الأخبار

قانون المواطنة يعرّي هشاشة الائتلاف الحكومي في إسرائيل

القدس- فشل الائتلاف الحكومي الجديد في إسرائيل في أول اختبار له في الكنيست حيث لم يستطع الخروج برؤية موحدة حيال تجديد قانون مثير للجدل يمنع الفلسطينيين الذين في الضفة الغربية وقطاع غزة والمتزوجين من مواطنين عرب في إسرائيل من الحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وصوت الكنيست فجر الثلاثاء على ما يسمّى بـ“قانون المواطنة” وذلك بعد مداولات استمرت لساعات طويلة، ومفاوضات شاقة بين أحزاب الائتلاف الحكومي، والتي موجبها تم التوصل إلى “تسوية” مع القائمة العربية الموحدة التي وافقت على تمديد القانون لمدة 6 أشهر، لكن هذه التسوية سقطت في اللحظات الأخيرة.

وسعى نفتالي بينيت (يمين متطرف) الذي يرأس الائتلاف المكون من ثمانية أحزاب ذات توجهات سياسية مختلفة حد التناقض ولديه أغلبية ضئيلة للغاية في البرلمان مكونة من 61 مقعدًا من أصل 120 عضوا، جاهدا إلى تمرير التجديد.

القانون الذي يحرم أكثر من 25 ألف عائلة عربية من العيش تحت سقف واحد

وقالت وزيرة الداخلية أييليت شاكيد الاثنين إنه “تم التوصل إلى تفاهمات بين كتلة الائتلاف الحكومي على تمديد القانون لستة اشهر، وعلى أن يحصل 1600 فلسطيني وفلسطينية على الإقامة الدائمة في البلاد”. لكنّ عضوين من القائمة العربية الموحدة (وعمادها الحركة الإسلامية الجنوبية) في الكنيست وهما سعيد الخرومي ومازن غنايم امتنعا عن التصويت، وصوّت عضو الكنيست عميحاي شيكلي من حزب “يمينا” الذي يرأسه بيينت ضد القانون.

وأيّد القانون 59 عضوا في الكنيست ورفضه 59، ما يعني عدم حصوله على الأكثرية المطلوبة. ويسمح لمّ الشمل بأن يقدّم الفلسطينيون والفلسطينيات الذين تزوجوا من عرب إسرائيل طلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وتمّ سن القانون المؤقت للمرة الأولى في العام 2003 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية واعتبرته غالبية أعضاء الكنيست إجراء أمنيا أساسيا، لكنّ معارضيه يعتبرونه إجراء تمييزيا يستهدف الأقلية العربية في إسرائيل التي تشكل 20 في المئة من عدد السكان. وكان القانون يُجدّد سنويا في السادس من يوليو منذ ما يقرب من عقدين.

ويشكل سقوط القانون ضربة أولى للحكومة التي تنبأ محللون بأنه سيكون صعبا عليها أن تحكم في ظل الاختلافات العقائدية والسياسية بين مكوناتها، حيث أن القاسم المشترك الوحيد بينها كان إسقاط حكم بنيامين نتنياهو الذي استمر لنحو 12 عاما.

جيسيكا مونتيل: عشرات الآلاف من العائلات تضررت بسبب هذا القانون

وكان بينيت دعا “المعارضة (اليمينية التي يقودها حزب الليكود) إلى عدم التلاعب بأشياء يشكل أمن الدولة فيها خطا أحمر، والدولة في حاجة إلى السيطرة على من يدخلها ومن يحصل على الجنسية فيها”. لكن الناطقة باسم حزب الليكود قالت بعد سقوط القانون إن “صفقة فاسدة خيطت في ظلام الليل”، مشيرة إلى أنها حصلت بين بينيت ونائب رئيس الوزراء الوسطي يائير لبيد وشاكيد والعربية الموحدة وحزب ميريتس اليساري.

وأضافت “أراد بينيت ولبيد شراء صوتين من العربية الموحدة مقابل إدخال الآلاف من الأشخاص الذين سيعرّضون الهوية الصهيونية وأمن دولة إسرائيل إلى الخطر”.

ولا يعني سقوط القانون أن لمّ الشمل سيصبح مباحا، فقد نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية “كان” قبل تسعة أيام عن أييليت شاكيد أنه في حال سقوط القانون بإمكانها استخدام صلاحياتها كوزيرة داخلية برفض طلبات لمّ الشمل بشكل فردي.

وقالت المحللة القانونية في موقع “واينت” الإلكتروني طوفا تسيموكي إنه “بغياب القانون ستضطر شاكيد إلى النظر في كل طلب على حدة، ودراسة ما إذا كان يستوفي الحالات الاستثنائية التي تسمح بلمّ شمل عائلات”.

وأضافت تسيموكي أنه “من أجل رفض طلب لمّ شمل عائلة معينة، ستضطر وزيرة الداخلية إلى الاستعانة بالشاباك (جهاز الأمن الداخلي) من أجل إثبات أن مقدم الطلب لن يشكل خطرا أمنيا. وليس بإمكان الشاباك، أن يوصي برفض الطلب بشكل تعسفي من دون أدلة جنائية أو إجرائية. فالشاباك ووزيرة الداخلية يخضعان لقرارات المحكمة العليا، وهكذا فإنه إذا كان الردّ على الطلب سلبيا، بإمكان مقدمه الالتماس إلى المحكمة العليا وستضطر شاكيد إلى أن تفسر للمحكمة أسباب رفض الطلب ومنع الزوجين من حياة عائلية عادية”.

وتابعت أن “هذا القانون يعتبر إشكاليا بسبب مسّه بحق المتزوجين بحياة عائلية عادية، مثلما ينص عليها قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، الذي يعترف بحق أيّ إسرائيلي بإقامة عائلة كحق أساسي. وكانت المحكمة العليا قد نظرت مرتين في قانونية القانون الاحترازي (منع لمّ الشمل)، وصادقت عليه بأغلبية صوت واحد” في هيئة قضاة موسعة.

في المقابل وصف مدير مركز “مساواة” جعفر فرح سقوط القانون “بالانتصار المرحلي لمعركة طويلة مستمرة منذ 18 عاما ولم تنته”. وانتقد القانون الذي يحرم “أكثر من 25 ألف عائلة عربية من العيش تحت سقف واحد”، ووصفه “بالعقاب الجماعي العنصري”، مشيرا إلى أن هذه العائلات “تجبر على العيش منفصلة، أو الانتقال إلى خارج البلاد أو العيش في إسرائيل تحت تهديد التهجير الدائم”.

وقالت جيسيكا مونتيل رئيسة منظمة “هموكيد”، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وتقدم خدمات قانونية للفلسطينيين إن “عشرات الآلاف من العائلات تضررت من هذا القانون”.ويتسبّب القانون المؤقت بتعقيدات لا نهاية لها للفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل وفي الأراضي التي احتلتها منذ عام 1967.

وقالت لانا زعرور خطيب (42 عاما ) التي تزوجت من تيسير الخطيب من عكا قبل 16 عاما وحصلت على تصريح إقامة مؤقت يجدّد كل عام، “لا أعرف متى يمكن أن يرفضوه أو يوافقوا عليه”.

ولانا جامعية لكنها لا تستطيع العمل في إسرائيل لأنه “لا يوجد عندي إذن عمل، وممنوع أن أقود سيارة رغم أنني أحمل رخصة قيادة فلسطينية”. وتابعت بلهجة حزينة “هذا القانون غير عادل. لا أستطيع السفر مع زوجي وأولادي من المعابر نفسها.. نريد العيش بسلام”.

الكنيست صوت على ما يسمّى بـ“قانون المواطنة” وذلك بعد مداولات استمرت لساعات طويلة، ومفاوضات شاقة بين أحزاب الائتلاف الحكومي

وقالت ميريت التي تعيش في مدينة حيفا أنها تزوجت من نيوزلندي من أصول عراقية عاشت معه في الأردن ومن ثم انتقلا للعيش في حيفا. وتابعت “عشنا أكثر من سنة في مدينة حيفا، حاول التقدم إلى امتحان مهنته (طبيب بيطري) باللغة الإنجليزية، فرفضوه وأصروا على العبرية”.

وعاد الزوجان إلى الأردن “لكن لم يتوفر له عمل هناك في البيطرة، وأنا كصيدلانية كان راتبي فقط 200 دينار، وهو مبلغ لا يكفي لإيجار منزل، صرفنا كل مدخراتنا وعدت إلى حيفا بعد حملي لأضع ابنتي فرح في البلاد”. أما اليوم، فتعيش ميريت وتعمل في حيفا، وتقول “نلتقي مع زوجي في قبرص أو الأردن أو تركيا. ومنذ تفشي فايروس كورونا، لم نلتق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى