الأخبار

أيباك في عين الانقسامات الحزبية الأميركية

أيباك في عين الانقسامات الحزبية الأميركية

نفوذ  لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية مهدد بالتراجع في حال وصل الديمقراطيون إلى السلطة.

واشنطن – لطالما لعبت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية دورا محوريا في ضمان حصول الدولة العبرية على تأييد كلّي من الولايات المتحدة، لكنها باتت اليوم في عين الانقسامات الحزبية النادرة في واشنطن، إذ لم يتأكد حضور أيّ من المرشحين الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة مؤتمر “أيباك” السنوي.

ويأتي التحوّل في ظل أجواء مشحونة سياسيا في إسرائيل التي يتوقع أن يحضر رئيس وزرائها اليميني بنيامين نتنياهو مؤتمر أيباك السنوي، الذي انطلق الأحد في واشنطن قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية في بلاده.

واستغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يتوقع أن يستقبل نتنياهو بحفاوة، غياب الديمقراطيين عن المؤتمر ليقول للصحافيين الجمعة “إنهم معادون تماما لإسرائيل. بصراحة، أعتقد أنهم معادون لليهود”.

وبينما برر بعض المرشحين الديمقراطيين غيابهم بجدول أعمالهم المزدحم لم يعط البعض الآخر أي مبررات. لكن أحد معاوني السيناتور بيرني ساندرز، وهو يهودي، قال إن السياسي الاشتراكي يشعر بالقلق من أن أيباك توفر منصة “لقادة أظهروا تعصبا ويعارضون حلّ الدولتين”.

ولطالما وقف ترامب بقوة إلى جانب نتنياهو، فدعم موقفه المتشدد حيال إيران وقام بخطوات اعتبرت من المحظورات في الماضي على غرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بينما دعا الخميس إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي انتزعتها إسرائيل من سوريا عام 1967.

لكن اليهود الأميركيين يميلون إلى اليسار. فيما أظهر استطلاع أجراه مؤخرا مركز “بيو” للأبحاث أن 24 بالمئة فقط منهم موافقون على أداء ترامب في السلطة.

وفي هذا السياق، قال رئيس مجموعة “جاي ستريت” اليهودية الليبرالية جيريمي بن-عامي إن “أيباك في وضع صعب، إذ من المفترض أن تكون صوت الجالية المؤيدة لإسرائيل، لكن في الواقع تعارض الجالية اليهودية بالكامل حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة”.

ورغم ذلك، لا يمكن القول إن أيباك خسرت الديمقراطيين. ففي حين لم يحضر المرشحون، ستتحدث كبار شخصيات الحزب في الكونغرس خلال مؤتمر أيباك، بينها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.

ولا تواجه أهداف أيباك التشريعية انتكاسة جدية كبيرة. وتعدّ إسرائيل الجهة التي تحصل على أكبر نسبة من المساعدات الأميركية، إذ حظيت في عام 2018 المالي على تمويل عسكري من واشنطن بقيمة أكثر من ثلاثة مليارات دولار.

وقال مدير مكتب أيباك في واشنطن جاسون إيزاكسون “أعتقد أنها حقيقة راسخة أن هناك دعما كاسحا من الحزبين في كابيتول هيل ويتساوى عمق هذا الدعم ضمن صفوف الحزب الديمقراطي مع عمقه في أوساط الحزب الجمهوري”.

ويشير بعض المحللين إلى أن دعم ترامب القوي لنتنياهو سببه ديني ومرتبط أكثر بالمسيحيين الإنجيليين، الفئة المخلصة لإسرائيل، وقد أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على معتقداته الدينية عندما زار القدس الخميس.

وأظهر استطلاع أجراه معهد “غالوب” مؤخرا أن 76 بالمئة من الجمهوريين في الولايات المتحدة يتعاطفون مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين، مقارنة بـ43 بالمئة من الديمقراطيين.

Thumbnail

من جهتها، رأت دينا بديع المسؤولة عن برنامج الدراسات الدولية في كلية “سينتر” في جامعة كنتاكي أن أيباك تقف عند “منعطف” بعد عقود من قدرتها على الوصول إلى الحزبين.

وقالت “أيباك لا تتغير. بقيت ثابتة بشكل كبير في ما يتعلق بنهجها حيال الضغط وأجندتها التشريعية ونوعية أولوياتها. ما تغيّر هو الظروف السياسية والبيئة التي تعمل في ظلها”. واعتبرت أن نتنياهو همش الأميركيين أصحاب الميول اليسارية بمن فيهم اليهود الأميركيون عبر توجهاته اليمينية في وقت ازداد الاستقطاب في الولايات المتحدة.

وأفادت “لطالما اتبعت أيباك نهجا متشددا تماشى مع طريقة تعامل نتنياهو مع الفلسطينيين، لكن بما أنه يُنظر إلى نتنياهو على أنه شخصية سامّة في الدوائر التقدمية، بات توافق أيباك مع نهجه حقيقة مستساغة بشكل أقل بالنسبة للديمقراطيين”.

وأوضحت أنه بينما لا تسعى أيباك للتحزّب، إلا أن نفوذها قد يتراجع في حال وصل الديمقراطيون للسلطة، إذا ثبت أن مؤتمرها لهذا العام لم يكن إلا انعكاسا للواقع.

وأثارت النائبة الديمقراطية المسلمة إلهان عمر التي دخلت مجلس النواب مؤخرا الغضب حتى بين كثيرين في حزبها، عندما أشارت الشهر الماضي إلى أن أنصار إسرائيل يظهرون “ولاء إلى بلد أجنبي”. واعتذرت عن التصريح الذي اعتبر مُعاديا للسامية، لكنّ الجمهوريين أصرّوا على أنه دليل على التعصب الذي يشق طريقه إلى دوائر صنع القرار في واشنطن.

ولكن بن-عامي من “جي ستريت” رأى أن التركيز على تصريحات عمر في غير مكانه، مشيرا إلى أن المسلح الذي قتل 11 شخصا في كنيس في بيتسبرغ العام الماضي كان غاضبا من دعم اليهود للاجئين. وقال إن “نموذج معاداة السامية الذي يشكل تهديدا حقيقيا لا يأتي من اليسار بل من اليمين. وهذا هو الوضع في كل أنحاء العالم لا هنا فقط بحيث يأتي من المستبدين والمتعصبين عرقيا الذين لا يدعمهم ترامب وحده، بل نتنياهو كذلك”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى