محطات

شعوب الأمازون الأصليون حماة حقيقيون لرئة الأرض

الأمازون موطن لأكبر مساحة من الغابات المتبقية على سطح الأرض، والتي تلعب دورا حيويا في تنظيم المناخ العالمي وتوفير خدمات مناخية أخرى، هذه الغابات تتعرض لخروقات عديدة أهمها القطع العشوائي للأشجار، كما يتعرض سكانها الأصليون للتهميش رغم أنهم الحماة الحقيقيون للحفظ عليها، وبالتالي الحفاظ على التوازن البيئي والمناخي للأرض.

أنقرة – قالت ليلى سلازار لوبيز، المديرة التنفيذية لمنظمة “أمازون ووتش” البيئية، إن الحل الأكثر فعالية لحماية غابات الأمازون التي توصف بأنها الجهاز التنفسي للأرض هو الدفاع عن حقوق شعوبها الأصلية وأراضيهم.

والأمازون موطن لأكبر مساحة من الغابات المطيرة المدارية المتبقية على سطح الأرض.

وتلعب هذه الغابات، التي تبلغ مساحتها ضعف مساحة الهند، دورا حيويا في تنظيم المناخ العالمي وتوفير خدمات أخرى، مثل تنقية المياه وامتصاص الكربون.

وتضم منطقة حوض الأمازون 9 دول هي، البرازيل والإكوادور وفنزويلا وسورينام وبيرو وكولومبيا وبوليفيا وغيانا وغويانا الفرنسية.

وأوضحت لوبيز، أن “حماية غابات الأمازون هو أمر أساسي لاستعادة الاستقرار المناخي، والحل الأكثر فعالية لحماية الأمازون يتمثل في الدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية وأراضيهم من التهديدات المتزايدة، بما في ذلك القطع المتفشي لأشجار الغابات”.

ولفتت إلى وجود علاقة قائمة منذ زمن طويل تربط بين حياة السكان الأصليين وغابات الأمازون المطيرة.

وقالت في هذا الشأن، “منذ الآلاف من السنين، كانت الأمازون موطنا لما لا يقل عن 400 من الشعوب الأصلية من ثمانية بلدان مختلفة في أميركا الجنوبية والتي ترتبط حياتهم ارتباطا جوهريا بالأرض والمياه والأرواح من أجل البقاء اليومي والثقافي. وهذا الارتباط هو الذي يحمي التنوع البيولوجي الغني في الحياة ومناخنا العالمي لجميع أشكال الحياة والأجيال المقبلة”. و”أمازون ووتش” هي منظمة غير ربحية تأسست عام 1996 في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية لحماية الغابات والدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية في حوض الأمازون.

وتشترك مع منظمات بيئية ومحلية في حملات من أجل حقوق الإنسان، ومساءلة الشركات والحفاظ على النظم البيئية للأمازون، وفقا لموقعها على شبكة الإنترنت.

وشددت لوبيز على أهمية دعم حقوق الشعوب الأصلية، قائلة إن هذا ليس “ضرورة أخلاقية” فحسب، بل إنها الطريقة الأكثر فعالية التي يمكن للناس استخدامها لحماية الأمازون والمناخ.

وأضافت، أن “توسيع نطاق الحقوق القانونية لتشمل مجتمعات السكان الأصليين يعد من الناحية الإحصائية أكثر الاستراتيجيات فعالية للحفاظ على قدرة تخزين الكربون للغابات وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والحد من قطع أشجار الغابات”، في إشارة إلى دراسات حديثة أجريت على المنطقة.

وفقا للمنظمة غير الحكومية “إيمازون”، ازدادت إزالة الغابات في الأمازون بنسبة 54 في المئة في يناير 2019 مقارنة بيناير من العام 2018.

وأوضحت لوبيز، أنه نظرا إلى تلك الحالة تولي منظمتها “أمازون ووتش” اهتماما بالغا بالعمل الذي يقوّي أصوات وحركات السكان الأصليين، بالإضافة إلى توفير جميع أنواع الدعم لتعزيز تأثيرها.

كذلك نوّهت مديرة المنظمة إلى أنه رغم الأهمية التي تحظى بها غابات الأمازون وشعوبها الأصليون، إلا أنهم “يعانون من أسوأ اعتداء خلال جيل” من قبل حكومات وشركات تسعى إلى الاستفادة من تخريب “النظم البيئية الأكثر تنوعا من الناحية البيولوجية على هذا الأرض”.

وتشير التقارير الدولية للمناخ إلى أن الشعوب الأصلية تتأثر وتعاني بشكل خاص من تغير المناخ. ويرجع هذا أساسا إلى أنهم يعيشون غالبا في مناطق تتميز بنظم بيئية هشة، تقع في مناطق من العالم لا يمكن الوصول إليها بسهولة.

وللمفارقة، فإن هذه العزلة الطويلة هي التي ساهمت في حماية مناطقهم من التدخلات الخارجية، لكن مع الطلب الكبير على المواد الخام في بداية العصر الصناعي، أصبحت العديد من المناطق ومنها الغابات الاستوائية المطيرة في الأمازون، محط أنظار جهات خارجية.

وترتب على ذلك عواقب وخيمة في بعض الأحيان، ولاسيما بالنسبة لمناطق الغابات التي تعاني من القطع الجائر للأشجار.

إن ما يصل إلى خُمس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميا، تنتج عن إزالة الغابات، وذلك بحسب دراسة أجرتها الجمعية الألمانية للتعاون الدولي.

وتتهم “أمازون ووتش” شركات من أوروبا والولايات المتحدة بتشجيع الجور على الغابات من خلال إقامة علاقات تجارية مع البرازيل، وفق تقارير إعلامية.

وتعدّ إزالة الغابات أحد العوامل الرئيسية وراء ارتفاع حرارة الأرض، حيث تمثل نحو 15 في المئة من الانبعاثات السنوية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، على غرار الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل.

ويقول السكان الأصليون لمناطق الأمازون، إنهم يستغلون الأخشاب لبناء مساكنهم، فيما عدا ذلك، فهم ملتزمون بالحفاظ على الغابات.

وتحمل الشعوب الأصلية معارف وخبرات الأجداد المهمة عن التكيّف مع تغيّر المناخ والكوارث الطبيعية، والتخفيف من آثارهما والحد من مخاطرهما.

يقول هؤلاء أنه يمكنهم الحصول على الغذاء والدواء وأشياء أخرى ضرورية للحياة دون التدخل في الدورة الطبيعية، أي دون قطع الأشجار.

وازداد وعيهم بالحفاظ على البيئة مع برامج الأمم المتحدة والجمعيات الناشطة في المجال البيئي التي تعنى ببعث مشاريع اقتصادية للسكان الأصليين، فالغابات تزخر بالغذاء، يجب فقط أن يعرف المرء الكيفية التي يتبعها للحصول عليه.

وهناك بالفعل عدد كبير من المشاريع الصغيرة التي أنشئت خصيصا من أجل فائدة السكان المحليين، كهنود الساتري-ماوي الذين يسكنون في غابات الأمازون، وهم على سبيل المثال يديرون جمعية لتجارة الأعشاب الطبية مثل الغوارنا وزيت خشب الورد والكرز.

وتشكّل التجارة في ثمار التوت واللحوم والفطر والنباتات الطبية عاملا اقتصاديا هاما للسكان الأصليين.

ناشطون ومزارعون حريصون على حماية الغابات
ناشطون ومزارعون حريصون على حماية الغابات

ويقول خبراء المناخ أن السكان الأصليين للأمازون يمكن أن يحققوا فوائد اقتصادية، دون اللجوء إلى الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية.

وتطرقت لوبيز إلى الاعتداءات التي تتعرض لها الغابات والشعوب الأصلية للأمازون، منتقدة سياسة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بشأن الجوانب الاجتماعية والبيئية للقضية.

وأوضحت في هذا الصدد، “أن فوز السياسي اليميني المتطرف جايير بولسونارو برئاسة البرازيل يؤدي إلى تفاقم الأزمة البيئية وأزمة حقوق الإنسان في البلاد”.

وتابعت لوبيز، “منذ توليه السلطة، قامت حكومته بخفض المعايير الاجتماعية والبيئية الأساسية للحفاظ على السلامة البيئية للأمازون ورفاهية شعوبها”.

إلى جانب ذلك، حمّلت لوبيز شركات أوروبية وشركات من الولايات المتحدة الأميركية جزءا من مسؤولية الإضرار بغابات الأمازون وشعوبها.

وقالت، إن تلك الشركات التي تموّل وتصدر من البرازيل تلعب دورا في إتلاف المشهد الاجتماعي والبيئي لمنطقة الأمازون “ما يجعلنا نحن من يدفع الثمن”.

وأضافت، أنه “في البرازيل وحدها، معدلات قطع الأشجار داخل الغابات التي تحميها المجتمعات المحلية أقل بـ11 مرة من المناطق الأخرى”، محذرة من خطورة الوضع.

وقالت، مشيرة إلى تقرير للأمم المتحدة بشأن التهديدات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي العالمي “من الأمازون إلى القطب الشمالي، تدمر التنمية الصناعية القذرة والجشع البشري النظم البيئية وتضر بالمجتمعات التي تعتمد على الأرض”.

وشددت مديرة المنظمة على أن “بقاء الكائن البشري مرتبط بشكل أساسي بصحة البيئة”.

ولفتت لوبيز إلى أن منظمتها لديها ثلاث أولويات وهي: “وقف تدمير الأمازون”، و“حل مشاكل السكان الأصليين”، فضلا عن “دعم العدالة المناخية” لإيجاد حل مستدام.

وقالت، “منذ أكثر من 20 عامًا حتى الآن، ونحن متضامنون مع شعوب الغابات والأنهار لحماية منازلهم في الغابات، وتعزيز حقوقهم ودعم الحلول المحلية لتغيّر المناخ”.

ونوّهت إلى العمل الذي تجريه منظمتها “أمازون ووتش” من أجل التغلّب على المشاكل التي تواجهها الغابات، وسكانها.

يشار إلى أنه منذ 2001، دُمّر قرابة مليوني هكتار من أراضي غابات الأمازون في بيرو لوحدها، وفق مشروع رصد الأمازون المعني بحماية الغابات.

Thumbnail

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى