مقالات

صمت تميم

صمت تميم

 

في الأزمات يبرز دور الزعماء، يقودون شعوبهم في أحلك الظروف للتغلب على المصاعب التي تعترض أوطانهم، فهذا دور أي زعيم سياسي، وإلا لما أصبح له من الزعامة شيئاً يستحقه.

في الحالة القطرية يستحق الأمر طرح أسئلة. إذ يستغرب المتابع اختفاء الأمير تميم عن المشهد وعدم وجوده سوى في الصور التي توزع إجباريا على السيارات في شوارع الدوحة.

ما الذي استدعى غياب تميم؟ ولماذا لا يخرج إلى الملأ ليعبر عن رأيه في الأزمة التي تمر بها بلاده؟

ما الذي يمنعه من طمأنة القطريين والرد على تساؤلاتهم؟

هل يستطيع وزير الخارجية أو وزير المالية أو وزير الدولة لشؤون الدفاع تقديم أجوبة حول الأسئلة التي يطرحها المواطن القطري المغلوب على أمره؟

أسئلة كثيرة، قد نجد لها بعض من الإجابات. أهمها أن تميم ليس بالزعيم لقطر، بل كان ولا يزال دوره مجرد واجهة تم استهلاكها في الصور، ولا يمكن لهذه الواجهة الحديث.

ما الذي يمنعه من الحديث وهو أمير البلاد وولي أمرها وعظيمها وسيدها؟ قد يكون ذلك إما لأن والده يمنعه، أو لأنه لا يستطيع الحديث والرد على الأسئلة، لأنه يفتقد القدرة المفوهة أو لأنه لم يصنع الأزمة ليحلها، ولم يفعل سوى طاعة تعليمات والده.

الأمر الآخر، هو أن تميم يريد أن يتفرج. فقد حاول أن يغير الأمور منذ أن وقع عام 2014 على اتفاق الرياض، لكنه لم ينجح بسبب تدخل والده والحرس القديم.

لذا فالصمت من قبله قد يكون احتجاجا على عدم قدرته على إدارة الأمور.

صمت تميم علامة مهمة على سوء الإدارة القطرية. فاستمرار هذا الغياب يؤدي الى غضب عامة قطر. وأيضا، وهو الأهم، أن غالبية سكان قطر وهم أجانب لم يجدوا أجوبة تطمئنهم على أن الأمور طيبة في الدوحة، وهم يراقبون حالة الهلع والخوف والرعب الذي تعتري القطريين من مقبل الأيام مهما صنعت الآلة الإعلامية القطرية التي استعانت بشذاذ الأفاق لتطمين المواطنين لكنها تفشل كل يوم.

حالة الصمت لدى أمير قطر تميم قد لا تعدو كونها حالة إجبارية فرضتها إدارة والده للأمور من ناحية أو غضبه من إهماله في صنع القرار.

كما أن صمته مكن الحمدين، حمد بن خليفة وحمد بن جاسم من العودة إلى الواجهة وإدارة الأمور، وتميم ووالدته ينظرون إلى المشهد غير قادرين على تغييره، لذا فضلا الصمت.

ولا ننسى أن والدة تميم حسب المعلومات تشعر بالأسى من تداعيات الموقف، فقد كانت قبل أيام قليلة من بداية الأزمة تتمتع بإجازة في جده وقضت أياماً سعيدة وروحانية في مكة المكرمة واستمتعت بزيارتها لبيوت حجازية طيبة، وحفاوة أهل جدة المعروفة، وبعد عودتها وهي مسرورة لتشرح لمستقبليها اختراقها الوسط الحجازي، وجدت الشيخة موزة أن الأمور ليست طيبة كما توقعت بل إن حجم عمل زوجها السيء يثير الحزن، وأن السعوديين يكرمون ضيفهم، لكن لا ينسون الإساءة أبداً.

ما يرشح من معلومات من الدوحة أن تميم ووالدته أصبحا في ركن محاصر من قبل الحمدين، لا يملكان القرار أو الأدوات لتغيير الأمور.

لكن هذا لا يعنى أنهما بريئان من المسؤولية، فسلبية تميم أدت ببلاده للقطيعة مع جيرانها، وتحريض موزه حين اقترنت بحمد بن خليفة ومطالبتها إياه بالتفرد بالقرار وبناء شخصية مختلفة لقطر واستلهامها لمفاهيم والدها ناصر المسند الذي قضى حياته في المعارضة بين القومجيين واليساريين الكارهين للخليج أدت بها للتأثير على زوجها وجعله نسخة من والدها.

لقد قادت السيدة موزه زوجها يوما للتقارب مع الاشتراكيين العرب وكانت وفية لشبابها الذي قضته بين بنغازي ودمشق والكويت، وأرادت أن تعوض كل خيبات الزمن الماضي بنجاحات تجعل من زوجها حاكماً للعرب، تارة بالمال وأخرى بالمتدنيين.

وفشلت، فحاولت هذه المرة عبر ابنها المفضل، الذي وضعته في عين العاصفة ليؤدي ذلك الى أن تتم مقاطعتها هي وزوجها وابنها نتيجة لأعمالها.

أين تميم؟…. سؤال مهم يجب أن يجيب عليه بنفسه، أو فلتجب والدته المصونة على سؤال المليون ريال قطري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى