الأخبار

البشير يوازن بين اندفاعه صوب واشنطن وتقارب أكبر مع موسكو

البشير يوازن بين اندفاعه صوب واشنطن وتقارب أكبر مع موسكو

رفع العقوبات الأميركية عن السودان يسيل لعاب الشركات الروسية.

العرب  

الخرطوم – تكتسي زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى روسيا أهمية كبرى ليس فقط لجهة أنها الأولى لرئيس سوداني بل أيضا لتوقيتها حيث تتزامن واستئناف المرحلة الثانية من المفاوضات بين الخرطوم وواشنطن لتطبيع كامل للعلاقات بينهما.

وأكد الكرملين على لسان مستشارة يوري أوشاكوف، الاثنين، أن هذه الزيارة التاريخية ستتم الخميس المقبل بعد أن كانت مقررة مبدئيا في أغسطس الماضي.

وكان وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، قد ذكر في وقت سابق، أن زيارة البشير تأتي تلبية لدعوة نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية على كافة المستويات.

وأشار غندور إلى أن المحادثات ستتناول عددا من الموضوعات بما فيها التعاون التجاري والاقتصادي والاتصالات السياسية والدعم المتبادل في مختلف المجالات.

وتولي الخرطوم أهمية كبيرة للعلاقات مع موسكو التي استعادت دورها على الساحة الدولية وباتت رقما صعبا في المعادلة الشرق أوسطية انطلاقا من تدخلها المباشر في الأزمة السورية.

وتحرص الخرطوم على أن تبقي على زخم العلاقة قائما مع موسكو بالتوازي مع لهفتها إلى تطبيع كامل لعلاقتها مع واشنطن، وما سيفتحه ذلك من آفاق كبيرة سواء على الصعيد الاستثماري أو السياسي.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرر في أكتوبر الماضي رفعا كليا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ نحو 20 سنة.

وهذا الرفع من شأنه أن يشجع رؤوس الأموال الكبرى على الاستثمار في السودان الذي يملك احتياطات هائلة سواء من المعادن أو من النفط والغاز الطبيعي.

وشجعت هذه الخطوة الأميركية الخرطوم على مواصلة دفع مسار الأمور نحو التحسن مع الولايات المتحدة، وإقناع الأخيرة بضرورة شطبها من لائحة “الدول الراعية للإرهاب”، وما لذلك من تداعيات إيجابية منها السماح للدول بتقديم منح ومساعدات للنظام السوداني.

ويبدو أن الولايات المتحدة لا تمانع في اتخاذ هذه الخطوة النوعية، وهو ما عبر عنه مساعد وزير الخارجية الأميركي جون ساليفان خلال زيارته الأخيرة للسودان.

ويرى مراقبون أن العديد من العوامل تضافرت لتغيير الموقف الأميركي حيال السودان، فالبشير تبنى خلال الثلاث السنوات الأخيرة مسارا مغايرا لسياساته ومنها قطعه العلاقات مع إيران التي تعتبرها الإدارة الأميركية الحالية “الشيطان الأكبر” في المنطقة، وهذا بحد ذاته إنجاز، كما قدم كنزا من المعلومات عن أفراد ومجموعات متطرفة تنشط بالأخص في القارة الأفريقية، وهذا بالتأكيد يشجع واشنطن على تطبيعها للعلاقات مع الخرطوم، فضلا عن أن الرئيس عمر البشير أبدى قدرا من المرونة في التعاطي مع الملفات الداخلية.

وبما أن الاقتصاد يعد عنصرا مؤثرا في صياغة الإدارة الأميركية الحالية لعلاقاتها، فإنها بالتأكيد ترى أنه حان الوقت فعليا لتطوير هذا الجانب مع السودان بالنظر إلى الثروات التي يكتنزها والتي تسيل لعباب كبريات الشركات الأجنبية.

وأماطت الخرطوم مؤخرا اللثام عن امتلاكها لأكبر احتياطي للنحاس في العالم يقدر بحوالي 5 ملايين طن، وتوقعت في وقت سابق أن يبلغ سقف إنتاجها من الذهب نحو 100 طن هذا العام.

ومنذ رفع العقوبات الاقتصادية بدأ رجال الأعمال الأجانب يتقاطرون بالفعل على السودان وعلى رأسهم رجال أعمال روس كانوا مترددين في السابق في الاستثمار بهذا البلد رغم العلاقات القوية على مستوى القيادة السياسية للبلدين، وذلك بسبب العقوبات الأميركية.

ويقول خبراء اقتصاديون إن لقاء القمة المنتظر عقده بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوداني عمر البشير بالتأكيد سيركز على عقد شراكات اقتصادية، خاصة وأن النظام السوداني مهتم جدا بالحصول على التكنولوجيا الروسية خاصة في مجال الطاقة والزراعة باعتبار أن موسكو أحد أكبر المنتجين لهما.

ويشير المراقبون إلى أن النقطة الإيجابية التي من شأنها أن تعزز رغبة الطرفين في إحداث نقلة نوعية على مستوى العلاقات الثنائية، هي أن موسكو لطالما كانت داعما رئيسيا لنظام الرئيس عمر البشير خلال عقود من الحصار الدولي.

ولكن هذا لا يكفي للتخفيف من هواجس موسكو من أن تقدم واشنطن على سحب البساط منها في هذا البلد الذي يمتاز بعدة خصائص ليس فقط على مستوى امتلاكه لثروات طبيعية هائلة، بل أيضا لموقعه الجيوسياسي باعتباره بوابة مهمة لأفريقيا، فضلا عن وجوده في قلب المنظومة العربية التي تسعى موسكو إلى تعزيز نفوذها بها.

وبالتالي فإن الرئيس بوتين بالتأكيد سيعرض جملة من المغريات على نظيره البشير لدفع العلاقات بينهما قدما، معولا في ذلك على براغماتية الأخير التي جعلته ينجح في فك الحصار عليه، والتي قد تأخذه للعب أدوار متقدمة على الساحة العربية والأفريقية كان لوقت قصير “لا يحلم” بخوض غمارها، حسم تعبير أحد المحللين السودانيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى