الأخبار

لعبة التوازنات تفرض على حمدوك التروي في إعلان فريقه الحكومي

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك اضطر إلى تأجيل الإعلان عن فريقه الحكومي في ظل الكمّ الكبير من الترشيحات التي قدمتها قوى الحرية والتغيير، وحرص حمدوك على إرضاء مختلف الأطياف والفئات، في إطار ما يسمّى مراعاة التوازنات.

الخرطوم يتمهّل رئيس الحكومة الانتقالية بالسودان عبدالله حمدوك في دراسة الأسماء التي رفعت إليه من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير ليختار الأنسب من وجهة نظره لشغل مناصب وزارية مختلفة، من دون الالتزام بالموعد المحدد (الأربعاء) للإعلان عن أعضاء فريقه.

ويحتاج الأمر إلى المزيد من التأني والوقت لاختيار أسماء الوزراء على أساس الكفاءة والتجانس والتمثيل العادل للمرأة والقدرة على مواجهة التحديات ودعم السلام.

وراجت بورصة التكهنات في السودان الأربعاء بشأن أعضاء الحكومة الجديدة، وجرى تسريب أسماء شخصيات لجس النبض حول مدى الرضاء الشعبي عليها، وأخرى لحرقها سياسيا وقطع الطريق عليها، حيث تولت مواقع التواصل الاجتماعي مهمة الهجوم والمديح.

وأرجعت مصادر محلية تأخير إعلان تشكيل الحكومة إلى حدوث تجاوز من قوى الحرية والتغيير في تسليم ترشيحات الوزراء إلى حمدوك مباشرة من دون عرضها على القادة العسكريين في مجلس السيادة والتشاور معهم.

ونفى محمد فاروق، المتحدث باسم تحالف نداء السودان، المنضوي تحت قوى الحرية والتغيير في تصريح لـ“العرب”، الحاجة لتسليم الترشيحات إلى المجلس السيادي، مشددا على أن الأسماء خضعت للفصح والتدقيق، وحمدوك سيختار ما يناسب منها وتقديمها إلى مجلس السيادة لاعتمادها رسميا.

وقالت مصادر سودانية لـ“العرب”، إن إعلان التشكيل للحكومي سيتم خلال يومين للحاجة إلى دراسة الأسماء المرشحة قبل الاستقرار على القائمة النهائية، وغير مستبعد حدوث تعديل في اسم أو اثنين من قبل حمدوك أو مجلس السيادة.

وأضافت أن توسيع قاعدة الترشيحات بدا مقصودا، لكنه زاد من صعوبة مهمة الاستقرار على القائمة لوجود خلافات بين بعض مكونات قوى الحرية والتغيير على بعض الأسماء المرشحة.

وتسلم رئيس الحكومة قائمة ترشيحات الوزراء مساء الثلاثاء وتضم 49 مرشحا ومرشحة لـ14 وزارة، و16 مرشحا ومرشحة لخمسة مجالس وزارية متخصصة، التزاما بالمصفوفة الزمنية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.

محمد الأسباط: وجود محاصصة حزبية ضمنية فرضتها الضرورة في 5 وزارات
محمد الأسباط: وجود محاصصة حزبية ضمنية فرضتها الضرورة في 5 وزارات

وحددت المصفوفة الأربعاء موعدا لإعلان التشكيل الذي يعتمده مجلس السيادة الخميس، ليؤدي اليمين الدستورية نهاية أغسطس الجاري، على أن يعقد أول اجتماع مشترك للحكومة والمجلس في الأول من سبتمبر المقبل.

وأكد متابعون أن الخلافات طبيعية وناجمة عن تباين في رؤى ومواقف كل طرف بشأن أهلية المرشحين للمناصب الحكومية الرفيعة، والحصول على تأييد شعبي والنجاح في المهام الملقاة على عاتق أصحابها.

ومنحت الوثائق الموقعة سلطة اختيار الجهاز التنفيذي (الحكومة) لقوى الحرية والتغيير، عدا وزير الدفاع والداخلية للعسكريين الذين رشحوا الفريق جمال عمر لتولي حقيبة الدفاع، ولم يتم الكشف عن اسم من سيتولى حقيبة الداخلية، حتى ظهر الأربعاء.

وفسّر محمد فاروق، تأجيل إعلان أعضاء الحكومة لبعض الوقت برغبة حمدوك في تطبيق شروطه الصارمة التي وضعها لاختيار الوزراء ليكون التشكيل شاملا للتوازنات السياسية والتنوع المجتمعي، بما يؤدي إلى نيل ثقة سهلة من الشعب بأطيافه المختلفة.

وأضاف لـ“العرب”، أن حمدوك يحرص على وجود تمثيل جيّد للأقاليم والمركز والأطراف والأقليات، ما يحتاج إلى فحص عميق في الاختيارات، كي تصبح الحكومة متناغمة ولا تقع تحت هيمنة طرف واحد.

وشهدت أروقة قوى الحرية والتغيير يومي الثلاثاء والأربعاء جدلا واسعا حول معيار الكفاءة الذي يردده حمدوك ويتمسك به كضامن لنجاحه في مهمته، وسادت رغبة عارمة رأت ضرورة تنحية بعض الكفاءات داخل المكونات السياسية وادخارها لما بعد المرحلة الانتقالية.

وتم التوافق على ترشيح شخصيات ذات كفاءة عالية كانت لها علاقات سابقة مع نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، ولم تتورط معه في أعمال فساد وأعلنت استقلالها السياسي عن جميع هياكله.

وفتحت بعض الدوائر نقاشا متجددا حول طريقة التعامل القانوني مع عناصر النظام السابق في الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، وتقديم ما يثبت جديتها في التعاون لمكافحة الإرهاب وتفكيك أدواته اللوجستية من أجل الحصول على ثقة المجتمع الدولي.

وأكد محمد الأسباط، المحلل السياسي وعضو تجمع الأكاديميين المهنيين، وجود محاصصة حزبية ضمنية فرضتها الضرورة لدى مكونات الحرية والتغيير في 5 وزارات على الأقل.

ومعروف أن الكتل التي قدمت مرشحيها، هي تحالف نداء السوداء وقوى الإجماع الوطني، بينما رفضت ثلاث كتل تقديم مرشحين لها، وهي: تجمع المهنيين وتجمع القوى المدنية والتجمع الاتحادي المعارض.

وأضاف الأسباط لـ“العرب”، أن الترشيحات وازنت بين الاستفادة من خبرات السودانيين في المؤسسات الدولية، والقوى الشابة الفاعلة في الحراك الثوري، وهناك حوالي 30 اسما من إجمالي 45، بالإضافة إلى 15 شخصا من إجمالي 21 مرشحا للمجالس المتخصصة كانوا من قادة الحراك الثوري.

ويرى مراقبون أن هناك تحديات جسيمة تنتظر الحكومة الجديدة، على رأسها كيفية التعامل مع رفض الحركات المسلحة المنضوية تحت “الجبهة الثورية” للإعلانين السياسي والدستوري والحكومة، والوصول إلى أرضية مشتركة للبدء في مفاوضات بشأن السلام الشامل.

وربطت الولايات المتحدة بين دعم الحكومة الجديدة واحترام حقوق الإنسان والوصول إلى السلام، وبين رفع اسم السودان من على قائمتها للدول الراعية للإرهاب، ما جعل حمدوك يبدو حريصا على إنجاز مهمة السلام الشامل قبل انتهاء موعد الستة أشهر المقررة، ليتمكن من الحصول على مساعدات اقتصادية دولية، ويفتح الأبواب للمزيد من الاستثمار.

ويعتزم مجلس السلم والأمن الأفريقي عقد اجتماع خلال الفترة المقبلة لبحث التطورات في السودان، تمهيدا لاتخاذ قرار برفع تعليق عضويته وعودته إلى الاتحاد الأفريقي، بما يعزز الثقة الإقليمية والدولية في الحكومة الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى