أخباررياضية

ريال مدريد لم يعد نادي الأحلام للطامحين في المجد الأوروبي

لندن – يمرّ ريال مدريد الإسباني بأزمة حقيقية بدأت أطوراها تتفاعل بأكثر حدة منذ انطلاق جولة الفريق التحضيرية قبل بداية الموسم الجديد الذي ينطلق هذا الشهر. وزادت العديد من الأحداث من إشعال فتيل هذه الأزمة وأظهرتها في مشهد لا يقبل الشك بأن هناك أمورا كثيرة للمراجعة قبل بدء الفريق منافساته في العام الجديد.

وفي تقييمهم للمشهد العام الذي بدا عليه الفريق الإسباني منذ عودة المدرب زين الدين زيدان مع نهاية الموسم الماضي، يرى متابعون أن سفينة الريال ظلت تتابع غرقها في بحر من الانكسارات والأمواج العاتية التي تتهددها بقوة وتدفع بها إلى القاع.

ولعل ما يؤكد هذه النظرة المردود الذي ظهر به الفريق في جولته التحضيرية: مستوى متذبذب، إصابات، تراجع ثقة المدرب في عناصر بعينها في الفريق، والأهم من ذلك خسارة الفريق في أكثر من لقاء ودي آخرها الهزيمة المذلة أمام الغريم التقليدي أتلتيكو مدريد قبل أن يزيد توتنهام الإنكليزي من تعميق جراح الفريق ويفوز عليه 1-0 الثلاثاء الماضي على ملعب “أليانز أرينا” في ميونيخ ضمن كأس “أودي” الودية.

وبالموازاة مع هذه النتائج السلبية، تتركز نظرة المحللين على جانب آخر أهم أسهم في توفير مادة إعلامية، ألا وهو الأجواء المشحونة التي طبعت علاقة المدرب زين الدين زيدان ببعض العناصر التي كانت من ركائز الفريق في الفترة الأولى التي تولى فيها قيادة الميرينغي إلى تحقيق أرقام قياسية.

ويتساءل البعض عن القرارات التي أصبحت تحرك هذا المدرب ويصفونها بالمزاجية، فيما ذهب آخرون حدّ التحذير من التواصل في اعتماد هذا الأسلوب “المنفر” الذي تكون نتائجه عادة، إما بالتفويت في عناصر لا يمكن إيجاد بديل لها وإما بإقالة المدرب، وهو السيناريو الذي يطرحه أشد المتفائلين بحقبة زيدان الجديدة.

وطوال مسيرته كلاعب وصولا إلى توليه مسؤولية تدريب ريال مدريد، اتخذ زيدان العديد من الخيارات المصيرية التي غيرت مسيرته وقلبتها رأسا على عقب في أوقات ذكية جدا لم يكن أحد يتوقعها، ما ميّزه عن الكثير من باقي اللاعبين والرياضيين من جيله.

وفي وقت ما أشاد الكثير من المتابعين بقرار رحيل زيدان من يوفنتوس إلى ريال مدريد عام 2001، كونه كان قرارا ذكيا ومنطقيا جاء في وقت كان ريال مدريد في أوج قوته مع رئيسه فلورنتينو بيريز الذي حضر فريقا من “الغلاكتيكوس” في حينه.

وبالمثل كان قرار زيدان بالاعتزال في وقت وصل فيه مع منتخب بلاده فرنسا إلى نهائي كأس العالم للمرة الثانية في ثماني سنوات قرارا صائبا أيضا. يُضاف إليه قرار تولي مهمة تدريب ريال مدريد وقراره الاستقالة بعد فوزه بدوري أبطال أوروبا ثلاثة مرات على التوالي.

ومع عودة زيدان إلى ريال مدريد في المراحل الأخيرة من الموسم الماضي، طرح الكثير من المتابعين علامات استفهام حول قرار المدرب الفرنسي الذي كان قريبا من تولي مسؤولية إدارية في نادي يوفنتوس بحسب ما تردد من تقارير وأخبار الصحافية حينها.

زيدان الذي لا نعرفه

محللون: زيدان خرج عن أسلوبه المعتاد وبات يغذي سياسة التشظي في الفريق
محللون: ربما أصيب زيدان بآفة الغرور بعد رؤيته لفريق الملكي غارقا بعد رحيله

يرى محللون أن زيدان بدأ فترته الثانية بطريقة سيئة نوعا ما، حيث استمر الفريق بنفس مستواه المتراجع والمتذبذب الذي كان عليه مع سانتياغو سولاري أو حتى جولين لوبيتيغي. واعتبر البعض أن الفرنسي بحاجة إلى الوقت مع فريق يعاني من غيابات كثيرة وفقدان الحافز المعنوي للعودة إلى سالف عادته.

لكن بخلاف التذبذب الحاصل في الفريق وكل التعقيدات التي وجدها زيدان فيه فور عودته إليه في الولاية الجديدة، فإن أمورا أخرى كانت مدعاة للتساؤل والبحث المستمر من قبل المتابعين الذين يرون أن زيدان جاء بوجه آخر مغاير وبصورة أخرى عن تلك التي رسمها عنه محبوه في الولاية الأولى.

وأكدت مصادر صحافية متطابقة أنه فور عودة زيدان بعد بضعة أشهر على رحيله، بدأ المدرب الفرنسي في الظهور بوجه غير مألوف عن الذي اعتادته الجماهير في مؤتمراته الصحافية على مدار ثلاث سنوات سابقة.

وبدأ زيدان في التفوه بتصريحات غير معتادة أبرزها كلماته الحادة عن بايل عقب مباراة الجولة الأخيرة لليغا في الموسم الماضي، حينما سئل عن سر عدم الدفع باللاعب، الذي ظل بديلا حتى نهاية اللقاء، ليجيب “لو كان هناك تبديل رابع لما أشركته أيضا”.

ولم يتوقف مسلسل تصريحات زيدان وتحوله المفاجئ بل عاد إلى مباغتة بايل مؤخرا بالقول إنه يتمنى أن يرحل الويلزي على الفور، قبل أن يفاجئ الجميع بحديثه عن لاعبه الكولومبي جيمس رودريغيز، قائلا “مستقبله لا يشغلني”.

ويؤكد محللون أنه ربما أصيب زيدان بآفة الغرور بعد رؤيته لفريق الملكي غارقا بعد رحيله، قبل أن يتحرك بيريز لإقناعه بالعودة، ما تسبب في شعوره بالنشوة بعدما رأى الجميع أن الفريق انهار دونه بشكل كامل رغم أنّ عودته لم تضف جديدا إلى الآن.

وشكل بايل عنوانا أساسيا لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد تأكيد زيدان، أن الويلزي لا يشكل جزءا من خططه لإعادة بناء الفريق بعد الموسم المخيب الذي عرفه محليا وقاريا. ولم يتصور أحد من المتابعين لأخبار الفريق الإسباني أن تصل العلاقة بين المدرب الفرنسي واللاعب الويليزي إلى نقطة اللاعودة. وبدا التفاعل موجّها من جانب زيدان الذي عمد إلى كسر شوكة هذه الموهبة التي حققت معه ثلاثة ألقاب أوروبية وخصوصا في اللقاء النهائي الأخير لمن لم تخنه الذاكرة عندما قام بايل بتعويض كريستيانو بأحسن طريقة ممكنة وسجل ثنائية في شباك ليفربول.

وانتهى الموسم وبدأ التحضير للموسم المقبل، بعقد الفريق لخمسة تعاقدات على رأسها إيدين هازارد من تشيلسي. ودخل الملكي المرحلة الإعدادية، ولعب مباريات ودية حتى وصل إلى “يوم الكارثة”، أي مباراة أتلتيكو مدريد والتي خسرها بسباعية مقابل ثلاثة أهداف.

وفي تحليل الخبراء لهذا التراجع البادي على الفريق خصوصا في مباراته أمام أتلتيكو، وجه البعض منهم لوما شديدا للمدرب واللاعبين ووقع اتهامهم بالتآمر على ريال مدريد وتاريخه. لكن على الجهة الأخرى يرى محللون أنه منطقيا لا يمكن إلا أن نضع المباراة ضمن إطارها الودي حتى ولو أن أتلتيكو مدريد أخرجها من ذلك وأراد تحقيق انتصار -معنوي على الأقل- على جاره ريال مدريد.

وفي الحقيقة، فإن معظم الفرق تجري اختبارات عدة في المباريات التحضيرية من أجل الدخول إلى الموسم الرسمي بأفضل طريقة ممكنة وهنا ندخل بصلب الموضوع.

ويعتمد زيدان بصورة أساسية في المباريات الودية على “الحرس القديم” مدعم بلاعب جديد هو إيدين هازارد فقط، ويبدأ تبديلاته في الشوط الثاني مع دخول بعض اللاعبين الشبان أو حتى الوافدين الجديد (اثنان منهم تعرض للإصابة).

وهذه الخطوة لا يمكن وضعها سوى في خانة قرار زيدان الواضح بالاعتماد مرة جديدة على حرسه القديم مع بداية الموسم المقبل بالرغم من أن مدة صلاحية هذا الحرس قد انتهت منذ نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ليفربول عام 2018.

من مارسيلو إلى سيرجيو راموس وداني كرفخال، توني كروس ولوكا مودريتش وإيسكو، كريم بنزيمة وغاريث بايل وغيرهم من اللاعبين الذي فقدوا الحافز واللياقة والدافع من أجل تمثيل نادي ريال مدريد. يتساءل متابعون هل الحل في التخلي عن الجميع والتعاقد مع لاعبين جدد؟ منطقيا فإن هذا الأمر غير وارد ولا يدور في مخيلة زيدان ولا حتى الرئيس فلورنتينو بيريز، ولكن على المدرب الفرنسي البدء من مكان أساسي وهو “زرع” روح المنافسة بين اللاعبين من خلال البدء في عملية المداورة وإعطاء العنصر الشاب الدور الأبرز في الفريق.

وعموما لا يمكن لأي فريق الاستمرار بنفس النهج ونمط الفوز بالألقاب من دون إجراء التعاقدات والتعديلات المطلوبة على تشكيلته الأساسية من موسم إلى آخر، وفي هذا المستوى فإن الريال قام بالقسم الأول وهو تدعيم صفوفه وإن كانت هذه التعاقدات لا ترتقي لبعض المتابعين بالنظر إلى قيمة الذين غادروا الفريق أو هم في طريقهم لمغادرته، وعليه فإن الأمر بات موكولا لزيدان للبدء في تطبيق القسم الثاني.

وتوجد في ريال مدريد العديد من المواهب الشابة القادرة على قيادة الفريق بأفضل طريقة ممكنة، وفي كل مرة دخل فيها لاعب شاب نرى أن شيئا ما قد تغير، بدءا بالروح العالية والأداء الذي يجد طريقه في كل مرة إلى التحسن.

ما يجدر لفت الانتباه إليه أن الحكم على الفريق من جولته التحضيرية أمر لا بد من وضعه في خانة التحذير والوقوف على بعض السلبيات بغاية إصلاحها، وكما هو معلوم فقد يُفاجئ الفريق الأبيض العالم مع بداية الموسم بعودة قوية تكذب كل هذه التحليلات والمواقف الانطباعية رغم تأكيدها من أكثر من محلل ومتابع لأخبار الميرينغي.

سيناريو الجماهير على الخط

 الألماني توني كروس يضمن مقعده من جديد داخل الفريق
 الألماني توني كروس يضمن مقعده من جديد داخل الفريق

خلافا للمدرب المتراجعة صورته والرئيس الذي أطنب في الحفر عميقا داخل الفريق بالتدخل وفرض أسلوبه المغالي في الغطرسة و”التسلط”، يرى متابعون أن الجماهير العاشقة لهذا الفريق أخذت على عاتقها مسؤولية تاريخية وبدأت في التحرك قصد التقليل من الصخب الذي يعيشه الفريق في هذه المرحلة.

وانقسمت جماهير ريال مدريد بين مرحب ببعض النجوم من خلال تجديد عقودهم وبين مطالب برحيل بعض الوجوه التي لم يعد مستواها يرقى للمهووسين بالنادي خاصة الصورة التي بدا عليها مع نهاية الموسم الماضي.

وكان الألماني توني كروس لاعب خط وسط الريال على شفا مغادرة قلعة سنتياغو برنابيو، لكنه حصل على تجديد لعقده لمدة أربع سنوات ليضمن مقعده داخل الفريق. ويبدو أن قرار فلورنتينو بيريز، رئيس النادي الملكي، لم يرق إلى مشجعي الفريق وهو ما ظهر بعد أربعة أشهر على عقده الجديد.

وخلال مؤتمر صحافي للإعلان عن تقديم كروس في مايو الماضي تحدث إلى الصحافيين قائلا “إنه يوم مميز بالنسبة لي.. أنا متأكد أننا في السنوات الأربعة المقبلة سوف نحتفل بنجاحات”.

إلا أن ما أسعد النجم الألماني، أغضب مشجعي الملكي الأبيض، حيث أنه وفقا لاستفتاء قامت به صحيفة “ماركا” الإسبانية المقربة جدا من ريال مدريد، فإن أكثر من 71 بالمئة لا يريدون بقاء كروس مع فريقهم المحبوب ويودون رحيله بكل بساطة.

وكان السؤال الذي وضعته الصحيفة في هذا الاستفتاء والذي شارك فيه 195 ألف شخص يدور حول اسم اللاعب الذي لا بد له من الرحيل عن الفريق، فكان الجواب واضحا توني كروس. وإلى جانب كروس وجب التنويه أيضا إلى أن البرازيلي مارسيليو والجناح لوكاس فاسكيز حصلا على ذات النصيب الأول بمعدل 72 بالمئة والثاني 73 بالمئة.

وعلى الجانب الآخر وجهت جماهير الريال رسالة خاصة للكولومبي جيمس رودريغيز، لاعب الفريق فور وصوله للمدينة الرياضية “فالديبيباس” الاثنين الماضي للانضمام إلى تحضيرات الموسم الجديد.

وأظهر مقطع فيديو نشرته صحيفة “ماركا” الإسبانية، استقبال جماهير الميرينغي لجيمس بهتاف “لا تذهب إلى أتلتيكو مدريد”، حيث طالبوه بالبقاء مع الفريق.

موسم آخر للكولومبي جيمس رودريغيز
موسم آخر للكولومبي جيمس رودريغيز

وانضم جيمس إلى تدريبات الفريق بعد نهاية إجازته نظرا لمشاركته مع منتخب بلاده في بطولة كوبا أميركا هذا الصيف وسيستعد للمشاركة في كأس أودي بميونيخ.

وارتبط جيمس بالرحيل عن ريال مدريد خلال الميركاتو الصيفي الجار، في ظل خروجه من حسابات زين الدين زيدان، حيث جذب اهتمام نابولي الإيطالي والجار اللدود أتلتيكو مدريد.

ولم يحسم مصير اللاعب حتى الآن، بينما أفادت تقارير أخيرة بأنه من الممكن الإبقاء عليه مع الريال خاصة بعد إصابة ماركو أسينسيو إلى جانب تخوف النادي الملكي من بيعه للجار المدريدي الذي سيصبح أكثر قوة بوصول نجم بايرن ميونيخ السابق.

هكذا هي صورة الفريق تختزل تحولا جذريا يسير نحوه ريال مدريد قبل انطلاق موسم شاق ينتظره مديره الفني الذي سيكون مطالبا بفعل الكثير، أولا لإنقاذ صورته التي باتت تحت ركام من الانتقادات الموجهة، وثانيا لمحي الصورة البالية التي ظهر بها أفضل ناد أوروبي في المواسم الثلاثة الماضية قبل أن يأخذ طريقه نحو الانحدار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى