اقتصاد

قطاع الدواجن في لبنان يستغيث مع استفحال الأزمة المالية

بيروت – عمّقت الضغوط المالية التي تسببت في فقدان الوقود المشكلات أمام قطاع الدواجن في لبنان، حيث عرقلت نشاط المربين والمنتجين ما دفع النقابة اللبنانية للدواجن إلى مطالبة السلطات بتدخل عاجل لإنقاذه قبل فوات الأوان.

وتعطي هذه التحذيرات تأكيدا على أن البلد الغارق في أزمة اقتصادية غير مسبوقة خلفتها سياسات الطبقة السياسية على مدى سنوات، يواجه شبح انعدام الأمن الغذائي مع تواصل اختفاء الكثير من المواد الأساسية الضرورية في ظل انهيار الليرة أمام الدولار وعجز مصرف لبنان المركزي عن تأمين الواردات اللازمة.

وأطلق رئيس النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس نداء استغاثة لإنقاذ القطاع من مصير مجهول، وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن القطاع “يعاني بشدة من تداعيات أزمة المحروقات”.

ويبدو أن هذه المخاوف لها ما يبررها إذ أنها ستؤدي إلى إفلاس العديد من أصحاب مشاريع تربية الدواجن، كما أنها ستؤدي إلى تسريح العمال وستزيد الضغوط على السوق المحلية في حال لم يتم تزويدها بالكميات الكافية كما هو معتاد.

وليم بطرس: القطاع يعاني بشدة من تداعيات أزمة المحروقات
وليم بطرس: القطاع يعاني بشدة من تداعيات أزمة المحروقات

وحذر بطرس من أن أزمة فقدان وقود المازوت (الديزل) قد تؤدي إلى نفوق 20 مليون طير، فضلا عن عدم القدرة على تزويد المزارع ومراكز الإنتاج بما تحتاجه من هذه المادة وعلى وجه الخصوص في مناطق الشمال التي يتركز فيها معظم المنتجين.

وكان رئيس نقابة الدواجن قد قال في وقت سابق إن لبنان “ينتج حوالي مئة مليون طير دجاج سنويا وهو يستطيع أن يؤمن بشكل دائم عشرين مليون طير للاستهلاك في السوق المحلية”. وطالب أيضا بفتح باب التصدير أمام المنتجين لتعويض بعض الخسائر.

وحتى يتجنبوا ما هو أسوأ اضطر معظم المنتجين مؤخرا وخاصة في عكار لهدم جدران المزارع لتهوئتها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الطيور لحين حل مشكلة الوقود التي يبدو أنها ستطول.

وتظهر البيانات الرسمية أن ثمة قرابة ألفي مزرعة موزعة على مناطق البلاد في مقدمتها عكار والبقاع تنتج لحم الدجاج والبيض. وتحتاج هذه المزارع لتشغيل أجهزة التهوية والتبريد وإنتاج العلف المخصص لتغذية الدجاج.

والأمر لا يطال المنتجين فقط، بل ثمة مخاطر من فساد مخزون لحم الدجاج في برادات الشركات لدى مصنعي لحوم الدجاج والتي تحتوي المئات من الأطنان مما قد يؤدي إلى التسبب بخسائر كبيرة للعاملين في هذا القطاع.

وقال بطرس “كذلك الأمر بالنسبة إلى المسالخ، ففي حال عدم وجود كهرباء سيتضرر كل الإنتاج وسيتم تلف كل الدجاج المخزن في البرادات، وبالتالي سيخسر جميع المزارعين رؤوس أموالهم، ولن تكون هناك تربية للدجاج”.

ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية، رجّح البنك الدولي في يونيو الماضي أن تكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، شحّا في الوقود الضروري لتشغيل المصانع ومراكز الإنتاج، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان المركزي وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.

وما يزيد من تعقيد المشكلة أن منتجي الدواجن لا يمكنهم شراء الديزل من السوق السوداء رغم أن سعر الصفيحة مرتفع حيث يصل إلى 290 ألف ليرة (203 دولارات) بسبب أنه غير متوافر بالكميات التي تسد حاجة القطاع، فيما الديزل الذي يسلم عبر الشركات بالسعر الرسمي الذي تحدده وزارة الطاقة والمياه كمياته قليلة جدا.

ويؤكد بطرس أن مزارع عكار التي تؤمن ثلث إنتاج الدواجن في لبنان لا يصلها الديزل لا بالسعر الرسمي ولا من السوق السوداء.

وأشار إلى أنه تم السطو خلال الفترة الأخيرة على شاحنات كانت تنقل قرابة 80 ألف لتر من الديزل بالسعر الرسمي إلى مزارع الدجاج في تلك المنطقة.

وقال بطرس “لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يستمر قطاع الدواجن من دون مازوت فالمزارع الحديثة بتصميمها مقفلة والتهوية تتم عبر مراوح وأنه في حال انقطاع الكهرباء وتوقفها سيؤدي ذلك وفي ظل هذا الطقس الحار إلى نفوق الدجاج”.

نشاط قطاع الدواجن

● 2000 مزرعة دواجن موزعة على مناطق البلاد

● 100 مليون طير دجاج يتم إنتاجها سنويا

● 20 مليون طير دجاج يتم تأمينها للسوق المحلية كل عام

وأدت قيود الإغلاق بسبب الجائحة في العام الماضي إلى تراجع الطلب على الدواجن بنحو 70 في المئة مما يعني أن معظم كميات الإنتاج بقيت في المزارع من دون تصريف، الأمر الذي شكل كارثة على المنتجين.

وكما الأبقار والأغنام، ارتفع سعر كيلوغرام لحم الدجاج إلى نحو 50 ألف ليرة (33 دولارا)، بعدما كان عند نحو 12 ألف ليرة (7.9 دولار) قبيل الأزمة الاقتصادية.

ويستورد لبنان شهريا حولي نصف مليون طن من لحم الدجاج الجاهز للطهو، إلا أن المنتجين اشتكوا قبل أزمة فقدان الوقود من ارتفاع كلفة الإنتاج وهو ما انعكس ارتفاعا
بالأسعار.

وبلغ معدل التضخم في لبنان نحو 84.3 في المئة خلال 2020، ويتوقع أن يصل إلى 100 في المئة خلال العام الجاري، بينما معدل البطالة 36.9 في المئة، ويتوقع وصوله إلى 41.4 في المئة خلال 2021.

وهذه المؤشرات تؤكد بوضوح أن القدرة الشرائية للمواطنين تدحرجت بشكل غير مسبوق بسبب الوضع الاقتصادي مما وسع من دائرة ممن يعانون من أزمة جوع.

ووفق تقرير لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا)، ارتفع معدل الفقر خلال العام الماضي إلى 55 في المئة، بينما تزايد معدل الذين يعانون الفقر المدقع ثلاثة أضعاف، من 8 إلى 23 في المئة.

وتشير التقديرات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن 77 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو مال لشرائه، فيما تضطر 60 في المئة من الأسر إلى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى