الأخبار

فشل الحوار الليبي يبدد مخاوف تركيا من السلطة الجديدة

طرابلس – فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في التصويت على آلية الترشح لاختيار سلطة تنفيذية جديدة وهو ما يعزز موقف تركيا الحريصة على بقاء رئيس الحكومة الحالي فايز السراج في منصبه، لضمان عدم إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وتنفيذ بقية المشاريع التركية التي جرى الاتفاق عليها كمقابل لتدخلها العسكري لصد هجوم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس.

وتداولت وسائل إعلام محلية الثلاثاء نقلا عن مصادر لم تكشف عنها “انتهاء تصويت ملتقى أعضاء الحوار بعدم الاتفاق على أيّ مقترح بسبب عدم الوصول إلى أيّ نسبة تمرير بعد مشاركة 50 ومقاطعة 23 ووفاة عضو”، وهو ما يعني فشل التوصل في اعتماد آلية التصويت على المقترحات.

وبدأ الاثنين أعضاء ملتقى الحوار (75 عضوا) التصويت على مقترحين قدمتهما البعثة حول آلية التصويت المناسبة لاختيار السلطة التنفيذية، وينص المقترح الأول بإقرار التصويت بنسبة 66 في المئة أي خمسين صوتا في ما ينص المقترح الثاني على إقرار التصويت بـ61 في المئة أي 45 صوتا ويشترط في المقترحان الحصول على الأغلبية النسبية في كل مجمع انتخابي (إقليم).

ويمثل إقليم طرابلس 35 عضوا وبرقة 24 وفزان 14 عضوا. وكانت نتائج التصويت الأولية قد حسمت لصالح المقترح الثاني الذي سيقود لتولي عبدالحميد الدبيبة وعبدالجواد العبيدي على حساب المقترح الثالث المدعوم من أعضاء يؤيدون وصول رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى رئاسة المجلس الرئاسي ووزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا إلى رئاسة الحكومة.

وتعارض تركيا وصول سلطة تنفيذية جديدة لذلك عملت منذ البداية على عرقلة أعمال ملتقى الحوار السياسي بتونس الذي انتهت جولته الأولى باتهامات لأطراف بتقديم رشاوى مقابل التصويت لصالحهم.

وتواتر حينئذ اسم رجل الأعمال الثري علي الدبيبة من بين هؤلاء وهو ما دفعه لمطالبة البعثة الأممية بتقديم توضيح بشأن إعلانها تقديم جميع التقارير المتعلقة بـ”مزاعم الرشوة” إلى فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة.

وكان نشطاء توجهوا الاثنين باتهامات لمجموعة يقودها رجل الأعمال المصراتي عبدالحميد الدبيبة (ابن عم علي الدبيبة الذي يتهم بتمويل كتائب وألوية مسلحة موالية لأنقرة) بالسعي لإفشال الحوار بعد تلويحهم بالانسحاب احتجاجا على تعديلات أدخلتها البعثة على مقترحات تتعلق بآلية التصويت.

وقال الأعضاء في خطاب موجّه إلى المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز “اطلعنا على المقترحات التي نشرها فريق البعثة الفني في غرفة التواصل والمتعلقة بخيارين للتصويت عليهما لاختيار أحدهما كآلية لاختيار شاغلي المناصب العليا في السلطة التنفيذية للمرحلة التمهيدية، ومن المستغرب تجاهل فريق البعثة لما توصل إليه أعضاء الحوار بتصويتهم على حزمة الآليات التي طرحتها البعثة للتصويت منذ أيام، وخلاصتها رغبة الأغلبية من أعضاء الحوار في المضيّ قدما لجولة التصويت الثانية والتي انتهت في الأولى بتصويت 55 في المئة لصالح الآلية الثانية”.

وأضاف الأعضاء “أن ما قدمه الفريق الفني للبعثة لا يخرج عن كونه صيغا مختلفة لمحتوى واحد مصمم على أشخاص بعينهم”، في اتهام ضمني لدعم البعثة لمقترح (عقيلة – باشاغا) مؤكدين رفضهم “لأيّ محاولة التفاف أو تراجع أو تجاهل لتصويت الأغلبية بمنتدى الحوار”.

وأعرب الأعضاء عن استغرابهم “وضع شروط معرقلة بحجة التوافق في تجاهل للمخاطر الحقيقية جراء الاتجاه لهذا الاسلوب والذي بدأ يولّد صراعات سياسية واجتماعية أعمق تغذيها تدخلات أجنبية مباشرة وغير مباشرة”.

تركيا تخشى على نفوذها من أي اتفاق داخلي ليبي
تركيا تخشى على نفوذها من أي اتفاق داخلي ليبي

وطالب أعضاء الحوار السياسي بعدم “الاستمرار في اتخاذ أيّ خطوة بشأن المقترحين الأخيرين” وأضافوا “بعد أن قطع الحوار السياسي شوطا كبيرا ووصل إلى مرحلة متقدمة، فلا تنبغي إعاقة استكمال الخطوات الأخيرة لاختيار الآلية المناسبة” و”استكمال التصويت على المقترحين (الثاني والثالث) دون أيّ إضافات أو تعديل” مؤكدين أن “المضي في هذا النهج والعرقلة قد يجعل الاستمرار في الحوار أمرا غير ذي جدوى”.

وقال الناشط السياسي أحمد الروياتي تعليقا على بيان الأعضاء “شخصيا ومن خلال هذا الطلب أو الاعتراض المقدم من 30 عضوا من أعضاء لجنة الـ75، لم أفهم المطلوب، ففي بداية الديباجة ما يدل على أنهم لا يريدون تصويتا جديدا، وأن المقترح الثاني الفائز بأغلبية المصوّتين هو الفائز، ويجب المضيّ قدما للخطوات القادمة بناء عليه، وفي نهاية الديباجة يريدون الاستمرار في التصويت على المقترحين دون أيّ تعديلات جديدة في نسبة التصويت!”.

وأضاف “رغم أن المفهومين متناقضان ، فإنه إذا كنت تريد المقترح الذي فاز من الجولة الأولى فلماذا تتمسك بالنسبة التعجيزية 75 في المئة لتمريره في الجولة الثانية خاصة أنه من الجولة الأولى تحصل على 39 صوتا، وبالتالي لن يتفوق عليه المقترح الثالث حتى لو صوّت له بقية الأعضاء، وخاصة أيضا أنك بتغيير النسبة وتخفيضها ستتحصل على التمرير وبالنسبة المتوافق عليها للمقترح الذي تدافع عنه في بداية بيانك، والذي بالتأكيد سيرتضيه الجميع دون أيّ معارضة أو رفض في النهاية ، لأنهم شاركوا في تعديل هذه النسبة للتمرير!”.

وتابع “التعطيل بطريقة غير مباشرة واضح في منهجكم حتى لو غلّفتموه بقليل من السياسة أقرب للكوميديا منها حتى للدراما .. ويظل السؤال الأهم ، ماذا تريدون؟ ولماذا لا نعتبر أنكم أنتم من يعطل ويريد الإفشال بعد أن عجز عن تمرير ما يريده، وليس العكس؟”.

وكانت تكهنات استبقت بدء الحوار في تونس بالحديث عن بقاء السراج في منصبه استنادا إلى تصريحات لستيفاني ويليامز قالت خلالها إن التركيز سيكون خلال الحوار على إجراء الانتخابات دون الإشارة إلى سلطة تنفيذية جديدة.

ونقلت صحيفة المرصد الثلاثاء عن مصدر لم تذكره أن “ويليامز اعتبرت مقاطعة 23 عضوًا للتصويت دليل انسداد وأكدت أن خارطة الطريق التمهيدية للانتخابات ستنطلق في الـ21 من ديسمبر الجاري ولن يرتبط انطلاقها بتشكيل السلطة التنفيذية”.

ويعني الفشل في الاتفاق على اختيار آلية تعيين أعلى منصبين في السلطة التنفيذية الجديدة، أن السرّاج سيبقى على رأس الحكومة والمجلس الرئاسي الحاليين إلى حين إجراء انتخابات من الصعب أن تجري في ديسمبر من العام القادم كما تقترح البعثة الأممية نظرا لمعارضة الإسلاميين لها.

وتواترت الأنباء خلال الفترة الماضية بشأن انزعاج تركي شديد من زيارات فتحي باشاغا إلى كل من فرنسا ومصر أبرز منافسي تركيا في ليبيا والبحر المتوسط.

وتخشى تركيا في ما يبدو من عقد باشاغا، المحسوب على حزب العدالة والبناء الإخواني، صفقة مع فرنسا ومصر لدعم وصوله إلى رئاسة الحكومة الجديدة مقابل إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وإنهاء طموحاتها في السيطرة على موانئ غرب ليبيا ومساهمة الشركات التركية في إعادة الإعمار التي ستكون من مهمة عقيلة صالح الذي سيتولى منصب رئيس المجلس الرئاسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى