محطات

وجه أسود في برنامج تلفزيوني مصري يثير ردود فعل غاضبة على احتقار السود

وجه أسود في برنامج تلفزيوني مصري يثير ردود فعل غاضبة على احتقار السود

ضرورة مراجعة الثقافة المغذية للعنصرية في المجتمعات العربية، والتركيز على لون البشرة تعبير عن الانحياز العرقي.
القاهرة – أثار مشهد ظهور ممثلة مصرية لوّنت وجهها بالأسود لتقليد سودانية في برنامج تلفزيوني مصري كوميدي، جدلا وانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، كاشفا عن مشكلة عميقة وقديمة في العالم العربي وهي العنصرية تجاه السود.
وظهرت الممثلة شيماء سيف، بوجه لُوّن بالأسود، تؤدي دور شخصية سيدة سودانية تركب حافلة ركاب مع مصريين وتتبادل معهم الحديث في فقرة من برنامج “شقلباظ” الكوميدي الذي يبث على قناة “أم.بي.سي مصر” السعودية في شهر رمضان.
وأثارت هذه الفقرة بعد عرضها الأسبوع الماضي، انتقادات شديدة على شبكات التواصل الاجتماعي من جانب مصريين وسودانيين اعتبروا أن المشهد يعكس رؤية عنصرية.
وتساءلت السودانية مروة بابكر على موقع فيسبوك، “هل الهدف كان إضحاكنا؟”. ثم أضافت في فيديو قصير لقي إعجابا من تسعة آلاف شخص “أثناء تصويركم (هذه الفقرة) كنا نتظاهر مع الشعب”، في إشارة إلى التظاهرات المستمرة منذ ديسمبر الماضي في السودان والتي أدت إلى إسقاط الرئيس عمر حسن البشير في أبريل، وتتواصل المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين.
وتقول أستاذة التاريخ في جامعة بنسلفانيا إيف تروت باول، وهي ومؤلفة كتب عدة عن الاستعمار في مصر والسودان، إن “الوجه الأسود” يستخدم منذ أكثر من قرن في الأعمال الكوميدية المصرية.
وخارج مصر، تعرضت المغنية اللبنانية ميريام فارس لانتقادات عديدة أخيرا بعد أن ظهرت وقد لوّنت بشرتها بالأسود في أغنية مصورة بدت فيها وكأنها في غابة أفريقية. ولم ترد النجمة اللبنانية على الهجوم الذي تعرضت له.
وتوضّح تروت باول أن “هناك تاريخا طويلا خلف الصورة الكاريكاتورية للسود في مصر وفي دول أخرى في الشرق الأوسط، وهو تاريخ العبودية”.
واعتبارا من القرن التاسع، باع العرب الملايين من الأفارقة كعبيد، وهو تاريخ ما زال له تأثيره على الرؤية إلى الأعراق المختلفة في الشرق الأوسط.
وبقيت كلمة “عبيد” باللغة العربية مرتبطة ارتباطا ذهنيا بذوي البشرة السوداء لقرون عديدة. وتشهد بعض الدول منذ سنوات، صحوة في هذا الإطار، وانتقادات لاستخدام التعبير في غير مكانه.وتترأس مصر الاتحاد الأفريقي لهذا العام وتستضيف كأس الأمم الأفريقية هذا الصيف. وقامت القاهرة أخيرا بنشاط دبلوماسي مكثف في أفريقيا.
معاناة قديمةمعاناة قديمة
ولكن في القارة الأفريقية، يسود اعتقاد بأن المصريين يزدرون السود. ففي العام 2016، اتهمت الدبلوماسية الكينية إيفون كاماتي مسؤولا مصريا بأنه وصف الأفارقة المنتمين إلى دول جنوب الصحراء بأنهم “كلاب وعبيد”، وذلك خلال حوار جانبي خاص على هامش مؤتمر للأمم المتحدة، لم يكن يعرف أنه مسموع. ولكن مصر نفت هذه الادعاءات، مؤكدة أنها أجرت “تحقيقا” في الأمر.
وتقول الباحثة منى كريم من مركز “ترانسريجونال ستودين” في برلين إن هذه الرؤية العنصرية نابعة من فكرة مفادها أن “البشرة السوداء تثير الخوف أو السخرية”.
وتضيف في تصريح لوكالة فرانس برس “التركيز على لون البشرة هو تعبير عن الانحياز العرقي”.
ولا يتجاوز الجدل حول النظرة العنصرية للسود في العالم العربي وسائل التواصل الاجتماعي، وهي المساحة المتاحة لحرية التعبير.
في مصر، لم تثر الانتقادات التي تعرض لها البرنامج الذي يتم بثه على “أم.بي.سي مصر” أي ردود فعل كبيرة خارج شبكات التواصل الاجتماعي.
وترى تروت باول أن “مناقشة رشيدة وأمينة حول التاريخ السياسي والعرقي يجب أن تجري داخل المجتمع المصري ومجتمعات أخرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى