيد أن انفتاحها على السلطة التنفيذية في طرابلس لا يعني التخلي عن حليفيها (عقيلة وحفتر) وأنها حريصة على انسجام المواقف معهما في هذه المرحلة، لاسيما أن ذلك جاء متزامنا مع المؤشرات السلبية التي لاحت من خلال رفض الدبيبة فك التحالف مع تركيا بالإضافة إلى عناده ورفضه الانفتاح على الجيش وقيادته، ما دفع الكثيرين إلى اتهامه بمحاولة استنساخ تجربة رئيس الحكومة السابق فايز السراج.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن “القاهرة غير مطمئنة تماما لجملة المواقف التركية في ليبيا وتتحسب لمراوغاتها المستمرة وتجد أن هناك فرصة لتضييق الخناق على أنقرة من أوجه مختلفة في هذه المرحلة، والعمل على جبهات عديدة، وأهمها فتح نافذة على الحكومة الليبية تمكنها من التحلل نسبيا من التزاماتها تجاه أنقرة”.

وأضافت المصادر أن الحالة المرضية التي تعيشها الحركات الإسلامية في شمال أفريقيا تجعل القاهرة تدفع نحو إجراء الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل ومنع عرقلتها للاستفادة من الارتدادات الشعبية السلبية في كل من تونس والمغرب وسحبها على الحالة الليبية، وهو ما يدفع مصر إلى تطويق أي خلافات جديدة بين عقيلة وحفتر، وعدم إهمال حكومة الدبيبة كي لا تصبح تماما في صف التيار التركي.

وأوضح الخبير في المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية أحمد عليبة أن مصر تشكل محطة مهمة في المراحل المفصلية التي تمر بها الأزمة الليبية وتحاول منع الوصول إلى مرحلة الانهيار مع بدء العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات.

وذكر في تصريح خاص لـ”العرب” أن “هناك حالة من السيولة بسبب الخلافات بين المؤسسات المختلفة ما يدفع الأطراف التي لديها قدرة على تحريك المشهد -ومن بينها القاهرة- إلى التدخل الفوري لدفع العملية السياسية وعدم العودة إلى المربع الأول بعد إقرار قانون الانتخابات الذي وضع اللبنة الأساسية لإجرائها”.

وأكد السيسي خلال لقائه عقيلة وحفتر على مواصلة بلاده جهودها للتنسيق مع كافة الليبيين في الفترة المقبلة، بما يساهم في ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، وصولاً إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي الهام برلمانيّا ورئاسيّا.

وشدد على منع التدخلات الخارجية التي تهدف إلى تنفيذ أجنداتها الخاصة على حساب الشعب الليبي، وكذلك إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.

Thumbnail

ونوه عقيلة وحفتر خلال اللقاء إلى “اتساق مواقفهما مع المنظور المصري لإدارة المرحلة الانتقالية الليبية، خاصةً ما يتعلق بضرورة ضمان عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الجاري، بالتوازي مع تعزيز المسار الأمني من خلال إلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة حتى تتمكن المؤسسات الأمنية الليبية من الاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها”.

وقطعت القاهرة شوطا مهما في انفتاحها على عدة قوى في أقاليم ليبية مختلفة، وعملت على توسيع نطاق حواراتها في وقت تواجه فيه عملية تسوية الأزمة تعثرا جراء التباعد الحاصل بين عدة قوى ليبية بشأن الكثير من الملفات الحيوية.

ورهنت مصر تطبيع علاقاتها مع تركيا بحدوث تغيرات جوهرية في موقفها من ليبيا، حيث تمتلك أنقرة حضورا عسكريا مكثفا ولا تريد خروج الأزمة من نفقها المظلم وتمنح مرتزقة وحركات مسلحة غطاء يمكنهم من حرية الحركة في مساحة واسعة من الأراضي الليبية.

ولئن كانت القاهرة ترى أن حكومة الدبيبة تجد في توطيد علاقتها بتركيا ملاذا أمنيا يساعدها على الاستمرار في السلطة، فإنها من جهة أخرى تعمل على تحاشي خطئها السابق عندما تركت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج لقمة سائغة لأنقرة وحصرت علاقتها بمعسكر شرق ليبيا وأهملت غربها.

وأشار المتحدث الإعلامي باسم الحكومة الليبية السابقة محمد السلاك إلى أن القاهرة تستهدف تجاوز العقبات التي يضعها تيار الإسلام السياسي لعرقلة العملية السياسية، وتسعى لرأب الصدع بين القوى المختلفة بما يوفر فرصة لإجراء الانتخابات.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن اللقاء يمهد لجهود ستبذلها القاهرة للتقريب بين رؤى مختلفة، من بينها وضع أسس للتعامل مع ملف المقاتلين الأجانب والمرتزقة وآلية تفكيكهم، على أن يكون ذلك في مرحلة تالية من التوافق حول إتمام الانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى