أخبارعالمية

أزمة الطاقة توجّه الأوروبيين نحو القارة الأفريقية

الرباط – جعلت الحرب الروسية – الأوكرانية الدول الأوروبية في أمسّ الحاجة إلى إيجاد بديل عن موسكو يلبي احتياجاتها من الغاز والطاقة اللذين باتت مهددة في توفيرهما لمواطنيها، لذلك تتجه أوروبا نحو القارة الأفريقية حيث طفت دبلوماسية الطاقة على السطح، وباتت الدول الأفريقية خصوصا شمال القارة قبلة للمسؤولين الأوروبيين للظفر بكعكة الطاقة في القارة السمراء.

وتتخوف دول أوروبا من التهديد الذي يطال أمن الطاقة بسبب تقلص وتضرر إمداداتها من روسيا التي تعتبر أحد أبرز مزودي الدول الأوروبية، لذلك اعتمدت إجراءات استباقية منها تقليص استعمال الطاقة على أبواب شتاء بارد.

وفي حين توجهت فرنسا إلى الجزائر، وضعت بريطانيا أعينها على الطاقة المتجددة في المغرب، فيما تبحث إسبانيا عن تأمين مستقبلها في مجال الطاقة.

في المقابل، توجهت إيطاليا إلى الجزائر وأنغولا ومصر والكونغو ونيجيريا، بينما وجدت دول غرب أوروبا والمملكة المتحدة من الغاز الطبيعي القادم من الولايات المتحدة بديلا لتعويض الغاز الروسي.

الدول الأفريقية خصوصا شمال القارة باتت قبلة للمسؤولين الأوروبيين للظفر بكعكة الطاقة في القارة السمراء

وتحاول دول الاتحاد برمتها تفعيل دبلوماسية الطاقة لعلها تظفر بعقود طويلة الأمد.

وأمام هذه الجهود الفردية أو الجماعية قد تجد غالبية دول التكتل نفسها عاجزة عن توفير حاجتها من الطاقة لعدم وجود علاقات قوية أو شراكات بينها وبين دول منتجة.

وتعتمد ألمانيا على روسيا للحصول على 50 في المئة من حاجتها من الغاز الطبيعي، بينما تعتمد إيطاليا على الغاز الروسي بنسبة 40 في المئة.

وتستورد فرنسا 25 في المئة من حاجتها من الغاز من روسيا، وأعلنت عن خطوات لتوسيع محطات لتسييل الغاز، وبناء مخازن أكبر لتخزين مصدر الطاقة الأبرز بالنسبة إليها والبحث عن مصدّرين جدد من آسيا وأفريقيا، لكنها تتجاهل أن الحرب الروسية – الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والأسمدة، ما فاقم معاناة الدول الأفريقية ذات الاقتصاديات الهشة، خاصة المستوردة منها للغذاء من روسيا وأوكرانيا، وكلما طال أمد الحرب وتداعياتها الاقتصادية كلما تضررت الدول الأفريقية ودخلت في اضطرابات اجتماعية قد تعرقلها عن تلبية احتياجات أوروبا من الطاقة.

ويقول محمد نظيف الاقتصادي المغربي إن “الدول الأوروبية تعرف مصالحها وتدافع عنها، لذلك يلاحظ هذا التوجه إلى أفريقيا من أجل البحث عن بدائل للطاقة”.

وأوضح أن الدول الأوروبية تخطط على المدى البعيد في سياق الحرب على أوكرانيا والتي أفرزت حاجة الدول الأوروبية الحالية والمستقبلية إلى الطاقة.

وانتقد المحلل المغربي غياب التنسيق بين الدول الأفريقية أو شمال القارة للتفاوض ككتلة واحدة مع الدول الأوروبية، والتي تجعل الأخيرة تستغل ذلك من أجل الاستفادة أكثر من اتفاقيات الشراكة في مجال الطاقة.

وتابع “الدول الأوروبية استخلصت دروسا من الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما دفعها إلى البحث عن بدائل للسنوات القادمة، خصوصا أن أفريقيا هي مستقبل الطاقة على المستوى الدولي”.

ودعا نظيف الدول الأفريقية إلى التفاوض بشكل جماعي بدل الفردي حتى تضمن هامش ربح لصالحها، وتعمل وفق منطق رابح – رابح مع الدول الأوروبية.

وفي ظل الغموض الذي يطبع مستقبل الحرب الروسية – الأوكرانية، تحركت المشاريع الرامية إلى توفير الطاقة عبر أنابيب الغاز انطلاقا من أفريقيا.

ووصل مشروع خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا إلى مرحلة الدراسات التقنية والهندسية التفصيلية، في حين أن الأطراف تبحث عن تمويل يقدر بـ25 إلى 30 مليار دولار.

ويعبر الأنبوب 13 دولة في غرب أفريقيا قبل أن يصل إلى أوروبا، وتم الاتفاق عليه مع المغرب في 2016.

كما تجدد الاهتمام الجزائري – النيجيري بمشروع قديم لنقل الغاز إلى أوروبا في إطار ما يعرف بـ”الأنبوب العابر للصحراء”.

وفي سبتمبر كشف وزير الطاقة النيجيري تيميبري سيلفا أن حكومة بلاده “شرعت بتنفيذ بناء خط أنابيب لنقل الغاز إلى الجزائر، والتي ستقوم بدورها في مرحلة لاحقة بنقله إلى دول أوروبية”.

وبدأ الحديث عن مشروع أنبوب الغاز “نيجيريا – الجزائر” أفريقياً قبل أزيد من عشرين عاما. كما أبدت ليبيا استعدادها لإنجاز أنبوب غاز ليبي – نيجري يتجه إلى أوروبا.

وكان أول إعلان عن بداية التفكير في إنشاء مشروع لأنبوب لنقل غاز نيجيريا عبر ليبيا في السادس عشر يونيو الماضي، حين كشف متحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد حمودة أنها “منحت الإذن لوزارة النفط والغاز لإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية لجدوى إنشاء مشروع أنبوب غاز من نيجيريا عبر النيجر أو تشاد إلى أوروبا عبر ليبيا”.

واستثمرت بعض الدول الأفريقية في الطاقة المتجددة بالنظر إلى الحاجة إلى توفير الكهرباء لدول القارة وإمكانية تصديرها إلى الدول الأوروبية.

دول الاتحاد برمتها تحاول تفعيل دبلوماسية الطاقة لعلها تظفر بعقود طويلة الأمد. وأمام هذه الجهود قد تجد غالبية دول التكتل نفسها عاجزة عن توفير حاجتها من الطاقة

وعلى الرغم من الإمكانات الطبيعية التي تملكها أفريقيا، فإن التمويل والإمكانات اللوجستية يقفان حاجزا أمام الكثير من الدول في القارة السمراء.

وقطع عدد من الدول مثل موزمبيق وإثيوبيا وكينيا وزامبيا والمغرب وغانا ونيجيريا شوطا في مجال الطاقة المتجددة.

وخلال أكتوبر الماضي وقع المغرب والاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة الخضراء في مجال الطاقة والبيئة ومكافحة تغير المناخ لتوفير الأمن في مجال الطاقة والاستثمار في الهيدروجين الأخضر.

وتعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها للاتحاد مع بلد من الجوار الجنوبي، وسيتم على ضوئها تعزيز التعاون في مجال مكافحة تغير المناخ، وتدعم الجهود المشتركة المبذولة لتحقيق الانتقال الأخضر.

كما يعتزم المغرب وبريطانيا التوقيع على اتفاقية مشروع الطاقة الكهربائية بين البلدين. ومن المتوقع أن يتم ربط أطول خط كهرباء في العالم بطول 3800 كيلومتر انطلاقا من السواحل الجنوبية للمغرب باتجاه بريطانيا.

وينتظر أن يوفر هذا المشروع الكهرباء لحوالي 8 ملايين منزل في بريطانيا، ويؤمن حوالي 8 في المئة من الحاجيات من الكهرباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى