أخبارعالمية

محمد مبارك العريمي: مطالب الشباب العماني بفرص العمل لا يمكن تحميلها بعدا سياسيا

أعادت سلطنة عُمان الأنظار السياسية إليها من جديد، خصوصا أن دورها بدا أكثر علانية هذه المرة في ما يتعلق بالوساطة في الحرب اليمنية المتصاعدة منذ سنوات، وعلاقة دول الخليج العربي مع إيران، فضلا عن الوضع الاقتصادي الصعب التي تعيشه البلاد وما شهدته من احتجاجات مطالبة بفرص العمل بالتزامن مع التغيّرات السياسية التي يعمل عليها السلطان هيثم بن طارق. كل هذه المحاور كانت في حزمة أسئلة “العرب” أمام رئيس جمعية الصحافيين العمانية محمد مبارك العريمي.

مسقط – رفض المحلّل السياسي ورئيس جمعية الصحافيين العمانية محمد مبارك العريمي القراءات التي تتوقع تحول الاحتجاجات الأخيرة من قبل الشباب المطالبين بفرص عمل، إلى مطالب سياسية.

وأكد أن السلطات العمانية تعاملت مع الاحتجاجات بتوازن واحترافية، مشددا على أن القضية اقتصادية صرفه تعاني منها غالبية دول المنطقة ولا يمكن تحميلها بعدا سياسيا. رافضا في الوقت نفسه وصف وسائل الإعلام العمانية بالارتباك في التعامل مع تلك الاحتجاجات.

وقال العريمي في حوار مع “العرب”، لا توجد خلافات سياسية أو جغرافية لسلطنة عمان مع أشقائها في دول مجلس التعاون، ولكن هناك رؤى متعددة لدول المجلس ومنها روية السلطنة للتطورات في المنطقة.

وشدد العريمي، الذي سبق وأن ترأس تحرير وكالة الأنباء العمانية وجمعية الكتاب، على أن علاقات سلطنة عمان مع إيران لا تقوم على التقابل أو التقاطع في علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي. وليس انحيازا من عمان إلى هذا الجانب على حساب الآخر.

واضاف أن مسقط مستمرة في جهودها الدبلوماسية في الملف اليمني على أمل تحقيق اختراق يعيد السلام إلى هذا البلد، كما أنها تعمل على إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وقد حققت تقدما في ذلك.

محمد مبارك العريمي

  • الرؤية العُمانية للتعاون الخليجي 
  • قضايا معاصرة في البعدين السياسي والإعلامي
  • الشورى في النظام السياسي العماني
  • دعنا نبدأ من المشكلة الاقتصادية والاحتجاجات الأخيرة في المدن العمانية التي تنعكس على الواقع الحياتي لجيل شاب لم يحصل على فرصته في العمل، هل تتوقع تحول مطالب الشباب الاقتصادية إلى قضية سياسية مع الدولة؟

بالطبع وكما هو معروف هناك مشكلة اقتصادية بالنسبة إلى السلطنة، كما بالنسبة إلى مختلف الدول المنتجة والمصدرة للنفط. وتتعامل الدولة والقيادة معها بشكل متوازن. بالطبع تؤثر هذه المشكلة على مختلف القطاعات ومنها قطاع الشباب الباحث عن عمل، ولكن الدولة لن تدّخر وسعا بتوجيهات السلطان لإيجاد حلول لهذه المشكلة والمشكلات الأخرى. ومن غير المحتمل أن تتحول المسألة إلى قضية سياسية بحكم طبيعة المجتمع العماني، ووعي الشباب، والجهود المبذولة لحل الجوانب المختلفة للتحديات الاقتصادية.

  • إذا كان التعامل العماني مع الاحتجاجات الأخيرة ناجحا سياسيا وأمنيا، فقد بدا أنه مرتبك إعلاميا. لماذا هذه الفروقات؟

التعامل العماني مع الاحتجاجات الأخيرة ناجح سياسيا وأمنيا نعم، ولكن من غير الممكن القول إنه مرتبك إعلاميا كما أشرت في سؤالك، ولكن الأمر كما تعرف أن الإعلام الآن تقع على عاتقه أعباء كثيرة، وهو الآن في حاجة إلى العمل والسير بسرعة كبيرة لمواجهة التطورات وفي شتى المجالات، وهذا في كل الدول سواء السلطنة أو غيرها. وقد حاول الإعلام العماني الخاص والعام جاهدا مواكبة الأحداث والتفاعل معها ولمُؤكد أنه سيستفيد من التجارب والدروس والأخطاء التي
مرّ بها.

  • حسنا، هل تعتقد أن وسائل الإعلام العمانية قادرة على استعادة ثقة العماني سواء في إيصال المعلومة أو عكس الواقع كما هو؟

وسائل الإعلام العمانية قادرة وفي الكثير من الأوقات على كسب ثقة المواطن العماني وكل من يتعامل معها. ثقة العماني فيها لا تزال مستمرة وستظل، الإعلام العماني العام والخاص يتعامل مع مختلف القضايا والتطورات ويعمل جاهدا على توفير رؤية واضحة ومتكاملة تعبر عن الواقع والطموحات أيضا وإن كانت التحديات كثيرة وكبيرة ومتجددة في ذات الوقت.

توفير فرص عمل

  • بعد أن بدأت الاحتجاجات صارت هناك فرص عمل. لماذا الانتظار خصوصا وأن عمان قد شهدت حالة مماثلة قبل 10 سنوات؟

لم يكن هناك انتظار لإتاحة أو طرح فرص العمل التي تم الإعلان عنها، ولكن كانت هناك مجموعة من الترتيبات والإجراءات لبرامج تفرضها بداية مقدرات الرؤية العمانية “عمان 2040” وخطة التنمية الخمسية العاشرة “2021-2025” والتي بدأت مع يناير الماضي، ولكن الأحداث جاءت متسارعة لتفرض سرعة العمل، ولتتنادى كل المؤسسات مدنية وعسكرية، في الحكومة والقطاع الخاص لتوفير أكبر عدد ممكن من فرص العمل، وتوجيهات السلطان التي كانت حاسمة
أيضا.

  • هناك استراتيجية عمانية معدة للسنوات القادمة، لكن التلكّؤ في تنفيذها ليس فقط بسبب وباء كورونا، بل لأنها كانت طموحة أكثر من قدرة البلد الاقتصادية؟

لم يكن هناك تلكؤ في التنفيذ كما أشرت في السؤال، لكن الظروف التي مرت بها السلطنة منذ بداية عام 2020 ورحيل السلطان قابوس بن سعيد، وتولي السلطان هيثم بن طارق، وانتهاء رؤية “عمان 2020” مع نهاية عام والإعداد لتنفيذ رؤية عمان 2040، مع بداية العام الحالي، ومشكلة كورونا، وانخفاض أسعار النفط، كل ذلك تفاعل مع بعضه، خاصة وأن السلطان هيثم بادر باتخاذ عدة إجراءات للإصلاح المالي والإداري على مستوى الدولة. ولكن المؤكد أن نتائج الخطوات التي تمت ونراها تتم على أرض الواقع وفي جميع مناطق السلطنة ستظهر قريبا وسينعم بها المواطن في عموم عمان.

حراك مشروع
حراك مشروع

  • هل يمكن ترقب جيل شاب من المسؤولين العمانيين لإدارة الدولة خصوصا مع تعيين ذي يزن بمنصب ولي العهد؟ 

الحمد الله السلطنة يتوفر لها الآن جيل مؤهل ومدرب على أعلى المستويات، والشباب يأخذون طريقهم إلى مختلف المناصب بدعم السلطان هيثم المباشر والسيد ذي يزن وزير الثقافة والرياضة والشباب نموذج عظيم الأهمية والدلالة في هذا المجال، ولذا فالفرص قائمة وقادمة بالنسبة إلى الكثيرين من الشباب العماني الذين تقوم عليهم الدولة في الحاضر والمستقبل.

  • غالبية القراءات السياسية تشير إلى دور عماني جديد وأكثر فاعلية في المنطقة مع عهد السلطان هيثم، كيف تقرأ ذلك؟

الدور العماني في المنطقة قائم ومتواصل أيضا، وقد أعطى السلطان هيثم دفعة كبيرة منذ توليه مقاليد الحكم في عمان لهذا الدور في الأشهر الماضية، خاصة وأن هناك حرصا عمانيا واضحا على تطوير العلاقات بشكل أكبر مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، كما أن الأداء الدبلوماسي العماني يتطور ويتفاعل بقوة مع مختلف التطورات، ويقوم وزير الخارجية بدور حيوي في هذا المجال لترجمة رؤية سلطان البلاد وتعزيز العلاقات العمانية مع مختلف الدول في المنطقة
وخارجها.

الدور السياسي العماني

  • وساطات عمان السابقة في المنطقة نجحت، فما هي قراءتك للوساطة العمانية في الملف اليمني، وملف إعادة سوريا إلى الجامعة العربية؟

الوساطات العمانية السابقة نجحت نعم، ودعني أسميها المساعي الحميدة العمانية، وهذه المساعي العمانية بالنسبة إلى الوضع في اليمن الشقيق هي جهود مستمرة ومتواصلة، وتملك بالفعل مقومات النجاح من خلال علاقات عمان الطيبة والمتوازنة مع مختلف الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية المعنية باليمن. وكما تعرف كانت هناك تحركات عمانية في الآونة الأخيرة، وهي تحركات تتواصل بطرق ووسائل متعددة حتى تصل إلى غايتها في إنهاء الحرب واستعادة السلام والاستقرار والتوافق إلى اليمن الشقيق وبكل قواه السياسية والاجتماعية أيضا.

وبالنسبة إلى سوريا فموقف السلطنة معروف حيث أنها ترغب في استعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية. وقد أشارت السلطنة من قبل إلى أن هذا القرار لم يكن صحيحا. ولذا فإن السفارة العمانية استمرت تعمل في دمشق، كما أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد زار مسقط في أول زيارة له للخارج وجهود السلطنة لتنقية الأجواء العربية معروفة ومستمرة على عدة محاور وأصعدة.

سلطنة عمان ترفض استبعاد سوريا من الجامعة العربية وتعمل على استعادة مقعدها بين الأشقاء العرب

  • كنت من بين الذين عرضوا الرؤية العمانية للتعاون الخليجي في كتاب مازال يعود له الدارسون، لكن السؤال يبقى قائما بشأن وسطية السلطنة في علاقتها مع محيطها الخليجي من جهة ومع إيران من جهة مقابلة، متى تنحاز عمان لمحيطها العربي على حساب إيران؟

علاقات السلطنة مع إيران ومع دول مجلس التعاون لا تقوم على التقابل أو التقاطع بين الجانبين، ولكنها تقوم على أسس ومبادئ محددة ومعلنة وواضحة وثابتة كذلك، ولذا فإن الأمر ليس انحيازا من عمان إلى هذا الجانب على حساب الآخر، ولكن السلطنة تعمل كل ما يمكنها لصالح كل دول وشعوب المنطقة، وتؤمن بأن حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون بحسن نية وتحقيق المصالح المتبادلة تخدم السلام والاستقرار في المنطقة ولصالح كل دولها وشعوبها.

  • لكن لا تخفي السلطنة وجود خلافات سياسية وجغرافية مع بعض دول الخليج العربي، هل ترى أن الوقت كفيل بحلها أم أنها مؤجلة حاليا؟

ليس هناك خلافات سياسية أو جغرافية للسلطنة مع أشقائها في دول مجلس التعاون، ولكن هناك رؤى متعددة لدول المجلس ومنها السلطنة للتطورات والقضايا المختلفة. واختلاف أو تنوع الرؤى لا يمكن وصفه بأي حال من الأحوال بأنه خلاف سياسي. وبالنسبة إلى الجغرافيا فإن السلطنة توصلت ومنذ وقت مبكر إلى اتفاقيات واضحة ومحددة لكل حدودها وترسيمها مع كل جيرانها. وبالتالي لا مجال لخلافات في هذا المجال على أي نحو.

المبالغة في الاستثمار

السلطان هيثم بن طارق يقود إصلاحات واعدة
السلطان هيثم بن طارق يقود إصلاحات واعدة

  • هل بالغت عمان في الاستثمار في البنى التحتية وهي الآن تدفع ثمن هذا بالضغوط على الميزانية والدين؟

عمان لم تبالغ في الاستثمار في البنى الأساسية كما ذكرت، وإن فعلت كما تذكر فإنها تستفيد كثيرا الآن وسوف تستفيد في المستقبل من إنفاقها الكبير على البنى الأساسية، وهذا يظهر الآن في قطاعات عديدة، في منطقة الدقم الاقتصادية وفي صحار الصناعية وفي صلالة السياحية وفي صور الواعدة في مجال الموانئ البحرية
واللوجيستية.

أما الضغوط على الميزانية وارتفاع حجم الدين العام فهذه قضية أخرى ليست لها علاقة مباشرة بالإنفاق على البنى الأساسية، فخطط وبرامج التنمية تسير بخطى مدروسة وهناك خطة التوازن المالي التي بدأ تنفيذها بالفعل وهي مستمرة حتى عام 2024.

  • ماذا بشأن إعلان عمان خطة استقطاب لمقيمين ومستثمرين في الوقت الذي تحث فيه على الاستغناء عن العمالة الوافدة. الذين سيقيمون في عمان، ماذا سيفعلون؟

خطة استقطاب المستثمرين وخاصة الجادين منهم لا تتعارض مع الاستغناء عن أعداد من القوى العاملة الوافدة. فأعداد الوافدين تزيد عن 1.4 مليون شخص وهذا رقم كبير جدا بالنسبة إلى السلطنة، وما تحتاجه عمان في الوقت الراهن هو عمالة وافدة متخصصة ومدرّبة وقادرة على الإسهام في جهود التنمية، ومستثمرين جادين يمكنهم الإسهام في الخطط والبرامج المتخلفة. وقد قدمت السلطنة تسهيلات عديدة للاستغناء عن الوافدين المخالفين وللمستثمرين الجادين أيضا، فالأمر لا يتعارض في الواقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى