الأخبار

معلومات تونسية عن تحرك إرهابي من غرب ليبيا لاستهدافها وطرابلس تنفي

عاد شبح التهديدات الإرهابية على الحدود التونسية – الليبية من جديد وسط تحذيرات من استهداف الاستقرار وبثّ الفوضى في تونس، ما دفع سلطات البلاد إلى رفض فتح الحدود مع ليبيا، وسط معلومات عن تحرك إرهابي من غرب ليبيا لاستهدافها.

تونس- شددت تونس إجراءاتها الأمنية والعسكرية على حدودها الجنوبية الشرقية مع ليبيا وأغلقتها بشكل تام بالتزامن مع حديث الرئيس قيس سعيد الجمعة الماضي عن وجود مخططات للاغتيال والقتل والدماء، ونشرِ تقارير صحافية عن ضبط “ذئب منفرد” كان بصدد الإعداد لتنفيذ عملية إرهابية تستهدف الرئيس سعيد أثناء زيارة يبدو أنه ينوي أداءها إلى إحدى المدن الساحلية.

وتم تسريب صورة خطاب موجه من وزير الداخلية الليبي خالد أحمد التيجاني مازن مساء السبت إلى كل من مدير جهاز المباحث الجنائية، ومدير الإدارة للعمليات الأمنية ومدير الإدارة العامة للدعم المركزي، ومدراء أمن زوارة والسهل الغربي والعجيلات غربي البلاد، ومدير مكتب المعلومات والمتابعة الأمنية، وذلك لاتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة بالتعاون في ما بينهم وتكثيف عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات والرصد والمتابعة والتنسيق لإحباط أية محاولة لتنفيذ أي عمل إرهابي.

واستند الوزير في خطابه إلى برقية تلقاها مكتب الشرطة الجنائية العربية والدولية بالوزارة من إنتربول تونس مفادها اعتزام حوالي مئة إرهابي موجودين بالقاعدة الجوية الوطية بجناحها المتاخم لمنطقة بن قردان التونسية بهدف التسلل إلى تونس.

وفي رسالة ثانية مؤرخة في الثاني والعشرين من أغسطس الجاري توجه وزير الداخلية الليبي إلى مدير مكتب الشرطة الجنائية العربية والدولية بطرابلس بجواب على رسالة إنتربول تونس جاء فيها “أجمعت كل الردود على نفي صحة المعلومات بالمطلق، باعتبار أن القاعدة الجوية تخضع لسيطرة وزارة الدفاع الليبية، ولا يمكن السماح بأي حال من الأحوال أن تكون منطلقا لتنفيذ أعمال إرهابية تخريبية من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار ببلادنا وإلحاق الضرر بدول الجوار”.

وأضاف “بهذا وجب إخباركم للرد على إنتربول تونس مصدر تلك المعلومات بعدم صحة ما ورد، وأننا من جانبنا نتابع وبدقة ونرصد النشاط الإرهابي بكل أشكاله ونلاحق كل المتورطين ومن تحوم حولهم شبهات من خلال أجهزتنا المعنية بمكافحة الارهاب”.

فرج زيدان: تركيا جلبت أكثر من ألفي إرهابي تونسي إلى قاعدة الوطية

وكان الرئيس التونسي تحدث مساء الجمعة عن وجود مخططات للاغتيال والقتل، وخاطب أصحاب تلك المخططات “أقول لهم أعرف ما تدبرون، أنا لا أخاف إلا الله رب العالمين وبالرغم من محاولاتهم اليائسة التي تصل إلى التفكير في الاغتيال والقتل والدماء، سأنتقل شهيدا إن متّ اليوم أو غدا إلى الضفة الأخرى من الوجود عند أعدل العادلين”.

وتخضع قاعدة الوطية الجوية المتاخمة للحدود المشتركة بين تونس وليبيا لسيطرة القوات التركية منذ أكثر من عام بعد انسحاب الجيش الوطني الليبي منها، كما تنشط بجوارها ميليشيات عدة وكتائب للمرتزقة الأجانب وأغلبهم من ذوي الجنسية السورية.

وفي يوليو 2020 كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المخابرات التركية نقلت المئات من المسلحين من تنظيمات إرهابية يحمل معظمهم الجنسية التونسية من الأراضي السورية إلى ليبيا.

وأوضح المرصد أن المخابرات التركية نقلت أكثر من 2500 من عناصر داعش ممن يحملون الجنسية التونسية إلى ليبيا بأوامر من حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، لكن مصادر ليبية أكدت لـ”العرب” أن جانبا كبيرا من أولئك الإرهابيين قد عادوا إلى تونس، وبقي منهم المئات يتحركون في معسكرات المرتزقة بالغرب الليبي، ويحصلون على رواتب من السلطات الحكومية عن طريق وكلاء أتراك.

وأوضح الباحث السياسي الليبي فرج زيدان أن “تركيا جلبت إرهابيين تونسيين إلى قاعدة الوطية العسكرية التي تحتلها، وعددهم الآن يزيد عن ألفي عنصر”، وقال إن “هناك جوانب اقتصادية واستخباراتية وراء إغلاق الحدود بين تونس وليبيا”.

وتابع زيدان “يبدو أن الاستخبارات التونسية لديها علم بذلك، قد يكون عن طريق عملية اختراق للرسائل النصية داخل المجموعات المشتبه بها داخل بعض المجموعات التونسية الموجودة على الحدود المتاخمة لليبيا”.

وما يزيد من مخاوف الجانب التونسي وجود تقارير صحافية وتصريحات من شخصيات ليبية تتحدث عن عودة نشاط تنظيم داعش الإرهابي في غرب ليبيا، ولاسيما في مدينة صبراتة التي كانت مأوى للعشرات من الإرهابيين التونسيين، وقد قتل عدد منهم نتيجة قصف جوي أميركي في التاسع عشر من فبراير 2016 على مركّب سكني كانوا يتحصنون به في ضواحي المدينة، وكان من القتلى عناصر كانت تستعد للمشاركة في الهجوم الإرهابي على بن قردان في السابع من مارس 2016 وأدى إلى سقوط خمسة وخمسين قتيلًا، منهم ستة وثلاثون إرهابيا، واثنا عشر من الجيش والقوات الأمنية وسبعة مدنيين.

ووفق أوساط تونسية فإن إحدى دول الجوار هي التي أعلمت السلطات التونسية بوجود تحركات لعناصر إرهابية نشطة في مناطق الغرب الليبي المتاخمة للحدود مع تونس لتنفيذ عمليات عدوانية كرد منها على التدابير والإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، والتي يرى فيها الإخوان وحلفاؤهم سواء بتونس أو بليبيا ضربة لمشروعهم في البلدين وفي المنطقة ككل.

ويرى مراقبون أن أي تحركات إرهابية من غرب ليبيا لاستهداف أمن واستقرار تونس قد لا تكون مستغربة، نظرا إلى أسباب عدة من بينها موقف إخوان ليبيا المعادي للرئيس قيس سعيد والمناوئ للتدابير والإجراءات الاستثنائية المتخذة من قبله في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، والتي اعتبرها عدد من قادة تيار الإسلام السياسي الليبيين انقلابا على الشرعية والدستور، وهو ذات الموقف الذي اتخذته جهات تركية رسمية ومن داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ويضيف المراقبون أن قاعدة الوطية خاضعة لسيطرة النظام التركي وليس لوزارة الدفاع الليبية كما ورد في رسالة الوزير مازن، وحتى لو كانت تخضع لنفوذ وزارة دفاع ليبيا فإنها غير بعيدة عن التحالف التركي – الإخواني، الأمر الذي دفع باللجنة العسكرية المشتركة إلى مخاطبة المجلس الرئاسي ومجلس النواب ورئاسة حكومة الوحدة الوطنية بضرورة تعيين وزير عليها بدل أن يستمر عبدالحميد الدبيبة في إدارتها إلى جانب رئاسته للحكومة.

وقال الصحافي الليبي محمود المصراتي “إن السيد مازن وبعد الضغوط التي تعرض إليها ينفي وجود إرهابيين في الوطية بل ويذهب إلى القول بأنها تابعة لوزارة الدفاع التي يتولاها الدبيبة، لكنه ولكي يرفع عنه المسؤولية يؤكد ضمنيًا أيضًا أن القاعدة بمن فيها من مرتزقة سوريين يمولون من وزارة الدفاع، وهذا أحد الأسباب التي دفعت 5+5 للمطالبة بتعيين وزير دفاع لكي يقطع تمويل كل المرتزقة”.

أحمد المسماري: هناك ارتباط بين المتطرفين في ليبيا والإرهابيين في تونس

وأكد المتحدث باسم قيادة الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري وجود ارتباط وثيق بين المتطرفين المتمركزين في غرب ليبيا والإرهابيين في تونس، لافتًا إلى أن الارتباط الوثيق تمخض عنه عقب أحداث السابع عشر من فبراير 2011 تشكيل معسكرات لتدريب الإرهابيين التونسيين داخل الأراضي الليبية لتنفيذ عمليات إرهابية، سواء في بلادهم أو الانخراط في القتال بالدول التي تشهد نزاعات مسلحة.

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طلال الميهوب إن الحدود الليبية مع تونس تقع تحت قبضة العناصر المسلحة الأمر الذي يسهّل انتقال العناصر الإرهابية بين البلدين.

وأضاف في تصريحات صحافية الاثنين أنه “من الطبيعي أن تكون العناصر المتطرفة موجودة في غرب ليبيا وتحت رعاية جماعات الإسلام السياسي”، مشددًا على “التضامن الكامل مع الشعب التونسي ورئاسته في الحرب ضد الإرهاب”.

ووجه عضو مجلس النواب علي التكبالي اتهاماً بتورط مسؤول ليبي وصفه بـ”الكبير” دون تسميته في التخطيط لاغتيال الرئيس التونسي، وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر “مسؤول ليبي كبير متورط في التخطيط لاغتيال الرئيس التونسي”، مردفًا “لا تلوموا تونس على قفل الحدود، بل لوموا الكاريكاتيرات التي تحكمكم”.

كما توقع عضو مجلس الدولة الاستشاري سعيد بن شرادة دخول إرهابيين عبر ليبيا إلى الأراضي التونسية بعد أحداث تونس الأخيرة، وأوضح أن دخول هذه العناصر قد يكون بمساعدة أطراف تونسية رافضة للإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، مشيرا إلى احتمالية وقوف بعض الدول المساندة لهذه الأطراف وراء عملية انتقال العناصر الإرهابية عبر ليبيا إلى تونس.

والجمعة الماضي مدّد قيس سعيّد بأمر رئاسي صدر في الجريدة الرسمية إعلان المثلث الحدودي الجنوبي منطقة حدودية عازلة لسنة إضافية بداية من التاسع والعشرين من أغسطس الحالي في مواصلة للقرار الصادر منذ العام 2013.

وأعلن الأحد عن إغلاق تام لمعبري رأس الجدير وذهيبة – وازن الحدوديين مع ليبيا رغم مساعي السلطات الليبية لفتحهما، وبررت الجهات الأمنية موقفها بالإجراءات الصحية المتخذة للوقاية من انتشار فايروس كورونا المستجد.

وكان رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة أعلن الثلاثاء الماضي أنه سيتم فتح الحدود البرية بين ليبيا وتونس والعودة بها إلى طبيعتها، لكن السلطات التونسية لم تستجب، ثم أجرت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش اتصالين هاتفيين مع نظيرها التونسي عثمان الجرندي للاستفسار عن ظروف استمرار إغلاق المعبرين من الجانب التونسي.

وأخبرت المنقوش الجرندي بمعاناة المواطنين الليبيين والتونسيين على حد سواء، خاصة المرضى منهم، وفقًا لما أفادت به الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الليبية.

قاعدة الوطية الجوية المتاخمة للحدود المشتركة بين تونس وليبيا تخضع لسيطرة القوات التركية منذ أكثر من عام بعد انسحاب الجيش الوطني الليبي منها

وأوضح الوزير التونسي أنه لا مانع لديهم من إعادة افتتاح المعبرين حال تلقيهم إشعارا من اللجنة العلمية المعنية بمجابهة فايروس كورونا، وأن استمرار إغلاقهما يهدف إلى حماية مواطني البلدين منعا لارتفاع معدلات انتشار الجائحة في البلدين.

ويرى مراقبون في البلدين أن القرار التونسي بالغلق التام للمعبرين، وإن كان ظاهره بسبب الإجراءات الصحية، إلا أنه يستبطن مخاوف من تسلل إرهابيين غير مسجلين إلى داخل البلاد.

ونقلت صحيفة “الشروق” التونسية عن مصادر أمنية أن “شخصا ممن ينعتون بـ’الذئاب المنفردة’ أو ما يسمى بإطلاق المبادرة المنفردة، كان يحضر لعملية اغتيال تستهدف رئيس الجمهورية قيس سعيد في إحدى مدن الساحل، حيث كان سيؤدي زيارة إلى تلك الجهة”، وقد أيدت تقارير أخرى الخبر، وقالت إن الإرهابي المذكور أقام في تركيا وتسلل إلى تونس بجواز سفر ليبي مزور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى