أخبارعالمية

قاسم سليماني.. نهاية العقل المدبر للحروب الإيرانية بالوكالة

قاسم سليماني.. نهاية العقل المدبر للحروب الإيرانية بالوكالة

 

طهران – نجحت واشنطن، الجمعة، في تحقيق أحد أهدافها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط عبر القضاء على قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي يوصف في طهران بالجنرال القوي متعدد الأبعاد والأدوار لتمكّنه من خلط الحرب بالسياسة.

لقد كان سليماني محط أنظار ومتابعة دقيقة، لا فقط من الولايات المتحدة بل من مختلف دول الغرب والدول الأخرى المتخاصمة مع طهران، حيث كان سليماني حاضرا في مختلف الأنشطة التي نفذتها طهران المزعزعة لأمن المنطقة خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

عملية نوعية
إن العملية النوعية الأميركية التي استهدفت سليماني في مطار بغداد بالعراق كانت نتاجا لأمر أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب كردّ حازم على مشاركة سليماني وفيلق القدس الذي يقوده في مقتل مئات الجنود الأميركيين، بحسب ما أورده بيان صادر عن وزارة الدفاع الأميركية.

واتهمت واشنطن، مرارا، سليماني بأنه كان يخطط بشكل فعال لتنفيذ هجمات ضد الدبلوماسيين والجنود الأميركيين بالعراق، ودول المنطقة.

لقد ساعد الميجر جنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بلاده على خوض حروب بالوكالة عبر الشرق الأوسط بإلهام مقاتلي الفصائل في الميدان والتفاوض مع القادة السياسيين.

ويمثل مقتل سليماني نهاية رجل كان يشار إليه بأنه ثعلب طهران، وتتّبعه عن كثب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن الضربة كانت تستهدف ردع أي خطط إيرانية لشن هجمات في المستقبل.

قاسم سليماني جنرال إيران القوي الذي يخلط استراتيجيات الحرب بالسياسة، كان حاضراً في مختلف الأنشطة بالمنطقة، خاصة في العراق وسوريا ولبنان

وكان سليماني مسؤولا عن عمليات سرية في الخارج، وكثيرا ما كان يشاهد في ميادين القتال وهو يوجه الجماعات الشيعية العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقتل إلى جانب سليماني القيادي العراقي أبومهدي المهندس. وينظر إلى الرجلين في الداخل الإيراني على أنهما بطلان في معركة إيران ضد أعدائها وأهال التلفزيون الرسمي عليهما الثناء والمديح بمجرد إعلان مقتلهما.

وعرض التلفزيون لقطات له مع الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وفي مناطق الحروب وهو يرتدي الزي العسكري كما عرضت له لقطات وهو شاب تخرج حديثا من المدرسة الثانوية ويقود وحدة خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي.

وسرعان ما صعد نجم سليماني في صفوف الحرس الثوري الإيراني ليصبح قائد فيلق القدس، وهو منصب ساعد من خلاله إيران على تشكيل تحالفات في الشرق الأوسط، في وقت تعرضت فيه لضغوط نتيجة العقوبات الأميركية التي أصابت اقتصادها بالشلل.

وصنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية في 2019، في إطار حملة لممارسة أقصى الضغوط لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها النووية.

وكان لسليماني رد حاسم في هذا الشأن بقوله “أي مفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون استسلاما كاملا”.

وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري بشار الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب المستعرة منذ عام 2011، كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة داعش في العراق. وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، الأمر الذي وجدت الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل صعوبة في كبح جماحه.

واشنطن تفتتح العام الجديد بصيد ثمين بعد التخلص من شخصية محورية حبكت كل مؤامرات إيران في الشرق الأوسط

وعيّن خامنئي سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت شهرته في الوقت الذي كان فيه المقاتلون والقياديون في العراق وسوريا ينشرون صورا له في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها دوما بلحية مشذبة وشعر مصفف بعناية.

أصبح نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جليا في 2019 عندما منحه خامنئي وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذه الميدالية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر “المجرمين” الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليماني “يشعرنا بالمرارة” فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال مسؤول عراقي كبير سابق طلب عدم نشر اسمه في مقابلة أجريت عام 2014 “سليماني لم يكن رجلا يجلس على مكتب. كان يذهب إلى الجبهات لتفقد الجنود ويشهد المعارك”.

وأضاف “لا يسبقه في تسلسل القيادة سوى الزعيم الأعلى. عندما كان يحتاج الأموال كان يحصل عليها، وعندما كان يحتاج الذخيرة كان يحصل عليها، وعندما كان يحتاج العتاد كان يحصل عليه”.

وكان سليماني مسؤولا أيضا عن عمليات جمع المعلومات والعمليات العسكرية السرية التي نفذها فيلق القدس. وفي 2018 تحدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب علنا.

وقال في مقطع فيديو نشر على الإنترنت “أقول لك يا سيد ترامب المقامر.. أقول لك.. اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه”. وأضاف “ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها”.

من الخفاء إلى العلن
قائد حروب إيران
قائد حروب إيران
سبق للمحلل العسكري السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كينيث بولاك أن قال عن سليماني ضمن السيرة التي كتبها عنه لمجلة تايم في عددها المخصص لأكثر مئة شخصية نافذة في العالم عام 2017، “بالنسبة لشيعة الشرق الأوسط، إنّه خليط من جيمس بوند وإرفين رومل ولايدي غاغا”.

وأضاف “بالنسبة إلى الغرب، إنّه المسؤول عن تصدير الثورة الإسلامية، دعّم الإرهابيين وقيادة حروب إيران في الخارج”.

وكان البعض في إيران التي تعاني من ركود اقتصادي، اقترح دخوله إلى السياسة المحلية. غير أنّ الجنرال الإيراني كان ينفي الشائعات التي تشير إلى عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية في 2021.

وفي كل تطور سياسي أو عسكري في العراق، كان سليماني نشطاً في الكواليس. ومن تمدد تنظيم الدولة الإسلامية إلى الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، أو حتى حاليا على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة، كان في كل مرة يلتقي الساسة العراقيين ليشرح أمامهم المسار الذي يتوجب سلوكه، وفق عدد من المصادر التي شاركت في هذه الاجتماعات التي كانت تعقد في السر.

ويعود نفوذه إلى فترات سابقة، إذ كان يقود فيلق القدس حين غزت الولايات المتحدة أفغانستان في 2001.

وبعدما قضى عقودا من حياته خلف الكواليس، بدأ سليماني يتصدر أخبار وسائل الإعلام منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، حيث تقدّم إيران دعماً ثمينا لنظام الرئيس بشار الأسد.

وفي مقابلة متلفزة بثّت في أكتوبر، روى أنّه أمضى فترة من النزاع اللبناني – الإسرائيلي في 2006 في لبنان إلى جانب قادة حزب الله.

وأظهرت دراسة نشرها في 2018 مركز “إيران – بول” لاستطلاعات الرأي وجامعة مريلاند، أنّ 83 بالمئة من الإيرانيين الذين جرى استطلاع آرائهم، كانت لديهم آراء إيجابية بسليماني، ما جعله يتقدم حتى على الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

وعلى الصعيد الدولي، يعتبر بعض المسؤولين الغربيين أنّه الشخصية المحورية في إطار علاقات طهران بجماعات مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى