أخبارعالمية

سيناريو الحشد الشعبي العراقي يتشكل في أفغانستان

تخفي دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لاستغلال مقاتلي لواء فاطميون من قبل الحكومة الأفغانية لاستتباب الأمن في كابول، مساعي إيرانية للدفع بعناصر الميليشيا الشيعية إلى أفغانستان. ومع نهاية مهمة اللواء في سوريا تقريبا، بدأت خطط توطينه في كابول تتكشف.

طهران – اقترح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على حكومة أفغانستان الاستفادة من لواء فاطميون- الجماعة المسلحة التي شكلتها إيران من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون في إيران للقتال في سوريا- في خطوة تعزز المخاوف من استثمار طهران للوضع الأمني الهش في كابول للدفع بعناصر الميليشيا إلى أفغانستان قبل العمل على دمجهم ضمن القوات الأفغانية على شاكلة ميليشيا الحشد الشعبي في العراق.

وفي مقابلة مع شبكة “طلوع نيوز” الإخبارية الأفغانية، قال ظريف عن لواء فاطميون “هذه هي أفضل القوات التي يمكن للحكومة الأفغانية استخدامها إذا أرادت ذلك” في تلميح إلى حركة طالبان التي تقود حربا ضد الحكومة المركزية في كابول.

وأضاف وزير الخارجية الإيراني متحدثا عن طالبان “بحسب القانون، لم تقم إيران حتى الآن بإزالة طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية”.

وتكشف تصريحات وزير الخارجية الإيراني استعدادا لتخلي طهران عن طالبان، التي تقيم معها علاقات وطيدة، مقابل إدماج مقاتلي لواء فاطميون ضمن الوحدات الأمنية الأفغانية.

ومع انتهاء معظم فصول الحرب في سوريا بعد 9 أعوام، بدأت عناصر لواء فاطميون الذين جرى تجنيدهم من أحياء الشيعة الفقيرة في أفغانستان في العودة، ما يطرح جملة من التساؤلات بشأن مصيرهم وكيفية التعامل معهم.

ويؤكد متابعون للشأن الإيراني أن طهران عازمة على استخدام أعضاء هذه الميليشيات في فرض نفوذها وسياستها في دولهم، عند انتهاء الحرب في سوريا، ما يعني أن الآلاف من الأفغان الموجودين في سوريا، سيشكلون تهديدات كبيرة على الدولة الأفغانية حال عودتهم إليها.

كما توجد احتمالات بنسب متفاوتة حول إمكانية نقل هذه الميليشيات إلى أماكن نزاعات أخرى، أو منحهم الجنسية الإيرانية وتوطينهم هناك.

محمد جواد ظريف: لواء فاطميون هي أفضل القوات التي يمكن لكابول استخدامها

ودعا هؤلاء دول المنطقة إلى التفكير من الآن في ما يجب فعله تجاه عودة تلك الميليشيات الطائفية التي دربتها إيران في سوريا، قبل أن تكون سببا في نشر الفوضى والنزاعات في أراضيها.

ولفت عدد من الخبراء والأكاديميين إلى أن ميليشيات فاطميون تمثل حاليا خطرا كبيرا على الوضع الأمني في أفغانستان، لاسيما بعد اكتسابها خبرة ميدانية خلال السنوات القليلة الماضية في المدن السورية، ومتانة أواصرها بالنظام الحاكم في طهران بشكل عام، وقوات الحرس الثوري بشكل خاص.

وتثير عودة قسم من مقاتلي لواء فاطميون إلى أفغانستان أيضا، مخاوف من التأثير المحتمل لإيران على جارتها الشرقية عن طريق وكلائها، فيما يرجح خبراء وجود مساع إيرانية لاستنساخ سيناريو ميليشيا الحشد الشعبي في العراق.

وميليشيات الحشد الشعبي في العراق هي مجموعات مقاتلة شيعية موالية للنظام في طهران وتتلقى أوامرها منه، قبل أن يتم إضفاء “شرعية” عليها وإدماجها ضمن القوات النظامية العراقية، ما كرس نفوذ طهران داخل الأجهزة الأمنية.

وأسس فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني، لواء فاطميون من قوات أفغانية تسمى “لواء أبوذر”، التي قاتلت خلال الحرب العراقية الإيرانية. وبعد عقدين من الزمان، أرسله إلى سوريا.

وكان وجود نحو ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني على الأراضي الإيرانية، حسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين، لعدد من الأسباب مثل الاحتلال السوفييتي لأفغانستان في الثمانينات، فرصة ذهبية لطهران من أجل تجنيدهم مستغلة ظروفهم الاقتصادية وأوضاعهم غير القانونية؛ إذ يتطلعون لتصحيح أوضاع إقاماتهم.

ويقول فيليب سميث الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن لواء فاطميون هو جزء من استراتيجية إيران طويلة الأمد ولإظهار قدرتها على التلويح بقوة سياسية وعسكرية في قارة آسيا.

ويضيف سميث “كانت الفكرة تقوم على بناء قوة حقيقية من الحرس الثوري تحتشد بالمقاتلين من كل أنحاء العالم. وبالتالي نشرهم في أي نزاع يريد الحرس الثوري الدفاع فيه عن قضيته”.

ويتابع “إيران تريد تقديم لواء فاطميون كقوة شبح مكونة من المئات إن لم يكن الآلاف من المقاتلين المدربين المجربين في الحرب ويمكن أن يشكلوا تهديدا لأي بلد بما فيها الجارة أفغانستان”.

ويقدر الخبراء تعداد مقاتلي لواء فاطميون بأكثر من 15 ألف مقاتل، ناهيك عن عشرات الآلاف من الأفغان الذين كان يقاتلون لفترات محدودة قبل أن يعودوا إلى بلادهم، ومعظمهم من أقلية الهزارة الشيعية، التي تعد من أفقر طبقات الشعب الأفغاني.

وقد عاد نحو 10 آلاف من قدامى محاربي فاطميون إلى بلادهم، حسبما أفاد مسؤول كبير في وزارة الداخلية الأفغانية، كما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن مسؤولين مخاوفهم من إمكانية أن تستغل إيران العائدين، ولكن هذه المرة كـ”جيش سري” لنشر نفوذ طهران وسط النزاعات التي لا تنتهي في أفغانستان.

ويؤكد عبدالقيوم رحيمي، الحاكم السابق لولاية هيرات الأفغانية، أنه لو قررت إيران تبني هذا النهج فسيكون مثالا واضحا عن استخدام طهران قوات مباشرة وغير مباشرة للتأثير على النزاع المستمر منذ 40 عاما في أفغانستان.

ويخشى رحيمي على مستقبل هؤلاء الشباب الذين نشأوا في النزاع داخل بلادهم ثم نقلوا إلى خطوط القتال قائلا “عندما يكون لديك شباب قضوا خمس سنوات وهم يتدربون على القتال فمن الصعب عودتهم إلى الحياة اليومية الطبيعية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى