صحة

إعداد السجينات للخدمة المدنية يساهم في إعادة إدماجهن في المجتمع

تونس – أكدت منظمات حقوقية أن حوالي 650 امرأة يقبعن في السجون التونسية تحت ظروف صحية واجتماعية صعبة ولا إنسانية.

وكشف تقرير أعدته المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، عن حجم المعاناة الصحية والنفسية التي تعيشها النساء التونسيات داخل السجون.

وبيّن التقرير الذي استند إلى بحث ميداني أجري على أربعة سجون، أن نسبة النساء السجينات في تونس بلغت 3 في المئة من العدد الإجمالي للسجناء بتاريخ أواخر نوفمبر 2019، بينهن 60 نزيلة متهمة في قضايا إرهابية، و30 امرأة حامل.

من أجل استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة تكون في شكل خدمة مدنية تطوعية، أبرم الاتحاد الوطني للمرأة التونسية اتفاقية تعاون وشراكة مع جمعية المحامين والقضاة الأميركية لفائدة السجينات والطفولة، وفق ما صرحت به راضية الجربي.

وأوضحت الجربي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن الاتفاقية المبرمة من شأنها أن تساهم في تأهيل النساء السجينات والأطفال الجانحين وإعادة إدماجهم في المجتمع عبر عقوبة بديلة.

ولفتت إلى أن المستهدفين هم الأشخاص الذين تم البت في قضاياهم أو الذين وقع استبدال عقوبتهم بعقوبة بديلة بالمحاكم بمحافظات تونس الكبرى وصفاقس (جنوب) ومدنين (جنوب) وباجة (شمال) والمهدية (وسط).

وأضافت أنه سيتم بمقتضى بنود الاتفاقية المبرمة تنظيم دورات تكوينية لفائدة القضاة والمحامين للدفاع عن هذا الإجراء المعمول به في عدة دول وستنطلق بتنظيم دورة لفائدتهم في شهر أكتوبر 2021 بمحافظة مدنين.

ووفق الجربي، سيتم في مرحلة متقدمة في غضون السنة القادمة تنظيم دورة تكوينية لفائدة السجينات المحكوم عليهن أو اللواتي تم استبدال عقوبتهن السالبة للحرية بعقوبة بديلة من أجل تكوينهن وإعدادهن لتقديم خدمة مدنية تطوعية خلال فترة زمنية محددة بدل العقوبة السجنية.

راضية الجربي: من شأن العقوبة البديلة أن تساهم في منح الجناة فرصة أخرى

وسيسهر الاتحاد الوطني للمرأة التونسية على تنفيذ الخدمة المدنية من خلال تشريك الفئات المستهدفة في المحافظات المذكورة من النساء السجينات المحكوم عليهن أو الأطفال الجانحين أو الجناة الذين تم استبدال عقوبتهم السالبة للحرية بعقوبة بديلة، في أنشطة في الحملات التوعوية والتحسيسية.

وأشارت الجربي إلى أن جمعية المحامين والقضاة الأميركية تشارك في الدورات التكوينية حسب بنود الاتفاقية التي تمتد إلى سنتين قابلة للتجديد.

واعتبرت أن من شأن إقرار العقوبة البديلة أن تستفيد منها المجموعة العمومية وتساهم في منح الجناة فرصة أخرى.

وأكدت أن من أهم أسباب إبرام هذه الاتفاقية هو الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية وارتفاع نسب العود للجريمة.

ولفتت إلى أن المؤسسات السجنية تعاني من نسب اكتظاظ تقدر بـ114 في المئة منهم 50 في المئة من الموقوفين يبقون في الإيقاف التحفظي لفترة طويلة، إلى جانب بلوغ نسب العود للجريمة 40 في المئة، معتبرة أن هذه الأسباب مجتمعة ساهمت في الشراكة مع جمعية المحامين والقضاة الأميركية بدعم من المؤسسات والمنظمات الحقوقية الدولية.

وتعيش السجينات التونسيات في ظروف تكاد تكون فيها العناية الصحية منعدمة، وكذلك المرافقة النفسية.

وأكد الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني أن المرافقة النفسية للنساء داخل السجون تعتبر ضعيفة، وهو ما يزيد من شعورهن بالعزلة ويصعّب عملية اندماجهن داخل المجتمع بعد انقضاء فترة السجن.

ويرى الشارني أن “السجن يضاعف المشاكل النفسية للنساء خاصة مع انقطاع العائلات عن زيارة ذويها”، منبها أن بعض السجينات يمنعن من رؤية أطفالهن إما بسبب رفض عائلة الأزواج اصطحاب الطفل إلى السجن خوفا من التأثيرات النفسية، أو كعقاب تسلطه العائلة على السجينة خاصة إذا ارتكبت مخالفة تصنف على كونها (لا أخلاقية).

وبيّن الشارني في حديث لـ”سبوتنيك” أن المرشدات الاجتماعيات يسعين دائما إلى أن يكنّ همزة وصل بين السجينات وعائلاتهن، للمحافظة على التواصل العائلي الذي يسهّل عملية الاندماج لاحقا.

وأفاد أن بعض الأطفال المرافقين لأمهاتهم داخل السجون يحرمون أحيانا من القيام بجولتهم الشهرية خارج أسوار السجن، مؤكدا في هذا الصدد معاينة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب لطفل تجاوز عمره العاميْن ولم يتم تسريحه من السجن في محافظة سوسة، رغم أن القانون يمنع بقاء الطفل أكثر من سنتين داخل السجن.

وللنهوض بوضع النساء السجينات، قال نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان محمود الوسلاتي إن الحل يتجاوز الفضاء السجني ليشمل تنقيح المنظومة القانونية.

واقترح الوسلاتي اعتماد العقوبات البديلة عوضا عن العقوبات السجنية بالنسبة إلى السجينات اللاتي لم تتجاوز عقوبتهن السنة الواحدة ولا يمثل جرمهن خطرا على المجتمع، كأن يقترح قاضي التحقيق على المتهمة عقوبة للصالح العام تعوض الإقامة داخل السجن، مؤكدا أن هذا الحل يتم تطبيقه في الدول المتقدمة.

وانتقد الوسلاتي اعتماد المنظومة القضائية في تونس على الإيداع السجني قبل صدور الحكم النهائي، وهو ما يتسبب أحيانا في سجن أشخاص تثبت براءتهم لاحقا، أو في قضاء مدة في الإيقاف أطول من مدة الحكم نفسها.

واعتبر المتحدث أن إصلاح المنظومة السجنية لا يتوقف على تحسين وضعية السجينات فقط، وإنما أيضا على تحسين ظروف عمل الأعوان والإطارات السجنية التي تعاني من نقص الإطار البشري وهو ما ينعكس ضرورة على وضعية السجينات.

ودعا الوسلاتي أيضا إلى اعتماد السوار الإلكتروني بدلا عن السجن، والذي تتم بواسطته مراقبة تحرك السجينة وتحديد مكان وجودها ومدى التزامها بعدم ارتكاب مخالفات جديدة، معتبرا أن هذا الحل يقلص أولا من نسبة دمغجة السجينات واختلاطهن بأخريات ارتكبن قضايا إجرامية أو انخرطن في قضايا إرهابية، ويخفض من مستوى الاكتظاظ داخل السجون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى