الأخبار

الاحتجاجات تتمدد إلى وسط السودان وجنوبه في ظل عجز السلطات عن احتوائها

الاحتجاجات تتمدد إلى وسط السودان وجنوبه في ظل عجز السلطات عن احتوائها

النظام السوداني يبدو عاجزا في احتواء الحراك الشعبي، فهو غير قادر على تقديم المزيد من الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي لأنها لم تعد تنطلي على المواطن العادي.

الاحتجاجات في السودان تشارف على الدخول في أسبوعها الثاني، وسط عجز النظام عن احتوائها سوى باستخدام القوة المفرطة، وتحميل المعارضة مسؤولية تأجيجها، ويثير هذا الحراك قلق دول المنطقة، بيد أن الموقف اللافت كان لقطر التي سارع أميرها الشيخ تميم بن حمد إلى الاتصال بالرئيس عمر حسن البشير معربا عن استعداده لدعمه فيما اسماها “بالمحنة” التي يمر بها.

الخرطوم- توسعت رقعة الاحتجاجات التي يشهدها السودان لتشمل جنوب البلاد ووسطها، في ظل حالة من الارتباك لدى السلطات في التعاطي معها، وهو ما يظهر في استخدامها المفرط للقوة، حيث بلغت حصيلة القتلى في 5 أيام 22 شخصا فضلا عن العشرات من المصابين بعضهم جروحه خطيرة.

وأدى قرار الحكومة خلال الأسبوع الماضي زيادة أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، ليباع سعر رغيف الخبز بما بين 3 و5 جنيهات سودانية، إلى تفجر احتجاجات في عطبرة وبورتسودان شرقا، قبل أن تتمدد لتشمل العاصمة الخرطوم والمدينة التوأم لها أم درمان وولاية النيل الأبيض.

وانتقل الحراك الأحد إلى مدينتي “أم روابة” بولاية شمال كردفان، و“الترتر” بولاية جنوب كردفان (جنوب). وقال شهود عيان إن المحتجين أحرقوا إطارات السيارات، في شوارع عدة بمدينة أم روابة، ورفعوا شعارات تطالب بـ“إسقاط النظام”.

وأضاف الشهود أن 5 من المحتجين بأم روابة تعرضوا إلى إصابات (لم يعرف حجمها) برصاص قوات أمنية، نقلوا على إثرها إلى مستشفى المدينة لتلقي العلاج.كما أفاد شهود عيان بخروج العشرات من المحتجين في مدينة “الترتر”، مرددين هتافات منددة بالغلاء والتردي المعيشي مطالبين بـ“إسقاط النظام”.

ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية تجاوزت 60 جنيهًا مقابل الدولار الواحد.

ويقول سياسيون إن النظام يبدو عاجزا في احتواء الحراك، فهو غير قادر على تقديم المزيد من الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي لأنها لم تعد تنطلي على المواطن العادي، كما أن استخدامه للقوة وإن كان يمكن أن يفضي إلى تراجع المحتجين بيد أنه يدرك أنهم سيعودون إلى الشوارع وبأكثر قوة.

وأعلن الجيش السوداني مساء الأحد عن التفافه حول قائده رئيس البلاد عمر البشير، وسط قلق الأخير من إمكانية اصطفاف المؤسسة العسكرية التي عانت خلال العقود الماضية من التهميش إلى جانب المحتجين.

نشطاء سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقدون ازدواجية قطر في التعاطي مع الأزمة السودانية

وتعززت المخاوف مع تجنب عناصر من الجيش مواجهة المحتجين في عدد من المدن ومنها الخرطوم، على خلاف ما قامت به الأجهزة الأمنية. وبدت شوارع الخرطوم الأحد هادئة والحركة فيها أقل من المعتاد رغم أنه بداية الأسبوع، في ظل الإغلاق التام للجامعات والمعاهد العليا والمدارس على إثر قرار أصدرته السلطات الجمعة.

وقالت طالبة تدرس في جامعة الزعيم الأزهري بالخرطوم بحري وتقيم في سكن الطالبات، “طُلب منا مغادرة السكن قبل الساعة السابعة صباحا (5:00 ت غ)”. وانتشرت قرب الجامعات ناقلات بداخلها عناصر من شرطة مكافحة الشغب يحملون هراوات وعبوات غاز مسيل للدموع.

واستمر وقوف المواطنين في طوابير أمام المخابز. وفي الخرطوم بحري رفضت المخابز أن تبيع لكل فرد أكثر من 20 قطعة خبز زنة 70 غراماً للقطعة، في ظل تذمر المواطنين.

وفي القضارف شرق البلاد والتي شهدت احتجاجاتها سقوط قتلى، قال صاحب محل، “فتحنا محلاتنا وجنود يحرسون المحلات ويتجولون في السوق وهم مسلحون”.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية أن السلطات “ضبطت خلية تريد القيام بأعمال تخريبية في العاصمة كما حدث في مناطق أخرى”. وأضافت الوكالة أن الخلية “تضم أعضاء في أحزاب معارضة ولديها اتصالات مع حركات متمردة” دون أن تسمي الأحزاب أو الحركات.

وبدا واضحا أن النظام ينتهج ذات السياسة وهو البحث عن شماعة لتحميلها مسؤولية تأجيج الاحتجاجات. ورفضت حركة “تحرير السودان” (المعارضة في دارفور) الأحد اتهامات السلطات السودانية بوقوفها خلف عمليات التخريب في الاحتجاجات.

وفي وقت سابق حذّر زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي من استمرار النظام في القمع المسلح ضد المتظاهرين. وتنظر دول المنطقة بقلق إلى التطورات الجارية في السودان بيد أن الموقف اللافت كان لقطر التي سارع أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الاتصال بالرئيس السوداني عمر حسن البشير معربا عن استعداده لدعمه فيما اسماها “بالمحنة” التي يمر بها.

وانتقد نشطاء سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي ازدواجية قطر، مشيرين إلى دعمها ومساندتها بكل الأشكال لتحركات احتجاجية في دول عربية وضعها أفضل بكثير، وقد سعت عبر ماكينتها الإعلامية إلى التسويق إلى أن ما يحدث بتلك الدول ثورات ضد أنظمة دكتاتورية جوعت شعوبها، في المقابل سارعت إلى إعلان وقوفها مع النظام في السودان واصفة ما يمر به بـ“المحنة”، لسبب بسيط وهو أن هذا النظام هو وليد التجربة الإخوانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى