بغداد – برز مجدّدا طغيان المزاجية وتصفية الحسابات الشخصية والحزبية على العمل الحكومي في العراق وافتقاره للاستمرارية وخضوعه لحسابات خارجية، وذلك من خلال السجال المتصاعد بشأن إلغاء حكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي لعدد من القرارات كانت قد اتّخذتها حكومة سلفه حيدر العبادي أشهرا قبل انتهاء مهامها.
وبرّرت حكومة عبدالمهدي إلغاء تلك القرارات الصادرة عن حكومة العبادي بين بداية يوليو ولغاية أواخر أكتوبر الماضيين، بأنّها غير “أصولية وغير قانونية”، معتبرة أن الحكومة التي اتخذتها كانت حكومة تصريف أعمال.
لكنّ دوائر سياسية عراقية رأت في إلغاء تلك القرارات سمات “انتقام” من رئيس الوزراء السابق بدفع من خصومه السياسيين من كبار قادة الأحزاب والميليشيات الشيعية، الذين واجههم خلال انتخابات مايو الماضي وبعدها، واختار التحالف مع خصمهم الألدّ مقتدى الصدر.
غير أنّ المسألة تتجاوز في نظر البعض مجرّد الانتقام، إلى السعي إلى تحجيم دور العبادي ومحو آثاره وتغييب بصمته، حتى لا يكون له دور مستقبلي في السياسة العراقية كونه لم يكن خلال فترة قيادته للحكومة موضع ثقة كاملة لدى إيران التي تصنّفه ضمن المعسكر الأميركي المنافس لها في العراق.
وكان العبادي من أبرز المرشّحين لخلافة نفسه على رأس الحكومة إثر الانتخابات التي جرت في مايو الماضي، مستندا إلى أبرز إنجاز حقّقه خلال ولايته متمثّلا بترميم القوات المسلّحة التي تركها سلفه نوري المالكي شبه منهارة، وقيادة الحرب على تنظيم داعش والتي انتهت بهزيمة عسكرية للتنظيم أنهت سيطرته على ما يقارب ثلث مساحة العراق.
لكنّ ترشيحه اصطدم باعتراض واضح من كبار حلفاء إيران في العراق وعلى رأسهم هادي العامري زعيم منظمة بدر، ونوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب الدعوة الإسلامية، وقيس الخزعلي قائد ميليشيا عصائب أهل الحق.
وقال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي الأسبق الذي تولّى أيضا منصب وزير للمالية في حكومة العبادي، إنّ الأخير “يؤكّد أن إيران حرمته من ولاية ثانية رغم الجهود الأميركية”، مضيفا في تغريدة على تويتر “الأميركيون لم يكونوا عمليين بما فيه الكفاية”.