أخبارعالمية

العراق ساحة ممهدة لحلقة جديدة من الصراع الأميركي الإيراني

واشنطن – مع تساقط الطائرات المسيرة ومهاجمة ناقلات النفط في الخليج، يتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، ومعه تتصاعد المخاوف من نشوب حرب في واحدة من أهم مناطق إنتاج ونقل النفط في العالم. ولكن أي صراع بين الدولتين، قد يبدأ فعليا على أرض دولة ثالثة يمتلك الطرفان تواجدا عسكريا فيها وهي العراق.

ويتواجد في العراق حوالي 5200 جندي أميركي، في ظل وجود الآلاف من المقاتلين الشيعة الذين تدعمهم إيران والذين يسيطر عليهم مسؤولون عراقيون متعاطفون مع طهران.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن هذه الحقيقة المعقدة، تضع المسؤولين العراقيين في موقف صعب، في الوقت الذي يدرسون فيه العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة وعلاقاتهم السياسية والدينية مع إيران.

وحتى الآن يتم تجنب المواجهة المباشرة بين الأميركيين والإيرانيين، كما أن احتمال نشوب حرب سافرة بينهما غير قائم في ظل القدرات العسكرية الهائلة للولايات المتحدة، لكنّ الوضع يظل متوترا. فقد سحبت الولايات المتحدة الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في بغداد وهي أكبر بعثة دبلوماسية أميركية وأكثرها تكلفة على مستوى العالم. كما أغلقت واشنطن قنصليتها في مدينة البصرة أواخر العام الماضي، في ظل مخاوف المسؤولين الأميركيين من قدرة إيران على تدمير السلطة المركزية في العراق، وتهديد النفوذ الأميركي هناك. ومازالت القنصلية مغلقة حتى الآن.

واضطرت شركة النفط الأميركية العملاقة إكسون موبيل إلى إجلاء العمال الأجانب من أحد المعسكرات القريبة من حقل نفط غرب القرنة1 في محافظة البصرة، بعد أن تعرض مكان قريب للمعسكر لهجوم صاروخي. وفي يونيو الماضي أصابت الصواريخ مجمعا رسميا في مدينة الموصل شمال العراق. كما أصابت معسكر التاجي العسكري بالقرب من بغداد، وكلا الموقعين كان يضم مستشارين عسكريين أميركيين، بحسب التقارير الإعلامية العراقية.

وقالت جوان بولاشيك القائم بأعمال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي إنّ “الميليشيات العراقية المارقة الموالية لإيران تتآمر على المصالح الأميركية وتعتزم تنفيذ عمليات تستهدف قتل الأميركيين وشركاء التحالف والعراقيين”، مضيفة أن هذه المجموعات المسلحة تراقب المنشآت الدبلوماسية الأميركية وتواصل شن هجمات مسلحة غير مباشرة.

وفي نفس جلسة الاستماع قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط مايكل مالروي إنّ التدخلات الإيرانية تهدد المصالح العراقية وتدمر الاستقرار، مضيفا “هاجسنا الأساسي هو المدى الذي وصلت إليه الميليشيات غير الخاضعة للقواعد، التي تشعر بالولاء لطهران أكثر من الولاء لبغداد، وتدمر السلطة الشرعية لرئيس الوزراء العراقي، وتقهر العراقيين العاديين وتثير اضطراب المجتمعات الهشة التي تم تحريرها مؤخرا من سيطرة داعش”.

وفي أحدث خطوة تصعيدية أعلنت إيران اعتزامها إعدام عدد من الإيرانيين لإدانتهم بالتجسس لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية، في حين مازالت طهران ولندن تحتجزان ناقلتي نفط إحداهما تابعة لإيران والأخرى لبريطانيا.

ويعتبر العراق حلقة استراتيجية مهمة بالنسبة للسياسة الإقليمية الإيرانية، في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها.

ويدعم الإيرانيون الرئيس السوري بشار الأسد والمتمردين الحوثيين في اليمن في حروب إقليمية بالوكالة، كما يعززون علاقاتهم مع قطر، التي تستضيف قاعدة عسكرية أميركية كبرى، بعد أن قررت مصر والسعودية والإمارات والبحرين مقاطعتها دبلوماسيا واقتصاديا منذ نحو عامين.

وفي حالات نادرة كانت المصالح الأميركية والإيرانية في العراق تتلاقى، كما حدث عندما كانت قوات من الدولتين تحاربان بشكل منفصل تنظيم داعش، الذي كان قد تمكن من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي العراقية منذ حوالي خمس سنوات.

ويقول علي ألفونيج، كبير الباحثين بمعهد الخليج العربي للأبحاث بواشنطن “جزء كبير من المؤسسة العسكرية العراقية وليس فقط الميليشيات، ينحاز بقوة إلى إيران”.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، وفيما بدا إيماءة لواشنطن، قررت السلطات العراقية إخضاع قوات ما يسمى بالحشد الشعبي إلى القيادة الرسمية للجيش العراقي وهو القرار الذي رحب به المسؤولون الأميركيون بحذر.

وبعد أن تلاشى نفوذ داعش الذي شاركت ميليشيات الحشد في محاربته، ترغب الإدارة الأميركية في خروج إيران من العراق، حيث تعتبر الدور الإيراني فيه نموذجا إضافيا لتدخلاتها الإقليمية.

وقال سيان روبرتسون المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إنّ “على إيران احترام سيادة العراق وغيره من دول المنطقة ووقف أنشطتها المثيرة للاضطرابات والتوقف عن الأفعال التي تؤجج الخلافات الطائفية”.

ويقول علي فايز مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية إن الإيرانيين لا يرغبون في نشوب صراع على أرض العراق سواء بشكل مقصود أو غير مقصود، مضيفا “سألت مسؤولا إيرانيا رفيع المستوى منذ شهور قليلة، عن أهم قضية بالنسبة للإيرانيين من بين تلك النقاط الساخنة في المنطقة من مضيق هرمز إلى اليمن ومرتفعات الجولان والعراق ولبنان، فكان رده: العراق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى