الأخبار

هل ينجح ميقاتي في التأليف بعد التكليف أم يعتذر

يواجه رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي مهمة صعبة في التوصل إلى تأليف حكومة تدعمها القوى الغربية التي تشترط حكومة اختصاصيين يوكل إليها مهمة الانكباب على الإصلاحات الاقتصادية العاجلة. ويتوقف تشكيل الحكومة اللبنانية على موقف العهد (التيار الوطني الحر وحزب الله) الذي عرقل تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري لنفس الشروط التي يتبناها ميقاتي.

بيروت –  كلّف الرئيس اللبناني ميشال عون الاثنين، رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة ليتجاوز ميقاتي بذلك عقدة التسمية، إلا أن نجاحه في تأليف حكومة ليس حتميا وسيناريو اعتذاره يبقى مطروحا إذا ما واصل “العهد” التمسك بشروطه التي قادت رئيس الحكومة المكلف السابق سعد الحريري إلى الاعتذار.

وأعلن ميقاتي عقب إعلان تكليفه، أن مهمة حكومته الأساسية هي تنفيذ المبادرة الفرنسية. وأكّد أنه “بالتعاون مع فخامة الرئيس نستطيع تشكيل الحكومة التي من مهامها الأولية تنفيذ المبادرة الفرنسية والتي هي لمصلحة لبنان ولمصلحة الاقتصاد اللبناني”.

والمبادرة المقصودة، أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من بيروت، بعد أيام من انفجار مرفأ العاصمة اللبنانية، في 4 أغسطس الماضي، لتشكيل حكومة جديدة.

نجيب ميقاتي: مهمة حكومتي الأساسية هي تنفيذ المبادرة الفرنسية

وتنص تلك المبادرة على تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين (غير تابعين لأحزاب)، على أن يتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية، لكنها فشلت آنذاك في الدفع نحو تشكيل حكومة جديدة، إذ رفضتها قوى سياسية عدة، واعتبرتها تدخلا في شؤون البلاد.

وتابع رئيس الحكومة المكلف “أنا اليوم خطيت هذه الخطوة لتخفيف تمديد الحريق وإخماد الحريق لا يتم إلا بتعاون كل اللبنانيين، أعلم أن الخطوة صعبة ولكني مطمئن ومنذ فترة أدرس الموضوع ولو لم يكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة لما كنت أقدمت على الأمر”.

ولفت إلى أن مهمته “صعبة ولكنها سوف تنجح لو تضافرت جهود الجميع دون مناكفات أو مهاترات ومن لديه أي حل فليتفضل”.

ويواجه ميقاتي، مثل المرشح السابق سعد الحريري، تحديات كبيرة في التعامل مع سياسة تقاسم السلطة في لبنان لتأمين اتفاق على حكومة تقف في وجه أزمة مالية خانقة.

وتتولى حكومة حسان دياب تصريف الأعمال في لبنان منذ نحو عام عندما وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت دمر أجزاء من المدينة بينما انهارت عملة البلاد وعمت البطالة وجمدت البنوك الحسابات.

ويعد الانهيار الاقتصادي أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وسمت كتلة تيار المستقبل برئاسة الحريري، ميقاتي لتأليف حكومة جديدة، وكذلك سمته كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله، وكتلة التنمية والتحرير، التي يترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكتلة التكتل الوطني، وكتلة اللقاء الديمقراطي التي يتزعمها وليد جنبلاط، وكتلة الوسط المستقل، والكتلة القومية الاجتماعية، فيما امتنعت عن تسميته كتلة لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل صهر عون.

وعلى عكس ما حدث في ترشيح الحريري ، فإن كتلة حزب الله البرلمانية رشحت ميقاتي إذ قال رئيس الكتلة محمد رعد “لطالما تعاطينا بكل إيجابية مع مختلف الجهود لتشكيل الحكومة”.

وأضاف رعد “اليوم مع ظهور مؤشرات تلمح إلى إمكانية تشكيل حكومة، ما بنعرف بتظبط أو ما بتظبط، فإن من الطبيعي أن تؤيد الكتلة وتشجع هذه الإمكانية ومن هنا جاءت تسميتنا لدولة الرئيس ميقاتي لتعكس جدية التزامنا لنتقصد أيضا إعطاء جرعة إضافية لتسهيل مهمة التأليف”.

وكان من بين مؤيدي ميقاتي السياسي المخضرم الحريري، الذي تخلى عن جهوده لتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي بعد نحو عشرة أشهر من الفشل في الاتفاق على تشكيلها مع الرئيس ميشال عون.

وقال الحريري للصحافيين بعد لقائه مع عون إنه يأمل أن تتم تسمية ميقاتي “على أساس متابعة المسار الدستوري الذي اتفقنا عليه”. وأضاف “البلد لديه فرصة”.

Thumbnail

ويرى مراقبون أن تسهيل حصول ميقاتي على أغلبية كافية لتكليفه وتخطيه مرحلة التسمية، أسوة بما فعل الحريري، فإن ذلك لا يضمن مسبقًا قدرته على تشكيل حكومة بأسرع وقت، وخصوصا أنه يريد الانطلاق في حواره مع الرئيس عون من النقطة التي وصل إليها الرئيس سعد الحريري، بينما لا توجد مؤشرات على نية عون إدخال تعديلات جوهرية على موقفه من طريقة تشكيل الحكومة ومن برنامج عملها، ما يعني أنه لا توجد ضمانة بتوافر عناصر تشكيل الحكومة.

وتضغط الحكومات الغربية على الساسة اللبنانيين لتشكيل حكومة يمكنها بدء إصلاح مؤسسات الدولة التي تعاني من الفساد وقد هددت بفرض عقوبات وقالت إن الدعم المالي لن يتدفق قبل بدء الإصلاحات.

ووضعت الجهات الدولية منذ ديسمبر الماضي برنامج عمل الحكومة الجديدة وتشترط المؤسسات الدولية والدول الغربية من خلاله تطبيق إصلاحات قبل السماح بإعطاء أي قروض للبنان.

وبالنسبة إلى الأوروبيين، فإنّ الاتفاق مع صندوق النقد يبعث برسالة ثقة إلى بقية المُقرضين – دولًا ومؤسسات – لإعادة ضخّ العملة الصعبة في البلد، وتفعيل المشاريع الإنمائية، تحديدًا تلك التي اتُفق عليها في مؤتمر باريس 4 (يُعرف باسم “سيدر” وقد انعقد عام 2018 في فرنسا).

وحصل ميقاتي على دعم الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، شرط أن يلتزم ببرنامج التعاون الفوري مع صندوق النقد الدولي ويؤلف حكومة تضمن إطلاق برنامج الإصلاحات وأن تكون مستعدة تمامًا للإشراف على انتخابات نيابية في موعدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى