أخبارعالمية

قطر تفتح الأعين على سجلها في تمويل الإرهاب

الدوحة – وصفت أوساط خليجية إعلان قطر قانونا جديدا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بأنه مجرد مناورة هدفها الرئيسي استرضاء الدول الغربية التي توصلت تحقيقاتها الأمنية والقضائية إلى دور قطري قوي في تمويل جماعات وشبكات إسلامية متشددة بعضها ينشط في أوروبا والولايات المتحدة.

وأشارت المصادر إلى أن عرض القانون يسعى إلى دفع دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة إلى صرف نظرها عن أنشطة قطر وشبكات التمويل والدعم متعدد الأوجه الذي بنته في أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا، لكنها بهذه الخطوة قد فتحت الأعين على سجلها في تمويل الإرهاب خاصة أن فضائح هذا الدعم لا تكاد تتوقف وتصدر تباعا في أكثر من عاصمة.

وقال مصرف قطر المركزي إن الحكومة أقرت قانونا جديدا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك “وفقا لأحدث المعايير الدولية المعتمدة من قبل المنظمات الدولية الرئيسية، بما فيها مجموعة العمل المالي”.

وأضاف المصرف في بيان “يحدد القانون الجديد المتطلبات القانونية الملزمة لقطاع الأعمال والقطاعات المالية ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما في ذلك المنظمات غير الهادفة للربح وخدمات تحويل الأموال”.

وتابع المصرف في البيان أن القانون الجديد حدد “عقوبات مشددة” على كل من يخالف أحكامه تشمل فرض “جزاءات مالية.. (و) الحبس لكل شخص تتم إدانته بجريمة تمويل الإرهاب”.

ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن أي جهة أو دولة يمكن أن تصدر مثل هذا القانون، وأن تطلق تعهدات هلامية عن حربها على الإرهاب وشبكاته، لكن الأهم هو البحث في سجلات هذه الدولة أو تلك عن خطوات داعمة لشعاراتها، وهو ما لا ينطبق على قطر التي راكمت في السنوات الثلاث الأخيرة قضايا بلا حصر تربطها بالإرهاب.

يغال كارمون: قطر تستمر في تمويل المجموعات المتطرفة وليس في بناء السلام
يغال كارمون: قطر تستمر في تمويل المجموعات المتطرفة وليس في بناء السلام

وتستمر قطر في توظيف الجماعات المتشددة مثل الإخوان المسلمين وجبهة النصرة في سوريا وميليشيات طرابلس وحزب الإصلاح في اليمن رغم أنها تلقت تحذيرات قوية من محيطها الخليجي والعربي، ومن الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، وهو ما يعني آليا، أن هذا خيار استراتيجي لديها، وأن ما تعلنه من خطوات للإيحاء بأنها تنخرط في الحرب على الإرهاب لا يعدو أن يكون مناورة لتجنب الضغوط.

ووقعت مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة قصد زيادة التعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وتحديدا مع وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تليرسون لدى جولة الأخير الخليجية في 2017، وذلك بعد أن اشتد الخناق عليها بسبب الملفات القوية التي قدمتها ضدها دول المقاطعة الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين).

ولم تنجح قطر في تحييد الأميركيين بهذا الاتفاق مثلما كانت تخطط، وعلى العكس فقد استمرت وسائل الإعلام الأميركي في النبش وراء الأيادي القطرية الداعمة للتيارات المتشددة، وآخرها فضيحة أماطت عنها صحيفة نيويورك تايمز اللثام وتخص وقوف مسؤولين قطريين وراء تنفيذ حركة الشباب الصومالية تفجيرا استهدف مواقع أمنية في الصومال في سياق خطة هادفة إلى دفع المستثمرين الإماراتيين إلى المغادرة وحلول رجال أعمال قطريين مكانهم.

كما فضخت صحف بريطانية مثل صحيفة التايمز أنشطة قطر على الأراضي البريطانية، وخاصة عبر البنوك، حيث تمكنت الدوحة وطيلة سنوات، وعبر بنك الريان، من ضخ أموال لفائدة جمعيات خيرية تقوم بنشر الأفكار المتطرفة بين عناصر الجالية، وخاصة من الشباب، وتحث على بناء مجموعات دينية منعزلة عن المجتمع البريطاني.

ويقدم بنك الريان، الذي تسيطر عليه الحكومة القطرية، خدمات مالية لعدة منظمات مرتبطة بمجموعات الإسلاميين، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين ذات النفوذ في بريطانيا والتي تستفيد من الصمت الرسمي على أنشطتها.

ولا تخفي قطر أنها توظف الإسلاميين المتشددين كورقة لتأكيد نفوذها الإقليمي وإقناع واشنطن به، وهذا الخيار بدأ مع موجة “الربيع العربي”، حيث زينت الدوحة لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لعبة التحالف مع الإخوان لاستلام السلطة على أن يكونوا وكلاء أوفياء لواشنطن، لكن النتائج أثبتت عكس ذلك حين استلموا السلطة في أكثر من بلد، ومالوا للتحالف مع جماعات أخرى متشددة تستهدف المصالح الأميركية.

وتفاجأ الأميركيون خلال استضافة الدوحة مفاوضات بين مسؤولين أميركيين ووفد طالبان، أن قطر تظهر عكس ما تخفي، وأنها تكيف سيطرتها على الحركة الأفغانية المتشددة بشكل لا يسير في صالح تحالفها مع واشنطن، ولكن لخدمة أجندتها في استمرار المجموعات التي تموّلها في الحرب وليس في بناء السلام.

واعتبر يغال كارمون، الرئيس المؤسس لمعهد أبحاث الشرق الأوسط للإعلام، المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الذي أوقفه مؤخرا الرئيس الأميركي دونالد ترامب فخا قطريا قاتلا، قائلا “حتى لو وافقت طالبان على اتفاق سلام برعاية قطرية، فإن التجارب السابقة تظهر مرارا أنه لا توجد وسيلة لضمان وفائها بوعودها”.

وقال كارمون إن الإدارة الأميركية دخلت المفاوضات مع حركة طالبان في الدوحة على افتراض أن قطر التي تستضيف قاعدة القيادة المركزية الأميركية، هي حليف له مصالح مشتركة، وبالتالي يجب أن تكون توصياتها حسنة النية، لكن واشنطن توصلت في النهاية إلى أن قطر عدو تبدو من الخارج كحليف، ومصالحها تتناقض مع مصالح الولايات المتحدة.

وتثار شكوك كبيرة حول تاريخ ارتباط قطر بتلك المجموعات، على تنوعها شرقا وغربا، وتوجه اتهامات لها بلعب دور مؤثر في تفجيرات 11 سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة.

ووفقا لريتشارد كلارك، المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب في إدارتي الرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش، فإن أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والد الأمير الحالي الشيخ تميم، نجح في حماية إرهابي رئيسي هو خالد شيخ محمد من ملاحقة الأميركيين، مما مكنه لاحقا من تدبير هجمات 11 سبتمبر بعد بضع سنوات.

وقال كلارك “لو سلّمه القطريون إلينا كما طلبنا في عام 1996، لكان العالم الآن في مكان مختلف تماما”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى