اقتصاد

من تغيب عن دافوس الرياض أقنعته الإصلاحات بالعودة إلى مؤتمر المال

من تغيب عن دافوس الرياض أقنعته الإصلاحات بالعودة إلى مؤتمر المال

مسؤولون تنفيذيون عالميون يسعون لتدارك ما فاتهم، ورئيس بنك إتش.أس.بي.سي يؤكد ثقته الكبيرة في الاقتصاد السعودي.

الرياض – من ستيفن كالين وسعيد أزهر – يسعى رؤساء مؤسسات مالية عالمية قاطعوا في أكتوبر الماضي المؤتمر السعودي للاستثمار (دافوس الصحراء)، إلى تدارك ما فاتهم من فرص من خلال حرصهم على المشاركة في الدورة الأولى لمؤتمر القطاع المالي، الذي يُعقد في الرياض يومي الأربعاء والخميس.

وتعني هذه المشاركة طي صفحة قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والتي قاطع في خضم الجدل الذي أثارته عدد من المؤسسات ورجال الأعمال منتدى دافوس الصحراء، والذي حرصت الرياض على انعقاده في موعده رغم ما أحاط به من جدل ومن حملة إعلامية مضادة سعت إلى التشويش عليه.

من خلال عودتهم إلى الرياض، يخطط رجال أعمال ورؤساء تنفيذيون على غرار جون فلينت، الرئيس التنفيذي لبنك إتش.أس.بي.سي، ولاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، اللذين قاطعا القمة في العام الماضي، وكذلك دانييل بينتو الرئيس المشارك في جيه.بي مورجان آند تشيس، للحاق بنسق الاستثمارات والسوق الواعدة التي استفادت منها الشركات الروسية والصينية واليابانية، التي غلبت المصلحة الاقتصادية، وتركت الحسابات السياسية للحكومات والمسؤولين عليها، وشاركت في منتدى دافوس الصحراء.

ومن المقرر أن يكون رئيس بورصة لندن، الذي انسحب من قمة الاستثمار في العام الماضي، أيضا من بين المتحدثين في المؤتمر المالي. وكذلك من المقرر أن يحضر رئيس مجلس إدارة مجموعة ميتسوبيشي يو.أف.جيه المالية التي قرر رئيسها التنفيذي التغيب عن قمة أكتوبر.

اقتصاد عربي
جون فلينت: التغييرات في المملكة في العامين الماضيين رائعة إلى حد كبير. أعتقد أن المستقبل مبشر

يبدو أن كبار المستثمرين في السعودية يركزون على صفقات محتملة في أكبر اقتصاد عربي وأكبر مُصدر للنفط في العالم في الوقت الذي تنفتح فيه السعودية في إطار مسعى للإصلاح يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي بيّنت العديد من القرارات جدية العمل على المضي قدما في تحقيقه.

وتعرّضت الرياض لضغوط دولية وحملة إعلامية مضادة، قادتها تركيا، إثر اختفاء خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018، في قضيّة نجحت السعودية في تجاوزها، بعد فترة قصيرة من الارتباك خاصة على مستوى التناول الإعلامي والرد على الحملة المضادة.

ووجهت محكمة سعودية اتهامات إلى أحد عشر شخصا في محاكمة تُجرى سرا وفرض حلفاء غربيون للمملكة عقوبات على أفراد سعوديين. لكن الرياض ما زالت تواجه حملة تعمل من وقت إلى آخر على إحراج ورقة مقتل خاشقجي لابتزاز السعودية أو لإثارة توترات بينها وبين الغرب خاصة في ظل الجدل حول الحرب في اليمن وصفقات بيع الأسلحة والانقسامات في المواقف الأميركية والأوروبية.

وقال جون فلينت للحضور، خلال مشاركته في اليوم الأول للمنتدى المالي، “هذا اقتصاد لدينا قدر كبير من الثقة فيه، أعتقد أن المستقبل مبشر… نحن متحمسون بشأن الدور الذي نواصل القيام به هنا”، مشيرا إلى أن “التغييرات في المملكة خلال العامين الماضيين رائعة إلى حد  كبير”.

وسعت الرياض على مدى أشهر لإعادة تركيز الانتباه على إصلاحاتها، مرسلة وفدا رفيع المستوى إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وكاشفة عن خطة صناعية لجذب استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في يناير.

وتُعقد القمة بعد أيام من إحباط قوات الأمن السعودية هجوما على مبنى أمني حكومي في منطقة الرياض، ألقت فيه السلطات بالمسؤولية على تنظيم الدولة الإسلامية. وردا على سؤال بشأن كيفية معالجة السعودية لقضايا الأمن القومي، قال وزير المالية محمد الجدعان للحضور إن منطقة الخليج من أكثر المناطق “أمانا في العالم”.

وقال عن هجوم منطقة الرياض “تلك الحوادث تقع… نعمل مع العالم لضمان مكافحة تمويل الإرهاب… ونعمل بشكل وثيق مع الغرب والقوى الإقليمية لضمان اعتراض ومكافحة الإرهاب”.

ثقة السوق

Thumbnail
في وقت سابق من الشهر الجاري، تلقت شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية المملوكة للدولة طلبات اكتتاب تزيد عن مئة مليار دولار لأول سندات دولية لها، في اقتراع قياسي بثقة السوق.
وقال وزير الطاقة خالد الفالح إن أرامكو ستكون نشطة في أسواق الدين وإن 12 مليار دولار جمعتها من باكورة إصداراتها من السندات الدولية في الشهر الجاري هي “مجرد بداية”.
وتشهد سوق الأسهم السعودية ارتفاعا في تدفقات الأموال الأجنبية منذ بداية 2019، مع انضمام السوق إلى مؤشرات عالمية للأسواق الناشئة. ومؤشر البورصة مرتفع حوالي 18 بالمئة منذ بداية العام، ليصبح من بين أفضل الأسواق أداء في المنطقة.

ويشهد نشاط القطاع المالي المحلي ارتفاعا نسبيا هذا العام، مدعوما بتعاف اقتصادي جراء ارتفاع أسعار النفط وإنفاق تقوده الحكومة على مشاريع كبيرة. وأبلغ الجدعان المنتدى أن الوزارة تدشن مبادرة حجمها 12.5 مليار ريال (3.33 مليار دولار) لدعم نمو القطاع المالي في السعودية.

وأعلنت الهيئة العامة للاستثمار عن إطلاق مبادرة الاستثمار الجريء من “استثمر في السعودية”، الهادفة إلى تسهيل دخول صناديق استثمار رأس المال الجريء وشركاتها الناشئة للسوق السعودية، مما سيسهم في تحفيز مستثمري رأس المال الجريء للاستثمار في الشركات الناشئة.

وبينما يمضي بعض المستثمرون الأجانب قدما في التعامل مع السعودية، فإن شركات أخرى تواصل النأي بنفسها عن المملكة، إذ تخشى رد فعل قويا محتملا في الداخل بشأن مقتل خاشقجي، وحرب اليمن واعتقال الرياض لناشطات سعوديات في مجال حقوق الإنسان.

لكن، يؤكد مراقبون أنها ستعمل في النهاية على إعادة النظر في مواقفها خاصة بعد فشل الحملات المضادة في تحقيق ما كانت تصبو إليه، وذلك بعد أن اختارت السعودية الرد بطريقة جديدة ومختلفة وهي المضي قدما في طريق الإصلاحات ودون تردد أو تأثير بما تروج له مثل تلك الحملات.

ويبدو أن هذا الرد يأتي بثماره، حيث إن إبراهيم السويل، وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لخدمات واستشارات المستثمرين، خلال الاجتماعات الدورية الأخيرة للبنك الدولي، أشار إلى أن عمليات الإصلاح قادت إلى تحقيق زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات بالسعودية، إذ نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها بنسبة 127 في المئة عام 2018، لافتا إلى أن المملكة تشهد اليوم نموا قويا في حجم الاستثمارات الأجنبية.

وصنف البنك الدولي، في أحدث تقاريره عن مزاولة الأعمال، السعودية رابع أكبر دولة إصلاحية في دول العشرين، مشيرا إلى أن التحسينات المتحققة في أربع ركائز أساسية، وذلك نتيجة لسلسلة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي شملتها رؤية المملكة 2030.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى