أخبارعالمية

فك شيفرة 45 هكذا كُشف لغز اغتيال الشهيد فقها

فك ،شيفرة ،45 مازن، فقهان اغتيالن الاحتلال ،حماس

 

ضربة قاسية وجهتها أجهزة الأمن الفلسطينية في غزة لقوات الاحتلال الإسرائيلي عندما نجحت في كشف ملابسات اغتيال الشهيد مازن فقها، والقبض على منفذ الاغتيال الذي عرف عنه تطرفه الديني، والعملاء الذين ساعدوه، إلى جانب عشرات العملاء الآخرين، حيث عبر المنفذون عن ندمهم ودعوا البقية إلى تسليم أنفسهم قبل فوات الأوان، موضحين أن وعود الاحتلال بحمايتهم مجرد سراب يحسبه الظمآن ماء.
كشف الخيوط
عندما اغتالت إسرائيل الشهيد مازن فقها مساء يوم الجمعة 24 مارس/آذار 2017، لم يكن أحد يتوقع أن تنجح قوات الأمن في قطاع غزة المحاصر في الكشف عن تفاصيل العملية، علما أن ما جرى كان فريدا من نوعه، إذ دأبت قوات الاحتلال على اغتيال قادة المقاومة عبر قصف من الجو تحديدا.
لكن وبعد أقل من شهرين على تنفيذ العملية، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية عن نجاح قوات الأمن بالقطاع في الكشف عن كل التفاصيل المرتبطة بعملية الاغتيال، وإلقاء القبض على جل المشاركين فيها بمن فيهم المنفذ المباشر للعملية.
ومازن محمد سليمان فقها هو قائد عسكري فلسطيني انخرط منذ دراسته الجامعية في حركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، وساهم في تشكيل العديد من الخلايا العسكرية في الضفة الغربية، وشارك في تخطيط العديد من الهجمات على الاحتلال قبل أن يعتقله ويفرج عنه في صفقة جلعاد شاليط لعام 2011.
وكشفت وزارة الداخلية والأمن الوطني يوم 16 مايو/أيار 2017 كافة تفاصيل عملية اغتيال فقها، وبثت اعترافات العملاء الذين شاركوا في العملية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال وكيل وزارة الداخلية توفيق أبو نعيم إن عملية التحقيق التي حملت اسم “فك الشيفرة”، أسفرت عن اعتقال 45 عميلا لإسرائيل، بينهم ثلاثة ساهموا بشكل مباشر في تنفيذ عملية اغتيال الشهيد فقها.
واعتبر أبو نعيم هذا النجاح في فضح عملاء الاحتلال والمتورطين في اغتيال القائد القسامي البارز “ضربة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية”.
العملاء
الداخلية الفلسطينية في غزة بثت شريط فيديو تضمن اعترافات العملاء المشاركين في العملية، أحدهم يدعى “ه.ع” ويبلغ من العمر 44 عاما وله مزرعة. كشف أنه صار عميلا للاحتلال الإسرائيلي عام 1998، وشغله ضابط يسمى “سعيد”، استغل حاجته للسفر عبر حاجز بيت حانون فجنّده لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وأعلن العميل أنه كلّف بمتابعة قادة المقاومة البارزين وفي مقدمتهم الشهيد أحمد ياسين، كما كلّف بتصوير أماكن وشوارع ومنازل في غزة.

أما العميل ع.ن (38 عاما) الذي اشتغل ضابطا في حرس الرئيس، فقد ارتبط مع قوات الاحتلال عام 2010 تحت إشراف ضابط المخابرات “بلال”، بعدما تواصل الاحتلال معه تحت غطاء مؤسسة حقوقية تريد مساعدته في السفر إلى زوجته بالضفة الغربية.
ومن أبرز ما كلفه به تحديد مواقع عسكرية، ومواقع رباط المقاومين، وتحديد أماكن وجود الأنفاق التي قصف بعضها.
أما العميل الرئيسي منفذ عملية اغتيال فقها فيدعى “أ.ل”، ويبلغ من العمر 38 عاما، واشتغل بالقطاع العسكري قبل أن يفصل، وارتبط مع قوات الاحتلال وصار عميلا لها عام 2004، عمل تحت إشراف ضابط المخابرات الإسرائيلي “أبو العبد”، وقد تم التواصل معه وتجنيده تحت غطاء جماعة متشددة تحب غزة وفلسطين وتريد إحياء الجهاد في الأرض المحتلة، وبدأ مشغله يبعث له بالأموال ويدله على طرق استيعاب المتطرفين وكيفية تنفيذ عمليات تفجير داخل القطاع المحاصر.
غير أن مخابرات الاحتلال سرعان ما كشفت هويتها الحقيقية للعميل المتطرف عام 2014، واتصل به الضابط “أبو العبد” وبدأ يطلب منه تنفيذ مهام محددة بينها تصوير مواقع مقرات الشرطة ومنازل المقاومين، وكانت آخر عملية نفذها العميل هي اغتيال الشهيد مازن فقها.
تفاصيل العملية
من خلال اعترافات العملاء، تبين أن التخطيط لعملية اغتيال فقها بدأت منذ منتصف 2016، حيث أكد العملاء أن مشغليهم من ضباط المخابرات الإسرائيلية كانوا يطلبون منهم تصوير العمارات والأبراج والمنازل والشوارع الموجودة بمنطقة تل الهوا، وهي المنطقة التي كان يسكن بها الشهيد فقها.
وكان كل تركيز الضباط على عمارة “الغرابلي 3” التي توجد بها شقة الشهيد فقها، وكان يطلب من العملاء المشاركين في عملية الاغتيال تصوير مداخل العمارة وكل التفاصيل الضرورية داخلها.
كما طلب من أحد العملاء تحديد أسماء الأسرى المفرج عنهم ممن يقطنون بغزة، وكان من بينهم الشهيد فقها.
وأمر العملاء بتحديد كل التفاصيل الموجودة بالشارع الذي توجد عمارة الغرابلي به، وتحديد أماكن مقرات الشركات والمؤسسات والمتاجر، والتدقيق في أماكن وجود كاميرات المراقبة.

وقبل أسبوع من تنفيذ عملية الاغتيال، طلبت المخابرات الإسرائيلية من منفذ العملية إجراء مسح شامل للمنطقة التي توجد بها عمارة الغرابلي، وهو الطلب نفسه الذي تكرر قبل يوم من التنفيذ، حيث ألزم العميل “أ.ل” بكشف أي وجود للشرطة أو عناصر مسلحة في المنطقة.
وأعلنت الداخلية الفلسطينية أن سماء غزة وتحديدا منطقة تل الهوا شهدت يوم الخميس 23 مارس/آذار 2017 تحليقا مكثفا لطائرات الاستطلاع، وبينها طائرة كوكيا التي تحمل طاقما استخباراتيا محترفا، وطائرتا أوربيتر 1 وأوربيتر 3 اللتان تستخدمان في العمليات الخاصة وتحلقان على ارتفاعات منخفضة.
واستمرت المراقبة الجوية يوم الاغتيال كذلك، حيث تم رصد تحليق 18 طائرة استطلاع في سماء غزة وخاصة تل الهوا.
الساعة صفر
مخابرات الاحتلال حركت يوم الاغتيال عملاءها ووزعتهم على مناطق قريبة من عمارة الغرابلي، وقال العميل “ع.ن” إن الضابط الذي يشغله طلب منه في السابعة مساء بالتوقيت المحلي التوجه نحو عمارة الغرابلي والبقاء بسيارته قريبا منها، وتبليغه بأي تحرك لعناصر الشرطة أو المقاومة.
وطلب من العميل الرئيسي “أ.ل” المتسلح بمسدس، تتبع سيارة الشهيد فقها داخل مرآب العمارة وتنفيذ عملية الاغتيال هناك.
وبمجرد ما وصل الشهيد بسيارته، تتبعه العميل “أ.ل”، وعندما أوقف السيارة دق العميل على زجاج الباب ففتح الشهيد فقها زجاج النافذة، لكن ما كان ينتظره هي ست رصاصات في الصدر وفي الرأس أطلقها العميل كما أمره بذلك الضابط الإسرائيلي، ثم انسحب من عين المكان.
وبحسب وزارة الداخلية في غزة، فإن هناك عميلا رابعا شارك في تنفيذ جريمة الاغتيال يدعى “أ.ص” وعمره 46 عاما، ونجح في الهروب باتجاه الاحتلال الإسرائيلي.
واعتُبر نجاح الأمن في القطاع المحاصر في كشف خيوط عملية اغتيال مازن فقها ضربة قاسية للاحتلال الذي فقد ليس فقط هيبته، وإنما عشرات من عملائه، سارع بعضهم لتقديم نفسه لقوات الأمن، في وقت ألقي القبض على الآخرين الذين رفضوا تسليم أنفسهم.
وقد عبر العملاء الذين نفذوا الجريمة -باكين- عن ندمهم على خيانتهم لدينهم ووطنهم، ودعوا المتعاونين مع الاحتلال للتوبة وتسليم أنفسهم، وأكدوا أن وعود الاحتلال لهم بحمايتهم في كل الظروف، وأنهم مؤمّنون ضد أي أخطار تهدد بكشفهم، مجرد وعود كاذبة والدليل على ذلك “أنني أكلمكم من داخل مقر جهاز الأمن الداخلي”، كما جاء على لسان منفذ جريمة الاغتيال “أ.ل”.

 
المصدر : الجزيرة + وكالات,مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى