الأخبار

رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة الخروج من المأزق الذي أوقع نفسه فيه

تونس – يحاول رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة الخروج من المأزق الذي أوقع نفسه فيه عندما هاجم تونس واتهمها بتصدير الإرهاب في تصريحات وصفت بـ”المتهورة”، خاصة وأن تصريحات الدبيبة جاءت بناء على تسريبات إعلامية وليس بناء على موقف تونسي رسمي.

وأعلن الدبيبة أنه سيزور تونس اليوم الخميس وسيلتقي الرئيس قيس سعيد، دون أي إعلان مسبق عن الزيارة، في خطوة اعتبر مراقبون أن الهدف منها تبديد التوتر الذي خرج إلى العلن خلال الأيام الماضية.

وكان الدبيبة سعى في تصريحات سابقة للتبرؤ من التصريحات التي نسبت إليه، لكن تونس لم تتفاعل مع هذا التبرؤ على لسان أي مسؤول بارز، ما يظهر أن الموقف الرسمي لم يتغير تجاه الإساءات التي طالت البلاد، كما أنها لم تغير موقفها بشأن المخاوف من التقارير التي حذرت من تسلل مجموعات إرهابية لدعم جهة على حساب أخرى في الخلاف الدستوري الدائر بتونس.

وقال الدبيبة الأربعاء، مخاطبا البرلمان المتمركز في شرق البلاد، إن الاتهامات مصدرها أجهزة الأمن التونسية والليبية.

وأضاف أنه لا يتهم دولة تونس وأنهم في ليبيا يردون على أي اتهام. وذكر أنه سيتناول الغداء مع الرئيس التونسي اليوم الخميس.

ويعتقد المراقبون أن التغيير في خطاب الدبيبة غير ناجم عن مراجعة موقف أو الاعتراف بالخطأ، وإنما جاء بعد اكتشاف أن الرئيس التونسي ليس رجلا سهلا ولا يمكن الضغط عليه ودفعه إلى التراجع عن خطوات كان قطعها، سواء أكانت تصب في مصلحة رئيس حكومة الوحدة الليبية أم لفائدة حلفائه الأتراك أم تخدم مصلحة الذين يدعمونهم في تونس ويحاولون تخفيف الضغوط عنهم.

ويشير المراقبون إلى أن تكرار الاعتذار المقنّع وعرض زيارة تونس في مرة أولى ثم تأجيلها دون ذكر الأسباب، وفي مرة ثانية الإقدام على زيارة دون دعوة رسمية، يُظهر أن الدبيبة مضطر إلى القيام بمحاولة التهدئة مع تونس خاصة بعد أن اكتشف أن إجراءات الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو كانت مسنودة من دول مؤثرة لم تكن مستعدة لترْك تونس تسير نحو المجهول.

ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون تحرك الدبيبة، الذي هدف في البداية إلى الضغط على قيس سعيد، موجها من تركيا التي تريد إظهار قوتها بدفع حكومة الوحدة في طرابلس إلى تهديد تونس بورقة الاقتصاد ووقف توجه الشركات والعمالة إلى السوق الليبية، لكن يبدو أن تلك الحسابات لم تكن دقيقة.

كما لم يستبعدوا أن يكون إسلاميو تونس وراء هذا التوتير على أمل أن يدفعوا قيس سعيد إلى مراجعة إجراءاته والتراجع خطوات مثل القبول بعودة البرلمان بأي شكل من الأشكال، معتقدين أن ورقة إغلاق الحدود مع ليبيا يمكن أن تغضب الشارع وتجعله ينقلب على الرئيس سعيد.

Thumbnail
وكانت تصريحات نسبت إلى الدبيبة نهاية أغسطس الماضي أثارت غضبا واسعا في تونس، ودفعت إلى طلب زيارة تونس ثم إرسال وفد بقيادة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.

وقال “لن نقبل باتهامنا بالإرهاب.. أنتم من جلبتم إلينا الإرهابيين وحاسبوا أنفسكم قبل الاتهام. نحن شعب حرّ ولا يمكن أن نقبل اتهامنا بالإرهاب وأنتم حاسبوا أنفسكم يا من تتهموننا بالإرهاب”.

وبعد ثلاثة أيام عاد الدبيبة ليغير موقفه في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر وقال فيها إن “ما ورد من ادعاءات مغلوطة بشأن الأوضاع الأمنية بين البلدين لن يؤثر في عمق العلاقة الأخوية، وسنظل شعبا واحدا في بلدين”.

وأضاف “تعاني أوطاننا مشكلة الإرهاب، وتونس الشقيقة ليست استثناء”.

وعبّر وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي خلال لقاء جمعه بنظيرته الليبية في الجزائر الاثنين عن رفض بلاده تصريحات رئيس الحكومة الليبية بشأن مصدر الإرهاب وعن استغراب تونس تلك التصريحات.

وقال الجرندي إن تونس “مستهدفة بدورها بالإرهاب، ولا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال قاعدة لتصديره أو مصدرا لتسلل الجماعات الإرهابية إلى ليبيا”.

وأضاف أن تصريحات الدبيبة “مجانبة للحقيقة، لاسيما في هذا الوقت بالذات الذي تعمل فيه بلادنا جاهدة للإسهام الناجع في استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا وفي دول المنطقة، وهي كذلك الصوت المدافع عن ليبيا في المحافل الإقليمية والدولية وخاصة في مجلس الأمن”.

وكانت وسائل إعلام تونسية وعربية قد تناقلت تقارير إخبارية مفادها اعتزام نحو مئة عنصر إرهابي في القاعدة الجوية الوطية التي تسيطر عليها تركيا التسلل إلى تونس لتنفيذ عملية إرهابية، وهو أمر أخذته السلطات التونسية على محمل الجد.

كما شددت تونس إجراءاتها الأمنية والعسكرية على حدودها مع ليبيا وأغلقتها بشكل تام تزامنًا مع تلك التقارير وكذلك حديث الرئيس سعيّد عن وجود مخططات للاغتيال والقتل والدماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى