اقتصاد

أردوغان يكافح لتغيير أرقام النمو ويضغط لخفض الفائدة

أنقرة – تكافح الحكومة التركية لتغيير المؤشرات المتعلقة بالنمو وفي مقدمتها معدل التضخم إلا أنها في كل مرة تتعرض إلى خيبة تمتد آثارها إلى حياة الأتراك وأيضا إلى المستثمرين سواء كانوا محليين أو أجانب وتتجلى بوضوح مع تراجع قيمة الليرة.

ويبدو أن خيبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ستتكرر مع اقتراب موعد تحديد ما إذا كان البنك المركزي سيعمل بنصيحته أم لا، بشأن خفض أسعار الفائدة رغم أنه يروج بأن الاقتصاد يتجه إلى التعافي وأن بمقدور الإجراءات التي تقوم بها الحكومة أن تدفع الناتج المحلي الإجمالي إلى النمو قياسا بالعام الماضي.

ولم يخف أردوغان في مقابلة تلفزيونية مساء الأربعاء الماضي أمنياته في أن ينمو الاقتصاد بأكثر من 7 في المئة هذا العام، وتوقع أن ينخفض التضخم بعد أغسطس الحالي، قائلا إن “التضخم الذي بلغ 18.95 في المئة في يوليو لن يرتفع أكثر”.

رجب طيب أردوغان: التضخم الذي بلغ 18.95 في المئة في يوليو لن يرتفع أكثر
رجب طيب أردوغان: التضخم الذي بلغ 18.95 في المئة في يوليو لن يرتفع أكثر

وأظهرت بيانات رسمية أن التضخم المسجل يأتي على خلفية ارتفاع أسعار الأغذية والطاقة، ليماثل مستوى الفائدة القياسي للبنك المركزي عند 19 في المئة، مما يزيد الضغط على المركزي للإبقاء على سياسة مشددة.

ولكن أردوغان كرر مرة أخرى معارضته طويلة الأمد لأسعار الفائدة المرتفعة، قائلا إنها “تسبب التضخم”، مما يعني أنه يعمل على التأثير على محافظ المركزي شهاب قاوجي أوغلو الذي عينه قبل أشهر.

وتشير أرقام التضخم الأساسي التي تقل غالبا عن التضخم في المدن، إلى أن التضخم الإجمالي قد لا يتراجع كثيرا وبالسرعة التي يتوقعها المركزي والحكومة.

وتؤدي معدلات التضخم المرتفعة عادة إلى تآكل القوة الشرائية للسكان وهو ما يعني أنهم يملكون مالا قليلا مقارنة بحاجتهم إلى الإنفاق على شراء السلع أو الحصول على ضمانات لمشتريات مكلفة مثل السيارات والمساكن.

وسرعان ما أثرت تصريحات أردوغان على الليرة، التي لامست الخميس أدنى مستوياتها مقابل الدولار في أسبوع، بفعل مخاوف حيال السياسة النقدية التي قد تؤدي إلى خفض أسعار الفائدة.

وبلغت الليرة 8.55 مقابل الدولار، لتهبط من إغلاق عند 8.48 الأربعاء الماضي، ولامست في وقت سابق من اليوم 8.5 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوياتها في أسبوع.

وتشير تقارير صادرة عن المؤسسات المالية الدولية إلى أن الليرة التركية خسرت قرابة 12 في المئة منذ بداية العام الجاري، وهذا النزيف المتواصل للعملة يعود بالأساس إلى تخبط السياسات الاقتصادية التي يريد أردوغان تطبيقها.

وقال متعامل في النقد الأجنبي لدى أحد البنوك لرويترز إنه رغم توقعات هبوط التضخم في الأشهر المقبلة، فإن السوق ترى فرصة محدودة لأن يخفض المركزي أسعار الفائدة قريبا، وإن حديث السياسيين عن الخفض أضعف الليرة.

Thumbnail

وانتهج أردوغان منذ توليه الرئاسة سياسة المغامرة بخفض أسعار الفائدة فارضا إرادته على المركزي بإجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، ما تعارض مع الوضع الهش للتوازنات المالية والاقتصادية، وانعكس بسرعة ووضوح في اتجاه انهيار متسارع لليرة.

وأقال في مارس الماضي محافظ المركزي السابق ناجي إقبال، الذي لاقى ثناء السوق عبر رفع تكلفة الاقتراض القياسية من 10.25 في المئة إلى 19 في المئة على مدى فترة ولايته التي دامت أربعة أشهر وسعى خلالها إلى مكافحة التضخم ودعم الليرة التركية.

وهذا الأسلوب لا يريده الرئيس التركي صاحب واحدة من أغرب النظريات الاقتصادية في العالم عن أن تخفيض أسعار الفائدة يؤدي إلى تراجع التضخم. وفي محاولة منه لتهدئة السوق، قال قاوجي أوغلو في يونيو الماضي إنّ التوقعات بخفض وشيك لسعر الفائدة “يجب أن تختفي”.

وعزل أردوغان في شهر يوليو 2019 محافظ المركزي مراد تشيتن كايا بسبب فشل السياسات النقدية في مواجهة التباطؤ الاقتصادي، فيما دق خبراء نواقيس الخطر من أنها بداية مغامرة قد تكون الأخطر في مسيرة انهيار الليرة التركية.

وأثارت الخطوة قلق البنوك المحلية والعالمية من أن يصبح المركزي أداة سياسية في يد أردوغان وغير مستقل كما هو الحال في الدول المتقدمة. ولم تكن إقالة تشيتن كايا مفاجئة بل كانت مبيتة منذ فترة لأن المحافظ المقال كان مصرّا على اعتماد منطق اقتصادي سليم في التعامل مع أسعار الفائدة.

وفي نوفمبر العام الماضي أقال أردوغان محافظ المركزي الأسبق مراد أويسال الذي تولى المنصب لفترة تزيد قليلا عن العام بسبب تراجع قيمة العملة لعدة أسابيع، وقام بتعيين ناجي إقبال بدلا منه.

متعاملون في النقد الأجنبي لدى بنوك تركية يرون فرصة محدودة لأن يخفّض البنك المركزي أسعار الفائدة قريبا

وبينما تتبدد الترجيحات لزيادة رسمية لأسعار الفائدة أو تثبيتها على الأقل لكبح خسائر الليرة، فقد لجأ المركزي حتى الآن إلى إجراءات غير رسمية لرفع تكلفة التمويل، بما في ذلك خطوات على صعيد السيولة وتوجيه المقرضين للاقتراض بسعر أعلى.

وتزايدت عزلة تركيا عن محيط الأسواق الصاعدة جراء الانهيار الحاد في قيمة الليرة وعجز الحلول الترقيعية المتبعة عن معالجة اختلال النظام المالي بينما تجمع المؤشرات على أن هذه الأزمة تظل محلية ولا تؤثر على الأسواق الصاعدة الأخرى.

وتوسعت الحكومة التركية والسلطات النقدية خلال السنوات الخمس الأخيرة في ضخ السيولة النقدية في النظام المالي، وتم إنفاق جزء من الاحتياطات النقدية بوتيرة أسرع مما فعلت أي دولة صاعدة رئيسية.

ويقول خبراء إن أسباب انهيار الليرة، هي محلية بدرجة كبيرة، وهو ما دفع المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبرى، مثل سيتي غروب وفيديلتي إنترناشيونال إلى التعامل مع تركيا بمعزل عن التعامل مع غيرها من الاقتصادات الصاعدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى