الأخبار

يشتكي المواطن التونسي من غلاء أسعار الأدوات المدرسية

تونس- يشتكي المواطن التونسي من غلاء أسعار الأدوات المدرسية التي أثقلت كاهله وأثرت سلبا على ميزانيته، بعد الرفع في أسعار الكتب، ما يطرح بجدية مسألة شعار ”مجانية التعليم“ بالبلاد، فضلا عن مدى استعدادات وزارة التربية لتجاوز النقائص والإخلالات.

أقرت المساحات التجارية الكبرى تخفيضات في أسعار الأدوات المدرسية، قبل أيام من العودة المدرسية وإقبال العائلات على اقتناء مستلزمات أبنائها الدراسية.

ودعت الغرفة النقابية الوطنية للكتبيّين التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية إلى منح تخفيضات اختيارية على أسعار الأدوات المدرسية بنسبة خمسين في المئة.

روضة عيفة: نطالب بالتخفيض في الأسعار ومجانية التعليم مجرد شعار

وأضافت الغرفة في بيان لها أن قرار التخفيض الاختياري للأسعار، الذي يتواصل لمدة شهر، يستثني الكراس المدعم الذي تقوم الدولة بدعمه والكتاب المدرسي.

وسبق أن دعت الغرفة النقابية الوطنية لصانعي الكراس المدرسي إلى تخفيض أسعار الكراس غير المدعم، علما وأن هذه النوعية تمثل أقل من نصف الاستهلاك الوطني من الكراس المدرسي.

وأكد عدد من أصحاب المكتبات في العاصمة تونس أن إقبال الأولياء على شراء لوازم أبنائهم للعودة المدرسية وخاصة منها الكتاب والكراس المدرسي محتشم نوعا ما، نظرا لعدة عوامل من بينها تأخر انتهاء الموسم الدراسي السابق وتكاليف العطلة الصيفية وما فرضته جائحة كورونا، مشددين على تراجع القدرة الشرائية للمواطنين التي تجعل أغلبهم يقبلون على شراء الكراس المدعم.

وشدد صاحب إحدى المكتبات بالعاصمة على أنهم يتزودون بنحو عشرين في المئة فقط من نسب طلبات التلاميذ في المرحلتين الابتدائية والثانوية أو حتى الجامعية من الكراس المدعم، في حين تقبل قلة قليلة على شراء الكراس الفاخر نظرا لأسعاره المرتفعة نسبيا ولجودة أوراقه، في حين يعاني أصحاب المكتبات والأولياء والتلاميذ على حد السواء من عدم جودة الكراس المدعم وارتقائه إلى مستوى متقارب مع الكراس الفاخر رغم الاستهلاك الكبير لهذه النوعية والذي يقابله سنويا للأسف تصنيع كميات محدودة.

ويتذمر أصحاب المكتبات من البيع المشروط للكراس المدعم وبكميات صغيرة وهو ما يخلق مشكلة مع الزبائن، وأكّدوا على توفر الكتاب المدرسي بنحو تسعين في المئة باستثناء بعض العناوين التي عطلت طباعتها أزمة استيراد الورق.

وشدّد هؤلاء على نقص بعض عناوين الكتب الخاصة بمراحل السنة الأولى إلى مرحلة الباكالوريا، داعين وزارة التربية والمركز الوطني البيداغوجي لتغيير سياستهما المتعلقة بفترة انطلاق طباعة الكتب المدرسية فيما طالب آخرون إما بتوفير الكميات اللازمة من الكراس المدعم أو إلغائه تماما.

واقترحت أطراف أخرى تحسين جودة الكراس المدعم والرفع الطفيف في سعره وتوفيره بكميات كافية ليقابل ذلك الطلب المكثف على اقتنائه من الأولياء والتلاميذ مع انطلاق كل موسم دراسي.

فريد شويخي: الآباء في وضعية حرجة بسبب الترفيع في أسعار الكتب

وأفاد فريد شويخي المتخصص في البيداغوجيا الجديدة ورئيس جمعية منتيسوري لشمال أفريقيا أن “الآباء اليوم في وضعية حرجة في ظل الزيادة في النفقات اليومية والمواد الاستهلاكية، ولا يوجد تناسق بين الرفع في الأسعار والزيادة في الرواتب”.

وأضاف في تصريح لـ“العرب”، “العودة المدرسية هذه السنة صعبة، خصوصا وأن هناك زيادة في أسعار الكتب والكراسات، فضلا عن كون الولي مجبرا على اقتنائها”، قائلا “كلفة المحفظة الواحدة بين 300 و400 دينار (107.55 و143.39 دولار)، وكل مادة تقريبا تتطلب كتابا”، متسائلا “لم لا يتم التفكير في اقتراح الدرس الإلكتروني دون الكتب؟ ومسألة مجانية التعليم في تونس أصبحت نسبية”.

وبخصوص استعدادات وزارة التربية لإصلاح المنظومة التربوية في مستوى الآليات والبرامج، قال الخبير في شؤون التربية “مشروع الإصلاح التربوي هو مشروع حكومة وشعب ولا يقتصر على وزارة التربية، وعلى الفريق الحكومي أن يدرس المسألة جيدا مع توفر نظرة استشرافية ووضع استراتيجية واضحة، فضلا عن مراجعة طرق التعليم في مستوى إيصال المعلومة والسلوك التربوي”.

وأوضح أن البرامج التعليمية غير متناسقة مع متطلبات سوق الشغل، حيث يحصل مئة وعشرون ألف طالب سنويا على شهادات جامعية ويجدون أنفسهم في الشوارع.

واعتبرت أطراف نقابية أن المواطن التونسي في وضع لا يحسد عليه، فبالإضافة إلى غلاء الأسعار الذي فرضه وضع البلاد، وجد نفسه أمام مسؤولية إنجاح العودة واقتناء متطلبات أبنائه وتوفير لوازمهم رغم الأزمات المتتالية.

وقالت روضة عيفة الكاتب العام المساعد بالجامعة العامة للتعليم الثانوي إن “المواطن التونسي أُثقل كاهله بغلاء الأسعار وهو ما فرضه الوضع العام بالبلاد، وكل ما يهم العودة المدرسية لن يخرج عن هذا السياق”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “كل عائلة تقريبا لها أكثر من تلميذ، ونطالب بالنظر في هذه الأسعار وتخفيضها، وهذا من غير المعقول، لكن الكتب المدرسية هي من تخصص الدولة”.

وأردفت “مجانية التعليم أصبحت مجرد شعار، ولا توجد مجانية الآن، ولا بد من العودة إلى المدرسة العمومية الموحدة، فضلا عن ضرورة إصلاح المنظومة التربوية”.

أصحاب المكتبات يتذمرون من البيع المشروط للكراس المدعم وبكميات صغيرة وهو ما يخلق مشكلة مع الزبائن، وأكّدوا على توفر الكتاب المدرسي بنحو تسعين في المئة باستثناء بعض العناوين

وبخصوص النقاط المهمة بشأن الوضع الصحي، قبل أسبوع من العودة المدرسية، قالت عيفة “لا بد من احترام البروتوكول الصحي، وتوفير التجهيزات اللازمة لسير العملية التربوية”، لافتة “وزارة التربية تعهدت بألا يتجاوز عدد التلاميذ سبعة وعشرين تلميذا في الفصل الواحد، لكن سجلنا في بعض الجهات وجود خمسة وثلاثين تلميذا في فصل واحد وهذا ما يمكن أن يعطل العودة”. واستطردت “العودة المدرسية ستكون يوم الخامس عشر من سبتمبر وسنحثّ الأولياء على تلقيح أبنائهم”.

وفي وقت سابق، قال الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقاء جمعه بوزير التربية فتحي السلاوتي، “إن من أكبر الجرائم التي ارتكبت في حق تونس ضرب التعليم”، داعيا إلى القيام بإصلاح جذري للمنظومة التعليمية.

وتعثرت المطالبات بإصلاح هذه المنظومة في تونس وظلت تمثل ملفا تتوارثه الحكومات المتعاقبة التي مسكت بزمام الأمور في البلاد، رغم تبني برنامج للإصلاح سنة 2015.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى