محطات

مهجرو الموصل فارون من النيران ومياه الفيضان

مهجرو الموصل فارون من النيران ومياه الفيضان

 

في الموصل وعلى الضفة الغربية لنهر دجلة سجى رجل عراقي جثمان زوجته الملفوف في كفن أسود برفق على مقدمة قارب خشبي صغير وتشبث به، في حين كان رجل ثان يجدف ببطء لنقل أبناء الرجل المنكوب الثلاثة على بعد بضعة أمتار.

وصعدت الفتاتان المراهقتان والصبي إلى القارب بحرص لعدم الإخلال بتوازنه بغية العبور للضفة الشرقية لنهر دجلة ونقل جثمان أمهم التي قتلت في ضربة جوية.

لكن ذلك العبور ليس من قبيل الطقوس القديمة، بل إنه مشقة جديدة ألقيت على عاتق الأسرة بسبب فيضان نهر دجلة، وتفكيك آخر جسر عائم كان يربط ضفتي النهر الذي يقسم الموصل حيث تقاتل قوات عراقية بدعم أميركي لطرد تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على المدينة في عام 20144.

 

 

صبرا صغيري .. بانتظار الفرج (رويترز)

مجازفة
وتعبر مئات الأسر المنهكة من الحرب النهر في تلك القوارب الخشبية المتهالكة المخصصة أصلا للصيد التي لا تسع إلا لخمسة أو ستة أفراد، يحملون على متنها كل شيء بدءا من الملابس والغذاء حتى أقاربهم المصابين أو قتلاهم.

ويغادر الكثير ضاحية مشيرفة في غرب الموصل بعد أن سيطرت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة عليها من يد  تنظيم الدولة، على أمل الوصول لبر أمان نسبي على الضفة الشرقية للنهر.

وقال مشرف محمد (45 عاما)، وهو عامل في مصنع للثلج من مشيرفة، “عانينا من ظلم تنظيم الدولة، والآن نحن أحرار وتلقينا وعودا بخمسة جسور… أين الجسور؟ نحن ننتظر منذ يومين”.

وتابع “الكثير من جيراني وأصدقائي ماتوا، تحررنا لكننا لسنا سعداء لأننا فقدنا أقرب الأشخاص لنا”.

وتسبب الفيضان في قطع كل نقاط العبور بين الشرق والغرب في المدينة، وأجبر الجيش على تفكيك جسور مؤقتة تربط الضفتين في ثانية كبرى مدن البلاد.

ويدفع من يريد العبور في تلك الرحلة القصيرة بين الضفتين ألف دينار عراقي (0.86 دولار) لكل شخص، ويحتاج الكثيرون لقطع الرحلة أكثر من مرة ومنهم أمهات يحملن صغارهن ورجال على كراسي متحركة وأسر مؤلفة من 15 فردا.

 

من لم تهجره نيران الحرب هجرته مياه الفيضان (رويترز)

معاناة
وحتى الجنود الذين يحملون صناديق الجيش الخضراء المملوءة بوثائق عسكرية وسجائر اضطروا لاستخدام القوارب. وقال الجيش في البداية إنه سينقل الناس باستخدام مراكب بخارية عندما فكك الجسور العائمة، لكنه الآن يقول إن الوقود نفد.

وقال محسن، وهو متقاعد من منطقة وادي حجر في غرب الموصل، “أتينا منذ الصباح الباكر، في السابعة صباحا، وننتظر حتى الآن، حلت الظهيرة، المراكب البخارية لا وقود فيها، ألا تستطيع تلك الحكومة توفير الوقود”؟

ودمرت الحملة العسكرية التي بدأت منذ سبعة أشهر تقريبا لاستعادة السيطرة على المدينة جسور الموصل الدائمة على نحو كبير.

وفتح الجيش جبهة جديدة في القتال مع محاولة وحدة مدرعة التقدم في المدينة من الشمال الخميس الماضي وتمكن من السيطرة على منطقتين أول أمس الجمعة.

وضيق ذلك الحصار على عناصر تنظيم الدولة في منطقة شمال غرب الموصل التي تشمل المدينة القديمة وتضم جامع النوري الذي أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من على منبره دولة “خلافة” على أجزاء منسوريا والعراق في يونيو/حزيران 20144.

وقال الجيش العراقي في 30 أبريل/نيسان الماضي إنه يهدف إلى استكمال عملية السيطرة على الموصل هذا الشهر. والموصل هي أكبر مدينة تسقط في يد تنظيم الدولة في سوريا والعراق. 

هدم الجسور جعل الأهالي محاصرين (رويترز)
 كبار وصغار بانتظار قارب النجاة لنقلهم إلى الضفة الأخرى (رويترز)

 

قوارب صيد بدائية تنقل النازحين (رويترز)

 

 مرضى ومصابون مضطرون للنزوح (رويترز)

 

 عنصر السلامة غائب والمغامرة بالعبور إجبارية (رويترز)

 

 

المصدر : رويترز

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى